الإيقاع في مفهومه الفني مبدأ وجداني يقوم في النفس و يصدر عنها، و هو توفيق بين نزعتين متناقضتين: الثقل والخفة، أساسه الحركة التي يوجهها كل من النظام و التناسب الدوري.
الخاصية الجوهرية في قصيد (الشاعرة سلوى) بأنّ الإيقاع ليس مفروضا من الخارج وهو تنظيم لأصوات اللغة بحيث تتوالى في نمط زمني محدد في جملة (يجمعُنا دمُ) باستخدام الأضداد إشارة الى الحاضنة التي فرّقت.
فالضد هو ما اختلف لفظه واختلف معناه بشرط أن يكون ضداً كما هو في الجملتين أعلاه يفرقنا الحضن ويجمعنا الدم. ويتوالى الإيقاع بزيادة معلومة أخرى تاريخية بفارق زمني تعتبره الشاعرة عنصر أساسي لربط الحوادث وتحديدها بزمنٍ لاحق بالإشارة الى الحجّاج بقولها:
حجّاجهم حصدَ الرؤوسَ
بظلمه.... يابن الجبير
هنا الرثاءُ مُجَرَّمُ
والمعروف عنه بجبروته بعد ثلاثة عقود من استشهاد سيدنا الحسين عليه السلام لتؤرخ شاعرتنا إيقاعياً عالي المستوى بذكر ابن الجبير وهو الإمام الحافظ المقرئ المفسر الشهيد، أبو محمد، ويقال : أبو عبد الله الأسدي الوالبي، الكوفي، سعيد بن جبير الأسدي تابعي، كان تقياً وعالماً بالدين درس العلم عن عبد الله بن عباس حبر الأمة وعن عبد الله بن عمر وعن السيدة عائشة أم المؤمنين في المدينة المنورة، سكن الكوفة ونشر العِلم فيها وكان من علماء التابعين، فأصبح إماماً ومعلماً لأهلها، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي بسبب خروجه مع عبد الرحمن بن الأشعث في ثورته على بني أمية سنة 95 هـ. وانتظام البنية الإيقاعية بسعة أفقها الخارجي والداخي أتاح لنا سهولة الولوج ومعرفة التلوين الصوتي للألفاظ التي تتوهج في نفس الشاعرة للبنية المقطعية ومدى التناغم التي ستحدثه الظواهر الصوتية وهي تخاطبُ الفرسان وقبلهم العباس..
عباس ..
ماذا في يمينك.. شربةٌ ؟
بإيقاعٍ متقن ملئ بالحزن يتجلى بحركة الدلالات يحمل خصائص مغايرة يسميها النقاد التناغم الدلالي بـ ( ماذا في يمينك.. شربةً؟ ) جملة استفهامية محملة بمعان ثقيلة تحرك بها صخرة القلوب العاشقة لثوابت الحسين وأنصاره (لصغارنا .. يتشقق اليوم الفم) .. بضربات ايقاعية تطرق بها المسامع بأوضح صورة في هذا السبك الرائع.. (يترجل الفِرسانُ) ولم تصرح الشاعرة بأسماء الفرسان لكنها تذكرهم بصفتهم وكفاية فعل العباس تنوب عنهم ( الذين استشهدوا في الطف ستة فرسان أخوة للحسين من صلب أبيه علي صلوات ربي وسلامه عليه ذكرت منهم االحسين والعباس وبقي أربعة وأسماءهم عثمان، وجعفر، وأبو بكر، وعبدالله)
يترجل الفِرسانُ إلا فارساً
دمه يظل بكربلاء ..
