هذا المساء كان الضباب يحيط بي ن كل صوب وسماء
وكنت أقود سيارتي لمئات الكيلو مترات عبر مفازاته المكثفة وأفكر أن أرسل لك كل حناني وحبي ليكونا دثارا لك في صقيع العمر
والقلب ليكون وسادة تذكرك بي عند كل نبضة من نبضاته .
كنت أبوح لهذا التكاثف الذي يحجب بصري و يزيد بصيرتي ومخيلتي ـ لأن صورتك كانت تطل وتتراءى من كل الجهات وكيفما نظرت .. ـ بسر وهو أن السماء والأرض- بكل خيراتهما وخياراتهما ـ يملأهما الحزن والشقاء من دونك ومن دون إبتسامتك النبيلة ..
وهي نبيلة لأنها ليست إبتسامة بل هي روعة أسلوبك ودماثة خلقك التي تخفي آلامك خلفها فلا تدخلين الحزن إلى قلوب من أحبوك وأحببتهم.
لا تتفاجأى إنني أعلم أنك تحاولين أن تكوني بخير وسعيدة لأجل الآخرين الذين يحزنون لحزنك ويفرحون لفرحك .
لعمري هذا ما أدعوه النبل والكرم.
أمد يدي عبر هذا التكاثف الذي بات مخيفا رغم جماله وسحره الأخّاذ وروعة أنواره التي تعكس صورك بأشكال مختلفة , لتعصر يدك بشدة فلا يسيل منها إلا الإرتعاشة .
أرى عينيك الآن حبيبتي - بنظرتهما الدائمة - اللتين لا ينبعث منهما إلا القلق الشهي والألق الفتّاك .
أكلم شفتيك فلا تجيبان سوى بإرتعادة تبعث فيّ كل دفء الشموس وحرارة الشهب .
أرى خصلة متمردة وقد إنتهت أطرافها بشقار ( هيستيري ) اللون وكلما أبعدتها عن عينيك تعود لتتدلى ثانية
ومن دون ملل كنت أعود لأبعدها ثانية .
ألا ترين روحي تناور الشرور حول أسوار مدينتك البيضاء تدرأهم عنك .
فها أنذا أرى روحك أداعبها أتلمس فيها كل حوافي ونهاياتي وخلاياي ونبضي .!
قبيل كل سكينة وكتائه مترنّح في مجاهل نفسي المخرّبة... أبحث عنك في صفحات عابقة بأمل شارد وعقل إعتراه الذهول
وقلب لا يخجل أن ينسى وظيفته الفيزيولوجية ليتحول إلى سواها , وبقلم متورط بعاصفة هوجاء عناصرها النفس والعقل والقلب
حتى أنه لا يسمح لي مشاهدة خربشاته ..
ألقي به أرضا فيأبى ويعلن الحرب, يعاركني وبكل أسى دائما كان يفوز بالنصر ويكتب ماشاء من خربشاته تلك معتمدا ومستمدا قوته من عناصر عاصفته الهوجاء تلك ..
مرات قليلة إستطعت أن أحظى بالفوز عليه .. هل تعلمين ماذا كان يفعل أيتها الحبيبة كان يذبح نفسه على الصفحات قبل أن أستطيع أسره أو حبسه ..
هل يوجد من يحب الحرية أكثر من قلمي هذا المعتوه المتمرد الذي كاد يودي بي آلاف المرات ...؟؟؟
وما العمل وقد إعتمد على كل عناصري وأكواني وطبائعي ...
لم يعد عندي ما أقاومه به ..
أتعتقدين ؟؟ حبيبتي أنني سأتبعه يوما ثملا منتشيا ماشيا خلف ما يكتب , متناسيا إرادتي التي تحاول ردعه هل سيقهرني حقا ويستمر
بالبوح على صفحات عشقك الأبدي ..
وجمالك الذي أخذني مني وها هو ذا يأخذ قلمي أيضا ...
حبيبتي .
أيُّ شيء , ذاك الذي ينتشلنا منأنفسنا ويوقظنا من غفلة الذريعة ؟
أخشى ما أخشاه أن أتُهم بالهلوسة والجنون, ولولا ذلك لقلت :
أن القلوب لها عوالمها المستقلة وفكرها الخاص بها وضمائرها الذاتية .
لأنني أعتقد أن ذاك الشيء هو ضمير قلبي ..
أجلْ ضمير قلبي من سنّ وشرّع وأدلى بأحكامه ...!!!
حبيبتي الرائعة ..
لا تقفي هكذا أمام ألسنة الموج وهدير الصخروالماء فالرذاذ المنبعث من شواظها يلامس وجهك ..
