الأخُ الصغير
ذات مساءٍ قَبلَ أن تبدأ الأُسرةُ في تناولِ العشاءِ، سمعتْ سمية صوتاً غريباً ينبعِثُ مِن الخارِجِ، فسارعت إلى فَتحِ بابِ الدارِ لِتتحرى عن مصدرِ الصوتِ.. أولَ ما لَفَتَ إنتِباهُها عنزةٌ تتخبطُ بأقدامِها التي علِقت في كومةِ قشٍ، تذكرت سُمية بأنها نسيت أن تُكنس أَمام المنزل لإنشغالها بترتيبِ مَلابِس فصل الشتاء هذا الصباح فقد بدأت تشعرُ بالبرودة تتسللُ إلى جسدها النحيل أثناء ذهابِها إلى المدرسةِ! لكن ما إن تقدمت لتُخلِص العنزة من كومة القش التي علقت بها، حتى شعرت بشيءٍ ناعمٍ يتحرك تحت يدها، إبتعدت شاخِصة ، وهي تصيحُ أفعى .. أفعى..
سمع الأخُ الصغير صوت سمية وهي تصرخ طالِبةً النجدة.. ركض نحو الباب الذي كان قد أُغلِقَ، وقبل أن يفتحُهُ تناول عُكاز والدهِ الذي تركهُ خلف باب الدار لدى عودتهِ عصر ذلك اليوم.. كان صوتُ سمية قد بدأ بالإنخفاض.. فتح عدنان الباب وإنهال دون تفكيرٍ على رأس الأفعى الذي تصدع ضرباً، في هذه الأثناء تمكنت العنزة مِن الركض بعيداً، بينما وقعت سُمية في مكانها دون حِراكٍ!
حملَ الأخُ الصغيرُ أُختهُ سمية، التي كانت قد بدأت بإستعادة وعيها، ودخل بها المنزل..
اقتربت والدة سمية مِن ولديها ومشاعِرُ الطمأنينة تملأُ قلبها .. لقد شعرت بأن ابنها عدنان أصبح رجُلاً و يُمكن الاِعتمادُ عليهِ..لقد تمكن مِن تخليص أُختهِ مِن موت مُحتم، وقضى على الأفعى بشجاعةٍ وإقدام.. وسُمية أيضاً كان عليها أن تنتبه إلى مدخل المنزل، لاسيما وأن الطقس بدأ يميل إلى البرودة، ويجب الحذر مِن اِقتراب الزواحف إلى المنازل الريفية، التي تقع وسط الطبيعة المليئة بها..
بدأ الليل بالهبوط تدريجياً، كانت عائلة سُمية قد أنهت طقوسها المسائية مِن تناول العشاء، والاستمتاع ببرامج السهرة التلفزيونية، والتواصل عبر وسائل التواصل الإجتماعية، التي كانت مساحة مناسبة لعدنان، لِيُحدِث رفاقهُ عن الأفعى التي ضربها، ونجدة أُختهُ الكبيرة سمية التي شكرتهُ على موقفهِ النبيل مِنها..