الجوع.. وليد الحضارة الحديثة! كل يوم يزداد عدد الجياع في العالم.. عملا بشرعة الأمم المتحدة، وحق الإنسان في الموت جوعا! ***** كلبةُ السَّيِّدةِ الحسناء.. تغفو في فراشٍ من حريرْ وعليها يُسفح "البارفان".. من أغلى العطورْ والقلادهْ.. حُمرة الياقوت فيها من عناوين السعادهْ تنحني فوق الوسادهْ وبها يزهو السريرْ ***** صرخات الجوع.. أنياب المنيَّهَْ تملأ الآفاق.. تجتاح البريَّهْ ورقاب الجائعينْ وبطون الجائعينْ.. حطبٌ يبَّسهُ حرُّ المجاعهْ فتكسَّرْ.. وتبعثرْ.. كلَّ يومٍ.. كلَّ ساعهْ ***** وشرايينُ الجياعْ لوحة ٌ زرقاء من أسمى الروائعْ رسمتها يد "بيكاسو".. بعنوانِ "الضياعْ" ***** وحلوق الأمَّهاتْ مثل تنُّورٍ.. خبا فيه اللَّهبْ لمْ تعدْ رائحة الخبزِ.. وغيمات الدُّخانْ.. وزغاريدُ الحطبْ تملأ الحيَّ بأنفاس الحياهْ أهملتهُ.. بصقتْ فيه الحضارهْ ورمتهُ في وجوه الجائعينْ.. بعد أن كان لعامٍٍ.. أو سنينْ.. عملاً.. يحتلُّ في الفجر الصدارهْ ***** عالمٌ حرٌّ يبيع الأرغفهْ وبقايا المائدهْ تحت آلاف الشُّروط المجحفهْ لجموعٍ زاحفهْ همُّها حبَّة قمحٍ.. وأمانيها رغيفْ وهي في استجدائها القوتَ القليلْ.. من فتات الخير والرَّزق الكثيرْ تتطاولْ.. وبخوفٍ تتساءلْ: أين ما يدعونهُ "حقُّّ الحياةْ"؟! أين تقرير المصيرْ؟! ***** *** * القاهرة- 11/11/1974 نبيه محمود السعديّ