يدمدمُ
(إلا فارساً) دمه يظل بكربلاء يدمدم) .. وكربلاء هي كَرٌ وبلاء ستبقى عنوان شهادة للحسين مابقي الزمان .. أما لفظة يدمدم فاختيارها عظيم يتناسب مع الحدث بقوة الغَضِب. وفي التنزيل العزيز: ( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ). والدمدمة صوتٌ خفيّ يراد منه الشدة نجدها بين البنية الإيقاعية والبنية التصويرية وهذا يسمى من روائع بلاغة القرآن الكريم وتسمى (الألفاظ الاهتزازية) ولها أمثال كثيرة في القرآن مثل حصحص وعسعس، وغيرها، وهي ألفاظ تشعرك بشدتها وقوتها واهتزازها من خلال تكرار حرفين متتاليين أو تكرار كلمة كاملة قوية اهتزازية لبيان أحداث في غاية الأهمية وهذا التصور ينطلق من اللفظة الى الجملة الى النص الشعري فتجعله ينبض بالحيوية والحركة لنصل بهما الى جواهر النص في ايقاعاته الجمالية الثرّة وضروب مجازاته ودلالاته غير المحددة وقد وُفقت الشاعرة بعنوان القصيدة بكل ماتحوي من النجوى والرغبة الملِحّة في بث الشكوى بصوتٍ المؤذن:
القائمون على الخيانة كبَّلوا
صوت الأذانِ
لكي يموتَ الصوَّمُ
حين كبّلوه ليمنعوا علّو صوته كي لايسمعه الصائمون وفي هذا تشبيهٌ إستعاريٌّ بليغ يتعانق وينسجم مع التشكيل الإيقاعي فتكتمل جماليات النص بما يوحي من قوة وجلال.
صبحٌ توضأ مرتين
ولم يزل
نمرودُهم حتى الثمالةِ ينعمُ
وكان بإمكان الشاعرة أن تمرر هذا المعنى ببساطة لكنها آثرت توظيف "القذف" بتشبيه القتلة ورئيسهم بالنمرود وحكاية النمرود معروفة تأريخياً لتوحي بالقوة وكأنّ همّاً ثقيلاً كان جاثماً على قضيتها تريد التخلص منه لتعزز قولها بفرعون الذي يرمز الى القوة والظلم بخلود الذكر في القرآن.
فرعونهم طاف الخلودَ وجودُه
وعصاك موسى
لم تعدْ تتزعمُ
والتشبيه المضاد لجبروت الطغاة بعصا موسى التي كانت أداة حربيةً بقدرةٍ ربانية تتحول كيفما يُشاء لها .. لتعيدنا الى لفظة دمدم واهتزازاتها. لكن الشاعرة بيقينها تعلن في الجانب المعنوي بأن العصا ما عادت كما كانت. ثم تنتقل الشاعرة بفكرها الوقّاد فتأخذنا ببساطها البنيّ طائرةً على نكهة القهوة السبئية بضيافة الملكة بلقيس والتي لها قصة أخرى يطول الشرح فيها..
بلقيس عافت قهوتي
يا ويلتي
ياولتي لفظةٌ طالما رافقت لحن وتر العود بإيقاعٍ حزين يتناسب والحدث الذي مازلنا نعيشة إيقاعياً بالدمعة وترتيبات المناسبة المحزنة في عاشوراء بتوالي الحركات والسكنات على نحوٍ منتظم بإيقاعٍ تتجلى فيه الصورة الناطقة بامتياز..
وغدت تكابدُ دمعةً تترحمُ
فالشاعرة ترسم لنا الصورة بوحدتها الموسيقية وجرسها في بُعْدٍ عن التنافر وبتقارب المخارج.
أطفالُنا بين الدماءِ تخضبت
وعلى الفرات
أرى الشيوخَ تتمتم
العناصر اللغوية التي تتشكل منها الموسيقى تنوء بثقل الصورة التي وثقتها الشاعرة عبر ايقاع يطفو فوق المشاعر برغم حجم المأساة باعتذار للسبايا، وأي سبايا!!! فالبنية الشعرية للعنوان (إرجع .. حسين) تلقي بظلالها على الطبيعة الجدلية التي تعجز وسائل اللغة بالتعبير عنها بأكبر قيمة شعرية في :
عذرا سبايا البيت
صرناكلنا ..