لقد جاءني الليل شاكيا أنّ شحوبك إعترى سواده وحسنك إبتلع أقماره..
وكيف لي أن ألملم بشائرك المفككة وملامحك المتناثرة على صقيع الزمن وتثاؤبات الليل وحشرجة الدقائق..
هل غدت نسائمك اللطيفة تخشى أن تسكبها عاتيات الريح في زوابعها؟؟؟
ولهيب نورك يتوكأ على ظلال الشموس حذرا من أن يطفئها.
لا تسمحي لحرارة الليل وصقيع ساعاته أن يبتسموا كماالشامت في وجه اليتيم..
إنبثقي , إنبلجي , أشرقي
فالأكوان والنهارات تشتاق لكل تفاصيك وجزئياتك لتشبع نهم ثناياها وتعطش جامحاتها..
حطمي كل زوايا الإنتكاس والإخفاق. اجعليها تغتسل بطهر إشراقك العفيف..
فتٌنبتُ النخوّة وتنتش براعم الذوق الرفيع وترتقي الأخلاق فيولد الكبرياء ...
رائعتي :
كل خريف أسمع وشاية الحفيف الذابل على إصفرار الأوراق تقول :
تغار الأقمار من إنحناء بين وحشي الرمشين وأنسيهما, والبدر يغبط وجهك لديمومة إبداره,
والأهلّة تتوجس من مبسمكِ خشية أن تبتديء الأشهر حين تبتسمين ...!
رائعتي إمضي كاليقين كالصدق كالفجر كالحرية ...
إمام العاشقين
كـــــريم سمعون
التوقيع
أنا شاعرٌ .. أمارس الشعر سلوكا وما أعجز .. أترجمه أحرفا وكلمات لا للتطرف ...حتى في عدم التطرف
ما أحبّ أن نحبّ .. وما أكره أن نكره
كريم سمعون
آخر تعديل عبد الكريم سمعون يوم 05-06-2011 في 01:51 PM.
أي
زمان هذا الذي نحيا به ؟؟
العذر .. العذر.. ألتمسه منك سيدي الزمان ...
ما قصدته أي أناس وكائنات تحيا بك سيدي الضارب أقدامك بالأزل ورأسك مشرئب يطاول أعناق الأبد ..
ودائما وعلى كل الألسنة عبارات التٌهم الموجهة إليك وأنت كما الذئب بل وأكثر براءة منه , فهو لو لم يفعلها الأخوة لكان قادرا أن يفعلها .
ولكنك أنت يا سيدي الزمان لا شأن لك سوى توجيه سبابتك إلي صدغيَّ مشيرا إلى عدد الكواكب البيضاء التي بدأت تزين قبتي السوداء .
وأنت في غفلة أو أنك تتغافل عن البياض الذي يكلل القلب الذي شاب قبل الرأس بردح لا يستهان به منك ..
شخوصك سيدي يشكلون مسرح الآن فلقد كثر فيك تراخي المبادئ وتفتت القيم وإبدال الكثير منها فشجاعتك وقاحة و نذالة أبناءك شطارة وكذبهم أبيض
وهاهم بدأوا يخترعون الألوان لأكاذيبهم , والخداع والغش يقظة وسرعة بديهة
أولا ترى بعض أبنائك يتصدرون الشاشات وعروش الشهرة ؟ يوزعون أعذب الكلام مدافعين عن حقوق المرأة والطفل والإنسانية ويخفون الوحش خلف الطبقات المكتنزة من الشحوم التي تفقدهم الإحساس والحواس , ووحشهم هذا لا يظهر إلا في الظلام , ففي منازلهم يضطهضون زوجاتهم ويعاملوهن كالعبيد وكالسلع المقتناة والقابلة للتغيير بأية لحظة , ويسعون لاهثين وراء فتيات صغيرات لإنشاء ما يسمى بالصحبة ,
وقد وضعوا الطعم في صنارة الخديعة بعضا من معسول كلماتهم التي لا تشبههم ولا يشبهونها .
أولا ترى يا سيدي الزمان الأيدي المخضبة تخط الكلمات الجميلة الشاعرية وسلوكها وفعلها يغاير ويعاكس هذه الكلمات ..؟
ألا يرون أنفسهم هم وفواحشهم وجرائمهم ؟ فلقد إغتصبوا الحقوق وسرقوا وقتلوا ودكوا حصون العفّة والنزاهة والشرف وخانوا الأوطان والأهل والأصدقاء واليوم وبوسائلهم المشتراة الرخيصة يصدرون أنفسهم على هيئة أدباء وشعراء وفنانين ..
