لا تسأل عن هذه الأيام الدموية نص : متين فندقجي..ترجمة: عبد القادر عبد الله
الشاعر التركي متين فندقجي
ولد الشاعر متين فندقجي في مدينة ماردين عام 1961. وبعد أن أنهى تعليمه الأول والمتوسط في ماردين، هاجر مع أسرته إلى أنقرة. درس الثانوية هناك، عمل موظفاً في البداية، ثم مترجماً في شركة تجارية، ثم خرج إلى التقاعد. وهو يكتب الشعر ويترجم، ومقيم في إسطنبول.
بدأ كتابة الشعر في عام 1980. وبالتوازي مع هذا بدأ بترجمة الشعر العربي، لتقديمه للقارئ التركي. ونشر أشعاره وترجماته الشعرية في كثير من المجلات الأدبية الكبرى. أكثر الشعراء العرب الذين اهتم بهم: أدونيس، نزار قباني، نازك الملائكة.
لديه خمس مجموعات شعرية هي: «أخبار- 1992»، «قلبي تحت الماء ـ 1996» «مسافة القرنفل- 2001»، «منسي- 2004»، «سترة من صحراء ـ 2006»..
ترجم عدداً من المجموعات الشعرية من العربية إلى التركية، منها: «أدونيس» ـ أشعار مختارة (ثلاث مجموعات)، «محمود درويش» (ثلاث مجموعات شعرية)، «نزار قباني».
كما ترجم أعمالاً لكل من غادة السمان، وحنان عواد، وعائشة بصري، وأعد كتاباً بعنوان: «مختارات من الشعر العربي»..
* * *
من قصائده الرائعة
أمامي ميناء الفرات المرتحل،
وفي هذا الخليج الصغير الذي ذهب إليه البرابرة
ألقي مرساتي.
التف دجلة «بشاله الأحمر»
وفي رقبته عقد من أحجار ميناء الزمان
بقيت من لعبة نهب.
أفتح وجهي على حريق خشب ساحة الفردوس
أجساد كهرمان تتدفق من تحت الجسر
عودك مكسور، وصوته الحزين
يترك جسدي لليلة «ورقة».
أقطع خان مرجان، أور، أوروك
تغط قدماي بالدم
يمضي التاريخ في مهد بابل الصغير
الليل فراش من حبل غليظ.
يا ما بين السماء والأرض.
يا من أنت قفل ومفتاح في آن
يا حبيبة تعلن الحداد من آلاف السنين
الشمس تشرق على حجرك، وتغيب منه
على حجرك يكتمل قوس رسمه خروف وعنكبوت
على حجرك ينتظر الزيتون و ظل حملك الطويل شمسهما.
طوفان من جهة،
وسجدة من جهة
تفسخ لحم الزمان
وقميصك مبتل بالدم.
تيلمون، لاغيش، غيرصور
أشعر بموت آخر في حضني، وحلم قديم.
أشعر بموت آخر في حضني إلا حلماً
أشعر بدم آخر في فراشي، ويتفسخ ماء
أشعر بمرآة أخرى على وجهها قناع ماء فضة
أشعر بك مرة أخرى، ويُقذف القمر إلى الليل
* * *
مرة أخرى،
لا تسأل عن هذه الأيام الدموية وليس من العشق.
لا تسأل عن هذه الحضارة المزالة وليس من الظلام.
لا تسأل عن هذه الباحة المقصوفة، وليس من السرعة.
لا تسأل عن جذور التين والزقوم هذه، وليست من الماء.
لا تسأل عن هذه الجغرافية التي تزرع فيها الطلقات.
لا تسأل عن هذا الموت الذي يطوف من الشمال إلى الجنوب.
التاريخ المختبئ في شق عميق
الواصل بالنواح والصياح
وكل ما دونت ملاحظته للغد، لا تسأل عنه.
لا تسأل عن الأجساد «الذائبة في أكفان الحروف»
لا تسأل عن الجسد الذي لا تجده لتدفنه
من بغداد إلى بابل
لا تسأل عن «الأنبياء الذين ولدوا مع الموت»
وعن الماء الذي أغسل فيه يدي ورجلي،
وأتطهر به.
من بغداد إلى بابل
عرفنا الرمل الذي سيخرج من حليب الأم وعين الطفل
عرفنا فراش الفلوجة ليلة نمنا
لا تسأل
من بغداد إلى بابل
عرفنا الرؤوس المحمولة على رؤوس الرماح
مما تبقى من الأزمنة الغابرة
والدم الممزوج بالنفط
ـــــــــــــــ
هامش:
* عن مجلة الآداب العالمية... تصدر عن اتحاد الكتاب العرب دمشق..العدد133 شتاء 2008م. ترجمة أ.عبدالقادر عبد الله\