بلساننا خَرَسٌفلا نتكلم
وحين تخرس الألسن تعلو لفظات اهتزازية تفوق بقوتها كل اللغات حين قدمتها الشاعرة بتمتمة الشيوخ وما لها من إيقاعٍ نفسيٍّ تهتزّ له كل الموازين في اشتقاقات الوجع المتواصل بالإهتزاز في طرْقِ آلات العزف.. لله درك شاعرتنا
خلوا النواحَ ..
خذوا بسيفٍ واهنٍ
تفنى به الاشباحُكي لا تأثموا
ثم تجلو خاصية التناقض الداخلي في مشاوير المعنى في التحظيظ بالإشارة الى ترك النواح الدال على العجز وتحث على حمل السيف فقعقعة السيوف تصل مرادها وإن كانت واهنة .. تعبيرٌ مجازيٌّ يشقشق عباءات العنصر الزماني في الإيقاع مع إعطاء النسب المكاني قيمته ليتميز إيقاع القصيدة في تشكيل الرسوم الفنية بخطوطٍ مرئية بـ:
لا تَحْسَبنَّ كِتَابَ غربك صادقاً
فيه الخيانةُ
قد تلوحُ ...وتكتُمُ
لتشكل ظاهرةً ممكنة التأصيل لذاتها كخطابٍ لمحاورة الفكر المعاصر رغم تيسّر العاطفة لتستمد قوة النص في التلويح الى ما تريد من إخباره بكتمان (الأبستمولوجيا) التي تساهم في ظروف الحدث بسببٍ وحجة.
كيف الركونُ إلى القبيلةِ
بعدما
ركنوا إلى الشيطانِ
لن يُسْتَرْحَمُوا
الحضور الثقافي في قصيدة الشاعرة يشكل العمود الأساس في انتقاء السمات العفوية للخطوط الإيقاعية في تجسيد الصور والنغمات مما تسمو بالموسيقى الداخلية لمسألة الركون التي تباينت في لفظها بين القبيلة والشيطان، في تتبع رواية الخبر المستفيض بواقعة الطف ومفرداتها والتي تُعد من بين أهم مستلزماتها بناء القاعدة الثقافية في التنويه الى الفرزدق:
قُلْ يا فرزدقُ
كيف حالُ جيوشِهِم
هل آمن الأعراب..أم هم أسلموا
وهذا المقطع لبنة من البناء المُوجّه لتاريخ لم يُنسى لتصرّ الشاعرة على طرْق باب الذائقية لبيان (الشبر يالزم) (بالإنجليزية: Anatomicalterminology) في جسم المجتمع فأشارت للفرزدق وقصيدته (في مدح علي بن الحسين) عليهما السلام:
يَا سَـائِلِي: أَيْنَ حَـلَّ الجُـودُ وَالكَـرَمُ
عِنْـدِي بَـيَـــانٌ إذَا طُـلاَّبُـــهُ قَـدِمُـوا
هَذَا الذي تَعْـرِفُ البَطْـحَاءُ وَطْـأَتَـهُ
وَالبَـيْـتُ يَعْـرِفُـــهُ وَالحِـلُّوَالحَـرَمُ
هَذَا ابْنُ خَيْـــرِ عِبَـــادِ اللَــــه كُلِّهِـمُ
هَــذَا التَّقِــيُّ النَّقِــيُّ الطَّاهِــرُ العَلَـمُ
هَــذَا الــذي أحْمَــدُ المُخْتَـارُ وَالِـدُهُ
صَلَّى عَلَیــهِ إلَهِــي مَـا جَرَى القَلَـمُ
وهذه الإشارة هي منجزٌ مؤطرٌ بالمفاهيم يساهم بإنارة المنطقة التي صدح بها الشاعر وخصوصية قدسيتها بدلالة الوزن والموسيقى والجزالة. ولايفوتنا بأن الشاعرة جعلت التباين في لفظتي ( آمنوا وأسلموا) بالتأسِّ بالآي الكريم في سورة الحجرات وقوله تعالى : {قالت الأعرابُ آمنّا قلْ لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا...}
إرجعْ حسينُ
فتلكَ يثربُ أفصحتْ
وبها بنُ عباسٍ يقولُ …
يُعَلِّمُ
خانت مواريثُ الصحابةِ
عهدَها…
أضحى السفيهُ بجمعهم يتقدمُ
ذات النبرة تعيدها الشاعرة وفي التكرار ما يغني القصيدة بجرسٍ اضافيٍّ بمجازات وصور جديدة تتبلور وتشعرنا بتحولات مرهونة بمعتقد الشاعرة لحركة التشكيل الإيقاعي المبهر في اقتناص الصورة والحدث بإطاره المشاع.