حتى أنت أيها الزمان تصّر على أن ننشرخ وننفصم أو أنك تطالبنا بأن نقيم الأسوار والحصون لحجب أنفسنا عن أغلبية شخوصك وأبطال مسرحك ..
واللقمة ياسيدي , واستحالة تحصيلها , وشعورنا بالواجب لهداية هؤلاء , والألم هذا الألم الذي يبعث اللذة في قرارة النفس حين يطمئننا أننا مازلنا أحياء ونقترب من الإنسان الذي يقطننا منذ الفطرة الأولى .
وها أنت ياسيدتي تذرين مسحوق الشفاء الموجع على ذاك الجرح الذي لا يلتئم .. !!
هل ترين توقيعي الذي أذيّل فيه ما أكتب ؟
ببساطة هذا أنا , أنا شاعر .. أمارس الشعر سلوكا وما أعجز أترجمه أحرفا وكلمات.
فلاتتخللني حالة نفاق واحدة , وظاهري متلاصق مع باطني ولي وجه واحد لاسواه , وهو الذي يبدي سريرتي وينم عن داخلي ..
ويترجم أفكاري ويبث عواطفي ويبش ويبتسم لمن أحب .
سأقيم الحصون وأدرأ عن نفسي دوما خطر التلوث وأغلفن آهاتي ووجعي بمزيد من الدمموع والتي وحدها تقيني من التمازج مع أهل النهم أولئك الذين ومهما إبتلعوا لا يستكين نهمهم هذا ولا يهدأ بل يستزيد ويستزيد ...
نعم حصون الدمع وقداس الألم اليومي تدرأ عني أشواك الطريق تلك الأشواك التي تتهيأ لتنقض على الأجساد البضة والأرواح الغضة والقلوب النظيفة فتنهل منها مايروي تعّطشها وتنظف رؤوسها المتسخة بطهر تلك القلوب ..
هل تعلمين يا سيدتي ماذا يعزي النفس ويبعث فينا بارقة أمــــل ... ؟
أننا وأثناء المسير نلحظ في البعيد بعض زنابق تنمو ولا تزل تغطي نفسها بدرعها الأخضر وتنتزع بقاءها رغما عن أنوف أعتى العواصف ورؤوس الأشواك ..
وستبقى تحافظ على نقائها وجمالها ولن تقبل يوما التهجين والتدجين والتحسين والقولبة والتعليب
بل ستبقى هكذا تحافظ على بريتها وبراءتها كهمسة الحسون ...
الحسون هذا الطائر الصغير المغرّد والذي أعتبره رغم صغر حجمه وألوانه الرائعة والتي تداخل فيها الأسود والأصفر والبني المشرّب بالحمرة الداكنة
والأبيض والرمادي الذي يكسو صدره , وبالرغم من تغريده الذي يضاهي أرقى وأهم أوركيسترا في العالم ,إلا أنني أعتبره رمز العنفوان والقوة والثورة والتمرد وعزّة النفس والكبرياء .
هل تعلمين لماذا يا أستاذتي الرائعة ؟ الأمر بسيط , لأنه بكل بساطة رفض التدجين ويقتل نفسه إن حبس رغما عنه وبالرغم من محاولات علماء كبار وجمعيات ومؤسسات للتدخل في عملية تكاثره في المزارع والأقفاص , لا زالت تسجل حتى الآن فشلا يتلوه فشل ,
وإحباطا يتلوه إحباط ,
ويدونون في سجلاتهم المسؤولة عن تدوين تدخلاتهم في جمال الطبيعة وإلباسها الأغلفة والأقنعة , يونون عجزهم عن جعل الحسون الصغير يتكاثر في أقفاصهم ومزارعهم .
فأي صدق وتصالح مع ذاته يمتلك هذا الطائر الصغير الجميل ..
