تأملات
====
الشاعر الجاهلى قال على السليقة:
ألا كل شيئٍ ما خلا الله باطل _ وكل نعيمٍ لا محالة زائل
لماذا كل شيئ ما خلا الله باطل؟ هل تدرى ماذا كان يدور في خلد الشاعر حينما قال هذا القول؟
إنه كان يقصد "ألا كل شيئ ما خلا الله مستحدث" . بمعنى أن الله وحده هو القديم . حتى الزمكان مستحدث . هل تدرى أن وجود الزمان والمكان هو ما يسبب الكفر والإلحاد لغير المؤمنين؟
إحساس الشاعر الجاهلى كان أقوى من فيزياء نيوتن واينشتاين .
وأعمق من فلسفة الفلاسفة . من ضمن مخلوقات الله الزمكان . لكى تفهم الله سبحانه وتعالى يجب تجريده من الزمكان . وإلا فإن الأخير سيظل يشوش عليك أفكارك .
العقل يحيط بشيئٍ أصغر منه . كما يحيط أي سور بمساحةٍ أقل منه . إذا فكرت في مسألةٍ رياضية وبعد جهدٍ ذهنى توصلت بخطواتٍ صحيحة إلى الحل فعقلك قد احتوى على المسألة وأحاط بها فصارت داخل نطاق عقلك . وماذا إذا لم تفهم نظريةً فيزيائيةً معقدة؟ معنى ذلك أن تلك النظرية أكبر من عقلك . وليس في الإمكان إدخال شيئ داخل حيزٍ أصغر منه . إذا فكرت فى الله خالق الكون فسترى بعين عقلك إلهاً واحدا مع مخلوقٍ فى القطب الشمالى وهو هو مع مخلوقٍ فى القطب الجنوبى . ويرعى شؤونك وأنت فى شرق الكرة الأرضية وهو هو فى نفس اللحظة يرعى شؤون إنسانٍ آخر فى غرب الكرة الأرضية..وبذات الطريقة يرعى شؤون كل الكائنات الحية فى نفس اللحظة فى مشارق الأرض ومغاربها . فوق الأرض وتحت الأرض وفى أعماق المحيطات...إلخ إلخ إلخ . إذن صارت المسألة أكبر بملايين المرات من عقلى . فكيف يحيط بها عقلى الصغير ؟؟! إذن يا سادة يا كرام الإيمان بالله يتم بوسيلة غير العقل . لا نُنكر دور العقل فهو الذى يجمّع شتى المعلومات المرئية والمسموعة ويغذى بها ذلك الجزء من الإنسان الذى يقودك إلى الإيمان بالله الخالق جل وعلا .