ومع القلوبِ سيوفُ جيشٍ
أُكْرِهَت
ما عاد ينفعهم ضيوفٌ تُكْرَمُ
وكأن … مسلمَ
والدماءُ تناثرت
قرآنهُ في نحرهِ يتألمُ
وهذه الدراما المستمدة في قصةٍ إختزاليةٍ تعبيريةٍ عن إنقلاب تم.
فضلاً عن محاولة استلهام الموروث العراقي السائد وقصة مسلم بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي القرشي وهو ابن عم الحسين بن علي. وقد أرسله إلى أهل الكوفة لأخذ البيعة منهم، وهو أوّل من استشهد من أصحاب الحسين بن علي في الكوفة. وقد عُرف فيما بعد بأنّه (سفير الحسين). يحظى بمكانه مرموقة ومتميّزة في أوساط الشيعة؛ حيث يقيمون له مآتم العزاء في شهر محرّم من كلّ عام، وتعرف الليلة الخامسة من المحرم في المجتمعات العربية الشيعية بليلة مسلم بن عقيل.
أدخلت الشاعرة المواقف التاريخية وربطتها بأروع الموسيقى من خلال عومها بالبحر البسيط.
عزَّتْ به البطحاءُ حين
يدوسُها
فارجِعْ وكن مِمَّنْ يفوزُ ويغْنَمُ
ارجعْ…
فلا سبطٌ هناك بمأمنٍ
وهناك تَلقَى المؤمنين تشرذموا
هذه الدفقة الشعرية المترنمة بهذا الإيقاع تنسجم مع الإسراع والترويح عن الذات مترافقة بظروفها مع ما تجود به البطحاء ومن دافع نفسي قوامه قطع الطريق الطويل .. وهو ضرْبٌ من الأضرب الفنية المرتبطة بحياة الصحاري وترنيماتهم بالمسير وكل هذا يفترض نظاماً إيقاعياً أجادت الشاعرة استخدامه بتقنية عالية وبأبعاد فكرية نشطة في توصيل الصورة المعنية بدقة.
صليتَ ..كم صليت..
تلك مساجدٌ
رفضوا الوضوء بهاولم يتيمموا
ارجع فإنِّي ناصحٌ
يا سيدي....
كلُّ الاصابعِ في الكفوفِ تخاصموا
فدقة التوازن في خلفيات هذه الظاهرة والضرب الإيقاعي في ترنمه رافق إرهاصات النفس في مرافقة مقاطع الكلام بتوازنٍ أدق بحركة موقعة بسؤال ( صليت.. بفاصلة زمنية لاتتعدى نهاية نبضة وتر .. كم صليت؟) هذا التلاعب بوتر الحدث له عمقٌ يتراءى ولايندثر فهو أعلى كثيراً مما يستوطن من موسيقى في طقطقة الأصابع في الكفوف، ومابين المقطع الأول وهذه الطقطقة صولة المساجد وزخرفة قببها وصوت المآذن. والتهليل هو من الصور الإيقاعية المرتبطة بنا دينياً فهو يتفق مع (القَلَس) واقترانه بالتعبد رغم اختفاء المقلصون بعهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. حيث كان القلس ظاهرة فنية عقائدية أكثر غنى وتطوراً وثباتاً في القيم الإيقاعية لما تصحبه الآلات الضابطة للحركة الى جانب اللعب المتوامق بالسيوف..
