إليك ليلى بن صافي الحبيبة
اليوم يا صديقتي اعتراني الشّعور برحيل الخريف عندما كنت أتعهّد أصص الحبق بحديقة بيتي..
فتذكّرت أنّنا تبادلنا نصوصا هنا حول وقر الخريف في النّفس...
ولا أخفيك فكم تعبت هذه السّنة من الخريف على غير ما اعتدت...
ربما كانت نفسي في انقباضها وما يعتريها قد هيّأت أسباب هذا....
لمحت يا ليلى هذا الصّباح السّماء مدلهمّة مثقّلة بغيوم دكناء
والبرد الشّديد يسرّب الى جسمي لسعاته..
وصفير الرّياح يدمّر أعصابي حتّى لم أعد أميّز ...
حاولت أن الملم نفسي وما تبعثر منّي حتّى أعرف اليوم والشّهر...
فتحت نافذة شرفتي فسمعت شقشقة الماء فالماء مزراب ومطر الشّتاء فوق السّطوح تنهمر سيولا..
مطر وأمطار تنذر بالهطول وسحاب ثقيل كثيف و الهموم أكثف
والقلب ثقيل ونبض الفرح ضنين وعواصف الشّتاء مقبلة لتزيد النّفس انقباضا
.وإنّي لأشمّ رائحة الأرض والبرق يومض...و اللّيل ينزل علينا باردا كجثّة
فالشتاء حلّ يا ليلى مع شيئ من الشّجن....
وشجر الحديقة لم يعد محمّلا بالأصفر
والخريف رحل وكم تأسّفت لرحيله ....
فهناك مرحلة في الخريف تشبهنا ...
و الفرق أنّ الخريف يمضي ليعود أمّا نحن فعندما يأتي خريف العمر لا يرحل إلا ويأخذ عمرنا معه .....
فالخريف لوحة من خزف
وريقات تطير على أكمامِ الأرصفة.....
تمنحُ العمر مواعيد شتاء سيأتي ....
وها قد حلّ الشّتاء بيننا يا ليلى فما أحوجنا لوهيج محبّة تلهب قلوبنا وتبعث فيها نفحة من الحياة...
فتذكري يا ليلى أن تضمّي معطفك جيّدا على صدرك حتى اذا هبّت عليك ريح باردة لا تصيبك بصقيعها وتذكري أنّي اشتقتك هنا والغياب ما فتئ يوزّعني في كلّ الإتّجاهات التي تشتهيني ولا أشتهيها ......
كوني بخير يا صديقتي فقد عنّ لي أن أكتب لك هذا النّص لأعلمك برحيل الخريف .....ولم يبق مكان في القلب لأرسم قرص شمس وهّاجة كما أحبّ
فكوني شمسنا التي لا تغيب يا ليلى