إن الشعر(فن من الفنون الصوتية ،لأن مادته هي اللغة .واللغة صوت أو لسان ،فهو في الأساس ظاهرة صوتية وليس ظاهرة بصرية .ومن ثم علاقته بالموسيقى أكثر وثاقة وقرابة من علاقته بالرسم ، أي أن صوتيته بعبارة ، هي القاعدة وبصريته هي الإستثناء ..) العوفي.
ومن هذه الديباجة العميقة الرؤية للشعر ، فان دلالة اللفظة ، تأخذها مناحات العين كفضاء ممتد عبر أغشية وأوعية تمارس الإلتحام ما بين الدلالات العميقة والتأمل الباطني للمتلقي ..ولعل من أخطر الأزمات التي تعيشها اللغة اليوم ، هو قراءتها من منطق الإنفرادية / الشخصانية ، التي تغيب المفهوم الضمني ، لتقول بشكلية اللفظة عارية من كل العلائق الدلالية المنسقة للمفهوم الضمني { كثيرة هي أوجه الخطر التي تتهدد اللغة العربية من كل اتجاه ، ولذلك كثرت الشكوى من تدهورها على ألسنة الناطقين بها ، سواء في المحافل العامة أو المنتديات النوعية .لا فرق في ذلك بين التجمعات السياسية أو الثقافية أو الملتقيات الإبداعية } د . جابر عصفور.
فاللسان عكس الكلام ليس له { إلا بعد عمودي في الذكرى المغلقة للشخص ، يركب كثافة انطلاقا من تجربة ما للمادة ، فالأسلوب ليس على الإطلاق إلا استعارة ومعجزة هذا التحويل ، تجعل من الأسلوب نوعا من العملية فوق الأدبية ، تحمل الإنسان إلى عتبة القوة والسحر } رولان بارت . roland barth
فالكتابة هي ..
ذلك الحضور الضمني لجسد الكتابة نفسها فبناء النص يتعدى العلاقة في بعدها الأنطلوجي إلى { العلاقة ما بين الإنسان واللغة والكون ، انه ، تحديدا ، مسالة وجودية تتعدى المظهر الذي عادة نسميه شكلا . يخلص إلى القول" محمد بنيس ".
فالشاعر منفلت من قيد القاعدة حين يكتب { اللغة فيه ، قبل القاعدة .حتى إن الكلمات التي يستعملها تبدو في سياقها الذي يبتكره كأنها لا تخرج من المعجم ، وإنما تخرج من سياق وجوده الثقافي الاجتماعي } ادونيس.
واللغة العربية غير جامدة، قدسيتها تحركها ثورة باطنية، إنها محركة للفعل وتفوق التصور الشكلي للفظة . خصوصا إذا تعلق الأمر باللفظة الشعرية ومدلولاتها العميقة التي تنفلت كما سبق الذكر من قبضة اللفظة / الشكل .
فالكلام فيض لا يمكن سجنه ولا كبح العلاقة الحميمة لحروفه { فاللسان من حيث ارتباطه الجوهري بالانفعال والطبيعة والغريزة والرغبة يفلت من كل تقنين ، ولا يمكن مصادرته كليا بالمنظور المؤسسي – السياسي الإجتماعي } ادونيس. لأن القبض على جوهر الكلام ،عصي كل تدجين كما يؤكد ادونيس .
وقد انتبه إلى هذا التلاحم أعلام ، نقشت صفحة العطاء الشعري ، بقوة رهيبة كبشار بن برد وامرئ ألقيس وأبي تمام..
فبدأت القطيعة ببطء وتأسست فعليا مع "أبي تمام " ، فتغيرت الممارسة الشعرية في الثقافة العربية في بعديها / القديم / الحديث { إن الشعر مع أبي تمام ممارسة للشعر كصناعة ، وهو في ذلك يلتقي مع التصور الذي حكم الشعر المحـْدث ، والاستثنائي لأبي تمام هو القطيعة داخل هذا التصور }.
