( إيثار في صورة تلفازية)
أيقن وهو في طريقه للمكان الذي يلتقي فيه دوما بحبيبته , إن هنالك في الأفق صيفا قائظا , بعد أن لاحظ الأشجار المحيطة بالمكان تفتقر للظل رغم تزينها بحلة الربيع،هناك في ذلك المكان المتخم بالرومانسيات،غاص بأحلام طويلة ولذيذة لم يصحو منها إلا بعد أن تأكد من تأخرها ، قرر أن يمنح لنفسه ولها بعض الوقت عسى أن تأتي ، فقد أكدت بأنها قادمة لا ريب ، ظل كذلك حتى انحدرت الشمس نحو الغروب ، بإحباط واسع أيقن أن لا فائدة من الانتظار ، وحينما هم بمغادرة المكان أحس بأن شيئا ما كان يشد قدميه بالأرض ، حاول أن يرفعها بقوة لكنها كانت تزداد تمسكا بالمكان من خلال أشياء يجهلها ، أشياء تحسسها فأدرك بأنها تمتد من بواطن قدميه وتنغرس بهدوء في الأرض ، حدة توتره تزداد تدريجيا حتى تفجرت صراخا واستنجاد عسى أن يسمعه أحد ما ، لكن هذا المكان لا يرتاده أحد خصوصا في مثل هذا الوقت ، كان المكان خاو إلا من روحه وروح الرب والأشياء الصامتة التي تحيط به ، رفع ذراعيه ليدعو الرب عسى أن ينقذه من هذه المحنة الثقيلة ، وعندما أكمل الدعاء لم يستطع أن يعيد ذراعيه إلى وضعهما السابق وظلتا معلقتان نحو السماء ، تأكد مع نزول الليل أن لا مفر من محنة القيد التي غاص بها ، حاول أن يهشم التوتر الذي بات يعصف في كل جزيئاته ، فكر بها وبأهله وبأصدقائه ، وكذلك فكر في كيفية الحصول على الطعام ، وما أثار عجبه هو مرور ساعات الليل الطويلة دون أن يشعر خلالها بالعطش أو الجوع ، حاول أن يتحسس روحيا ما كان يحدث في نقطة التصاق قدميه بالأرض ، غاص بالتأمل فشعر بأنه يعوم في نشوة التغذية والماء ، أشياء لذيذة كانت تتسلق من باطن الأرض وتنساب كدبيب النمل لتقتحم جسده من خلال قدميه وشرايينه ليمتلئ جسمه ماءا عذبا وطعاما أنساه كل تلك المأساة فراح في إغفاءة حتى الصباح ، استيقظ على زقزقة العصافير ، كان مغمض العينين يحمد الرب الذي أيقظه من كابوس الليل الذي عصف به حتى الصباح ، وعندما فتح عينيه لم ير غير خضرة الأوراق التي غطت ناظريه تماما ، وكانت العصافير تتقافز وتمرح عليه دون حذر أو خوف ، حدق للمكان ثم إلى نفسه فاهتز رعبا حين وجد جسده قد تحول إلى جذع شجرة عملاقة ، حزن كثيرا في أيام تحوله الأولى , لكنه أخيرا اعتاد على وضعه الجديد ، بل صار فرحا وفخورا حينما صار مكانا للقاء العاشقين الذين يؤنسوه بأحاديثهم وأغانيهم ، يأنس حتى بوحشيتهم حين يكتبون على جسده ذكرياتهم وأسمائهم دون أن يلاحظون خيوط الدم التي خلفتها خربشاتهم وهم غارقون في سكرة الحب ، صار متسامحا معهم ، متسامحا حتى مع حبيبته التي جاءت مع رجل جديد ، في حينها اهتز غضبا ، توسل بالريح عسى أن تساعده بقوتها فيهوي عليهما ويسحقهما تماما ، ولكنه حين حدق لظلال الأشجار المحيطة به , أيقن بأنه لا يملك إلا أن يمنحهما الظل.
ببسالة عاشق يضع مشتاق عبدالهادي لمساته على جسد القص
يثير كل مجساته ، ويداعب المشاعر بأناقة فذة
ومن بريق عين الفكرة يخلق جواً رومانتيكياً
فيجهض أية محاولة للتملص
شكراً أيها الجميــــــــل