قتلوا الرضيعَ بحضنِ زينبَ
لم يروا
أن الرضيعَ بوجههم يتبسمُ
و عمامةٌ
من فوقِ رأسٍ طاهرٍ
وبسيفِ جوشنَ قد علتْهُ تُلَقَّمُ
خلق الصورة المحزنة هذه لإعمال الذهن واستحضار الخشوع وطأطأة الرأس خجلاً .. وبهذه ربطت الشاعرة التناقض مابين إبتسامة الرضيع وهو ينظر الى قاتله في اطّراد الحركة وللضبط الدقيق للفاصل الإيقاعي في مواصلة إيقاعٍ واضح مُعَدّ ومصاغ بدقة بواو العطف لعمامة فوق رأسٍ طاهرٍ يُقطع بسيف شمر بن ذي الجوشن الذي أشارت اليه الشاعرة وذكر أن سنان بن أنس من فعل هذه الفعلة الشنيعة وقيل خولي بن يزيد الأصبحي، وذهب به إلى عبيد الله بن زياد ووضعه عنده وأنشد:
إملأ ركابــي فضــة وذهبـا
إنـي قتلت السيـد المحجبـا
قتلت خير النــاس أماً وأبا
وخيرهم إذ يذكرون النسبا
الشاعرة المبدعة آلت بإيقاعها وجرس أبياتها إلا أن تقصّ الحادثة بصورة مترفة لغوياً عميقة بمعانيها منسجمة مع الحالة النفسية بذكرى عاشوراء فالطابع الإيقاعي حزين لكنه يتمتع بكافة مستلزماته.
تسعى برأس السبطِ
تسعى زينبٌ
تسعى لمصرَبها الأمان الأعظم
يا بنتَ بنتِ رسول ربي
إنها حقبٌ من الأهوالِ
إثمٌ ....يَعْظُمُ
بهذه الحالة ورأس الحسين يجول ويسافر من كربلاء الى الشام ومنه الى عسقلان كما قيل ليستقر فترة زمنية ثم بإرادة من يشاء تم نقله الى مصر الحبيبة، وإن الشاعرة تعظم الحدث بما يستحق من تعظيم وتخاطب زينب ببنت بنت رسول الله على ما حملت من أهوال.. لم تتطرق الشاعرة الى نساء الحسين اللواتي عانيْن بهذا المصاب كما عانت زينب سلام ربي عليها وعلى كل من رافق الحسين.
إني أرى عَرَبَا
بغير عروبةٍ
وأرى الشهيدَوثورةًلا تُخْتَمُ
قلبي حسينيُّ الجراحِ ..
و ذا دمي
كلُّ الشهورِ بكربلاءَ مُحَرَّمُ
نطقَ المسيحُ براءةً ..
في أمةٍ
صلّتْ لسالومي .....لتَسْكُتَ مريمُ
قاربت الشاعرة في اعلان نهاية القصة الشعرية لقصيدتها التي أحسبها من مقامات المعلقات بهندامها وبلاغة كلماتها وطرحها الزمكاني للتاريخ والشخصيات والمعالم وبالتطرق الى مساحات دينية برفقة الموسيقى المتماشية مع الحالة لتختم بـالإشارة الى براءة مريم بـ { كيف نكلمُ من كان في المهد صبيا .. قال أني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا} تبرئةً لوالدته وحفظ شرفها.. أما ذكر (سالومي) هي إمرأة ماجنة تسببت في قطع رأس سيدنا يحي عليه السلام وربما التوافق التي أرادته الشاعرة سلوى هو تشابه قطع الرأسين مع الإختلاف بتشابه الأسباب.
نعتذر من الشاعرة إن لم نوصل رسالتها كما يجب ولا ندعي بأنّ هذه القراءة أصابت كثيراً، بقدر ما أثارت من نقاطٍ يستذوقها المتلقي، وأن ما فيها من جهدٍ يغفر ما يها من نقص.
