قَلمي، الذي كان يخط حنيني على الورق عّبؤوه بالبارود
ما عاد يقوى على السير وُصُولاً لِمَحَطَّاتكَ،
خوفاً من انفجاره بجسد الحروف،
فتشتعلُ رسائل شوقي رماداً .
وماذا بعد،
أيُّتها الغَارِقة في مدينة تتراقص الأموات فيها ...
كبقايا حطب تداعبها عروق النار،
وتتضّور أرحام الأمهات بحثاً عن أجنة ألقِى بها في وطن أعتقلوه بأصفاد الصمت .
وفوق الأصفاد نقّشت رسائلي
واتخمها بتقاسيم طيفكَ
وإمضاءات خطواتٍ،
تاركة من خلفها الأماني يتيمة الصرخة .
تَميمة الغروب تنام بين عفونة أقدام الجنود الراحلين،
هناك،
حيث خطواتكَ التي مزقتها ريح بغداد ..
تنام وغبار " عجلات المارين " تسرح مع تجاعيد انتظاري،
كنت حبيباً تمشط جدائل أحلامي
قبل أن أنام
وتردد علي أنشودة الرصيف
تنشدها حتى أنتحل الرحيل
وبقي صدى الكوابيس يتوق لتيار يجرف صوتكَ.
متى تستريحُ أضواءُ القناديلِ ؟
من رياحٍ تمددُ أرجلَها لطَرْقِ أبوابِكَ،
مُشَرعةٌ،
تحتسبُ مسافاتٍ تَزفُّكَ في مرايا وجهي .
تَقِفُ عاجِزةً،
مخلِّفةً وراءَها ثغرَكَ المبتسمَ،
تسيلُ منهُ دعواتُكَ المؤجلةُ ...
الروح ،
تشعرُ بالصّممْ فساعدْها،
كي تقتلعَ قميصَكَ عن جَسدِها،
فيومَ كَسرَ الشوقُ عُكازةَ وصولِها لأراضيكَ
احتاجت لعصا موسى كي تتكئَ عليها ..
متأخرةً،
وصلتُ لقلبِكَ ،
دون نبضٍ وخطواتٍ ،
والخريفُ يتأرجحُ بين زهورٍ،
تغتابُ عطرَها النساءْ .
الليلةَ،
أغتسلُ بقدرِ أميالِ فنجانِكَ غريقةً ،
أشتهي القمرْ وأرتدي قناعَ السُّكّرِ دلالاً،
لتستوعبَ ذوباني في حلاوةِ قهوتِكَ ...
فربكة الصمتِ بيننا قطراتٌ تُقبّلُ مرايا اللقاءِفوق الماءْ ...
أتأهبُ لِحمْلِها كـعصفورةٍ نَقشتْ على جناحيْها نحرَ الرحيلِ...
ياغريزَ همومي،
كافرةٌ أنا،بترانيمَ تخلو من تقديسِ ضَياعي
كسنديانَةٍ قبضَ عليها الهوى ،
فلا تتخذْني خنقةً ماكثةً في جَنَباتِ الفَناءْ ،
ليبتلعَني زمزمُ التسكعِ حول ضريحِ الوجدْ ..
دعْ عنكَ قيدي بمناسكِ وجودِكَ ..
فنبضي يستميلُ ومسعفُهُ ينحسرْ في نثارِ الحروفِ ،
يصرعُ تَخَبُّطاتِ رأسي في دُخانِ أرصفتِهِ ،
يلملمُ رمادَهُ ويستنشقُ أحشاءَهُ ،
وينحني على عودٍ بالٍ في مقاعِرِهِ أنتَ ،
يشاكسُكَ بتخمةِ الولوجِ في جوفِكَ
ويعاتبُ غمرةَ سكونِك ..
غائراً، يلفُّ فؤادَكَ بعباءةِ الأنفاسِ المُذابةِ ،
بملحِ قربِكَ الأزلي ..