إعراب "غير" من "غير أولي الضرر" .. من "إعراب القرآن وبيانه" للدكتور درويش
قال تعالى: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء:95]
ما يقوله ابن يعيش:
قال ابن يعيش عند كلامه على «غير أولي الضرر»: «وقرىء بالرفع والجر والنصب؛ فالرفع على النعت لـ «القاعدون»، ولا يكون ارتفاعه على البدل في الاستثناء؛ لأنه يصير التقدير فيه: لا يستوي إلا أولو الضرر، وليس المعنى على ذلك، إنما المعنى: لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون.
والجر على النعت للمؤمنين، والمعنى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين الأصحاء والمجاهدون، والمعنى فيهما واحد. والنصب على الاستثناء.
النحاة بين البدلية والوصفية لغير:
هذا وقد ترجح النحاة في البدلية والوصفية ل «غير» ؛ فمن احتجّ للبدلية قال: إن جعل «غير» صفة يوجب التأويل؛ لأن «غير» لا تتعرف بالإضافة، ولا يجوز اختلاف النعت والمنعوت تعريفا وتنكيرا، وتأويله إما بأن «القاعدون» لما لم يكونوا بأعيانهم بل أريد بهم الجنس أشبهوا النكرة، فوصفوا بها كما توصف. وإما بأن «غير» قد تتعرف إذا وقعت بين ضدين.
ومن احتجّ للوصفية قال: لا يكون ارتفاعه على البدل في الاستثناء؛ لأنه يصير التقدير فيه: لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون كما قال ابن يعيش، وهذا من طرائفهم التي تدل على ألمعية وثقوب ذهن، فتأمل والله يرشدك.