كــــريم سمعون
التوقيع
أنا شاعرٌ .. أمارس الشعر سلوكا وما أعجز .. أترجمه أحرفا وكلمات لا للتطرف ...حتى في عدم التطرف
ما أحبّ أن نحبّ .. وما أكره أن نكره
كريم سمعون
حبيبتي .. وما الحياة سوى ردحا من ألم .. نمضيها بإحتقار أنفسنا على قارعة أقدارنا التي يعبث بها الآخر .. فيما هو لديه من يعبث بأقداره .. فهل نحن كذلك أيتها الحبيبة القاطنة كل خيالاتي وأحلامي .. ودقاتي وساعاتي .. هل نحن نتسبب أيضا بالعبث بأقدار الآخر .. من حيث ندري أو لا ندري ..؟؟؟؟؟ أيعقل أننا لو طرحنا هذا السؤال على أنفسنا ستكون الإجابة نعم .. ؟ كيف لي أن أتسبب بأذية كائن على وجه هذه البسيطة .. وأنا الذي أحيا حب الجميع .. أجل أعشق الطير والشجر والحيوان والبشر .. والمياه والحجر .. والنبات والمطر .. وجميعها أستشعر حبها الكبير لي .. وأصدقها حبا ما ابتعد عن البشر . حين أحب شجرة أو نبتة .. فأرويها وأعتني بها .. أتعلمين ماذا تفعل هي .. تنمو وتزداد أوراقها لمعانا وبريقا .. واخضرارا . وهذا يعني لي أنها تكافئني .. على عملي .. وأنها تحبني .. نعم حبيبتي .. هكذا أنا وهكذا أفكر . وقلبي كما الشمس يسطع على الجميع ..وفي كل يوم جديد .. وهو دائم الإشراق .. فلو أفل هناك أضاء هنا .. حبيبتي الغالية .. حقا لقد كان نيساني حزين وكئيب ومؤلم .. وها نحن تجاوزنا أيلول وبدأنا رحلة الخريف .. هذا الخريف المعطاء الذي يشكل مخاض الكون .. ويعبر خصوبة الشتاء لينجب أحماله الرائعة في ربيعنا الآتي .. فلعل نيساننا سيأتي بالفرح .. تعالي لنفرح يا ملاكي .. لعل فرح خريفنا سيسفر عن ربيع سعيد ومبتهج .. تعالي نلثم ثغر السماء بفرح .. نقيم صلواتنا الراقصة .. وطقوس صومنا السعيدة .. تعالي نتمسك أكثر بأنامل الفرح .. ونستشعر نبض الابتهاج .. ينتقل من شفة لشفة ومن رئة لرئة عبر أنفاسنا وزفراتنا المحملة بالأوجاع واللذّة والفرح بآن واحد .. نستخلص لذّتها .. ونتشبث .. بنفحات الفرح .. تعالي نتهجى مسامات الخزامى نستنشق زيت عطرها المريح للنفس والمثير لكل جامحة ورغبة ونتمازج عبر أعاصير بنفسجها اللذيذ اللون .. حبيبتي .. هلمي نحمّل أنفاسنا .. حروف قصائدنا .. ونتبادلها بين زفرة وشهقة للنتشي عبر رياح العشق الكامن بلغتنا اللا محكية واللا مكتوبة .. واللا مرئية .. فكيف بالله عليك قولي .. كيف لمن يريد صعود السماء أن يرتقي إليها بمهاهيتين مختلفتين ومتعاكستين.. لطافة وكثافة .. فلو صعد روحا ستفنى مادته في التراب .. وسيكون بمعزل عن حواسه .. وأما لو كان مدرحيا كمثلي .. فكيف له الصعود بلا واسطة .. ليكون بكامل متعته المادية والروحية .. حبيبتي .. وها أنا أدعوك للمرة التي لا أعرف ما هو رقمها لكثرة تعداد مراحله .. تعالي لنفرح .. لنبتهج .. لنكون كما نحن ولو لبعض وقت من فرح .. فالحياة يا ملاكي .. لولا آلامها .. لما عرفنا طعم سعادتها .. ولكنني أذكّرك .. أنه ايضا لولا سعادتها لما استمتعنا بمرار الألم .. وشعرنا بإنساننا وأنه مازال يحيا .. أرأيت كم هي بائسة أشواك الورود .. فإنها لو كانت في أي مكان آخر .. لما حظيت بكل ذاك الكره والغضب من الجميع .. فيما هي تنال ذاك الغضب والكره مقابل أن تحمي البتلات من قطاف تعسفي من أيدٍ لم تعرف سوى القطاف يوما .. وانتزاع ما ليس لها .. ؟؟
قالي سيدي الكبير ومعلمي منذ ألفين وخمسة وثلاثين عاما .. أنا أفكر ..إذن أنا موجود .. وأقول له الآن : أنا أتألم إذن أنا موجود وما زلت أحيا .. حبيبتي .. قري عينا بحبي الكبير .. وأنعمي بدفئي الوثير .. وتنعمي بعطفي الغزير .. أشتاقك .. إلى حد لا يقال .. لك حبا كبيرا وعطر الخزامى
كريم سمعون
لبنان البقاع \20\10\2011
التوقيع
أنا شاعرٌ .. أمارس الشعر سلوكا وما أعجز .. أترجمه أحرفا وكلمات لا للتطرف ...حتى في عدم التطرف
ما أحبّ أن نحبّ .. وما أكره أن نكره
كريم سمعون