تحيات شاكر السلمان
القصيدة
حِضنٌ يفرِّقُنا و يجمعُنا دمُ
والجنتانِ هنا..
هناكَ ..جهنمُ
حجاجهم حصدَ الرؤوسَ
بظلمه....يابن الجبير
هنا الرثاءُ مُجَرَّمُ
عباس ..
ماذا في يمينك..شربةٌ ؟
لصغارنا ..
يتشقق اليوم الفم
يترجل الفِرسانُ إلا فارساً
دمه يظل بكربلاء ..
يدمدمُ
القائمون على الخيانة كبَّلوا
صوت الأذانِ
لكي يموتَ الصوَّمُ
صبحٌ توضأ مرتين
ولم يزل
نمرودُهم حتى الثمالةِ ينعمُ
فرعونهم طاف الخلودَ وجودُه
وعصاك موسى
لم تعدْ تتزعمُ
بلقيس عافت قهوتي
يا ويلتي
وغدت تكابدُ دمعةً تترحمُ
أطفالُنا بين الدماءِ تخضبت
وعلى الفرات
أرى الشيوخَ تتمتم
عذرا سبايا البيت
صرناكلنا ..
بلساننا خَرَسٌفلا نتكلم
خلوا النواحَ ..
خذوا بسيفٍ واهنٍ
تفنى به الاشباحُ كي لا تأثموا
لا تَحْسَبنَّ كِتَابَ غربك صادقاً
فيه الخيانةُقد تلوحُ ...وتكتُمُ
كيف الركونُ إلى القبيلةِ
بعدما ركنوا إلى الشيطانِ
لن يُسْتَرْحَمُوا
قُلْ يا فرزدقُ
كيف حالُ جيوشِهِم
هل آمن الأعراب..أم هم أسلموا
إرجعْ حسينُ
فتلكَ يثربُ أفصحتْ
وبها بنُ عباسٍ يقولُ …
يُعَلِّمُ
خانت مواريثُ الصحابةِ
عهدَها…
أضحى السفيهُ بجمعهم يتقدمُ
ومع القلوبِ سيوفُ جيشٍ
أُكْرِهَت
ما عاد ينفعهم ضيوفٌ تُكْرَمُ
وكأن …مسلمَ
والدماءُ تناثرت
قرآنهُ في نحرهِ يتألمُ
عزَّتْ به البطحاءُ حين
يدوسُها
فارجِعْ وكن مِمَّنْ يفوزُ ويغْنَمُ
ارجعْ…
فلا سبطٌ هناك بمأمنٍ
وهناك تَلقَى المؤمنين تشرذموا
صليتَ ..كم صليت..
تلك مساجدٌ
رفضوا الوضوء بها ولم يتيمموا
ارجع فإنِّي ناصحٌ
يا سيدي....
كلُّ الاصابعِ في الكفوفِ تخاصموا
قتلوا الرضيعَ بحضنِ زينبَ
لم يروا
أن الرضيعَ بوجههم يتبسمُ
و عمامةٌ
من فوقِ رأسٍ طاهرٍ
وبسيفِ جوشنَ قد علتْهُ تُلَقَّمُ
تسعى برأس السبطِ
تسعى زينبٌ
تسعى لمصرَ بها الأمان الأعظم
يا بنتَ بنتِ رسول ربي
إنها حقبٌ من الأهوالِ
إثمٌ ....يَعْظُمُ
إني أرى عَرَبَا
بغير عروبةٍ
وأرى الشهيدَ وثورةً لا تُخْتَمُ
قلبي حسينيُّ الجراحِ ..
و ذا دمي
كلُّ الشهورِ بكربلاءَ مُحَرَّمُ
نطقَ المسيحُ براءةً ..
في أمةٍ
صلّتْ لسالومي .....لتَسْكُتَ مريمُ
البحر الكامل
سلوى محمود
الأسكندرية- مصر