إن الطفل بحاجة إلى التواصل الاجتماعي, وبالفطرة فهو يميل لمن هم في سنه ويبني علاقته معهم, أما من خلال اللعب, أو المدرسة, أو بحكم التجاور بين أهل ذوي الطفلين المتواصلين, ولكي تنمو هذه النزعة الاجتماعية, وحتى يصبح الطفل ناجحاً اجتماعياً فان على الأهل أن يشجعوه على ذلك وبمراقبة لا يشعر بها الطفل. أن منح الطفل الحرية قد يبدأ من العام الثاني من عمره فلا ضير من السماح له بمخالطة من هو في سنه من الأطفال.. فللأطفال لغتهم المشتركة.. ولهم اهتمامهم المشترك, وبمرور سنوات العمر, فان الطفل يبقى بحاجة بل وتزداد حاجته للتواصل الاجتماعي مع من هم في سنه.. فبعد الاختلاط الذي وفرته له الأم في المنزل أو منزل الطفل الآخر, فانه وبمرور العمر حينما يصل لسن المدرسة واللعب يصبح أكثر حاجته للعلاقة الاجتماعية مع غيره من الصبيان.. وهنا يمكن اعتبار هذه المرحلة - مرحلة حساسة لان فيها يبدأ الطفل بتشكيل القناعات الشخصية, وفي هذه المرحلة يجب على الأسرة أن تبقي طفلها تحت نظرها من حيث حسن اختياره للرفيق, ومعرفة الاهتمامات والرغبات المشتركة بينه وبين رفيقه.. وان يكون ذلك الرفيق من الأطفال النجباء ذوي السمعة الدراسية الجيدة.
وينصح مختصو التربية والاجتماع بان يكون الطفل الآخر متمتعاً بأخلاق وعادات جيدة, وان يكون مهتماً بدروسه.. ففي هذه الحالة فان العلاقة الاجتماعية مع طفلهم ستكون ذات مردود ايجابي من حيث العادات الاجتماعية والمسلكية والتحصيل الدراسي.
أن الإنسان صغيراً وكبيراً هو اجتماعي بطبعه فلا يستطيع أن يعيش معزولاً عن الغير, من هنا فان للطفل حق في اختيار من يشاء من الرفاق, وينصح المختصون الاجتماعيون أيضاً بان لا يتعرض الطفل لتغيير متكرر في السكن أو المدرسة وفي حال اضطرت أسرة الطفل إلى تغيير المسكن وبالتالي تغيير المدرسة, فان الطفل هنا سيفقد صديقه الذي اعتاد عليه واللعب الذي أحبه والمدرسة التي انسجم فيها مع رفاقه وهنا سيكون دور الأسرة مهماً بشرح أسباب هذا التغيير لطفلهم وان مصلحة العائلة كلها اقتضى ذلك التغيير, ويجب توفير الفرصة للطفل باختيار أصدقاء جدد, وان نساعده على التأقلم مع المدرسة الجديدة, وان نسمح له بزيارة أصدقائه أو صديقه الجديد, على أن يكون التزاور متبادلا, وان يكون الاهتمام المدرسي مشتركاً مع الرفيق الجديد.
أن تنمية الروح الاجتماعية لدى الطفل تنمو وتتعزز بالطرق التالية:
1- التزاور بين الأهل وجيرانهم يتيح جواً آمناً لعلاقة الأطفال.
2- اصطحاب الطفل في زيارات الأهل والأقارب والأصدقاء يعزز من قدرته على بناء علاقات اجتماعية جيدة مع الأطفال الآخرين.
3- إشراك الطفل في برامج المدرسة الاجتماعية بالتنسيق مع المدرس أو المدرسة، وإفساح المجال لهذا الطفل بان تكون مشاركته بناءة ليشعر بسعادته بها ويشعر بدوره وحضوره فيها.
4- تهيئة الجو المناسب والمحبب للطفل لاستقبال أصدقائه واحترامهم حتى يشعر بالاعتزاز الذي سيعزز لديه بناء العلاقة الاجتماعية اللائقة.
5- إفساح المجال للطفل بالمشاركة بالرحلات سواء على مستوى الرحلات العائلية بين أهله والجيران أو على مستوى الرحلات المدرسية.
6- السماح للطفل بالاشتراك في النادي الاجتماعي المناسب الذي يختاره أو تختاره العائلة له . ففي النادي تتسع مدارك الطفل الاجتماعية وتتعزز لديه روح الجماعة.
أن البناء الاجتماعي السليم للطفل يخلق منه كائنا اجتماعيا في صباه وشبابه، فستكون المدرسة الثانوية، والجامعة فيما بعد.. ستكونان مكانا لا يشعر فيه الصبي أو الشاب بالغربة.. فعلى رصيده الاجتماعي السابق سيعتمد، وسيكون سهلاً عليه التعامل مع الطلبة في المرحلة الثانوية والجامعية فالبناء الاجتماعي الجيد والكافي في الطفولة سيمكن هذا الطفل أو ذاك من التأقلم السريع والسلس مع أترابه الكبار ومع معطيات مرحلة الشباب التي وصل إليها.
هاشم سلامة