ومن بين اخطر الأوجه للكتابة في الثقافة العربية علاقة :
الكتابة والجنس أو المفهوم الجنسي للغة الشعرية ومن هنا ندرك بأن قطيعة أبي تمام ، كانت انتصارا للأثر على الصوت لأن { الكتابة الشعرية مع أبي تمام أصبحت فعلا جسديا تخترقه حميا المتعة الحضرية فتحولت بذلك وضعية البداهة والإرتجال إلى وضعية التأمل والفعل الجسدي } بنيس.
ويطول الحديث حول جدلية القطيعة ، ما بين التصور البداهي إلى العضوي للغة يقول ادونيس{ القول بالتواصل الخيطي ويجعل من الفاعلية والقول بالانقطاع المطلق يجعل منها قفزا وحركة بلا جذور }... لقد انحاز الشعر{ للإنسانية على مدى عشرات الآلاف من السنين ، فقد أصبح ، بمرور الزمن اصدق ما يعبر عن كنه ذلك الزمن ، إن بيتا واحدا من الشعر ، بل وربما كلمة واحدة منه قد تـُبعث في عشرة آلاف زهرة } "كو أون" "نقلا عن اشرف أبو اليزيد.
ولن يكون من المنصف الحديث عن ما وصلت إليه اللغة الشعرية / الفعل الشعري ، دون التركيز على باطنية هذا الثورة البانية .ومنذ امرئ ألقيس وبشار وأبي تمام مرورا بالعديد من الأسماء التي أكملت عملية الحفر على القصيدة لتأخذ قافيتها الجديدة ..
لكن السؤال المطروح ، هو: ماهي القصيدة ؟؟
وكما يعبر عن ذلك الشاعر الكوري " كو أون " فهذا السؤال ممتد لا ولن يشيخ ولن يـُتـْعب من طرحه ،نظرا للتجديدات المستمرة في عملية الحفر هاته وعلى مدى مائة وخمسين سنة مرت من العطاء الفعلي الكتابي..
ولكن لنقف هنا ونتساءل مرة أخرى :
كيف يمكن أن ينتعش العطاء الشعري ، والولادات صعبة المخاض، والزمن تضيع فيه عملة الشعر { وسط رنين العملات الزائفة التي تقترف جريمة الشعر } ؟ نجيب العوفي..
ولكن ليطمئن القارئ / المتلقي/ والشاعر ففي { أطواء التراكم الكمي تثوي لا محالة نطفة التحول الكيفي } يجيب الأستاذ الناقد نجيب العوفي..
وحين يثار السؤال فثمة إشكال ، يلخص نجيب العوفي في دراسة قيمة وجادة مأزق القصيدة اليوم في عدة نقاط :
** الذاتوية أو النزعة النوستالجية
** التلبك اللغوي وتهافت المصطلح الشعري
** التغامض آو لعبة الاستغماية
** التقريرية والهتافية
وقد تأخذ هذه النقاط العديد من وجهات النظر ، ولكنها في صميم هذه الأزمة التي تختنق فيها أحيانا اللغة الشعرية / القصيدة اليوم
فالحداثة ، في كل مواطن الحياة تجديد مستمر يسائل الواقع وفي الممارسة الشعرية { هي ما يصنعه الشعراء الحقيقيون ، وليست مكانا مستقلا آو روشتة ، ولابد أن نذهب بها آو نلتزمها } "حلمي سالم " شاعر مصري .
ومسائلة الواقع هنا ليس تعبيرا عنه فالتعبير عنه هو وصفه ونحن نحتاج بهذه اللغة أن نقوله بديلا ونحاكيه تصورا آخر، لما هو موجود لأن ترجمة الواقع بالشعر { لا تؤدي إلى إيضاحه والى الكشف عنه ، وإنما تؤدي ، على العكس ، إلى مزيد من تعميمه ، وحجبه .} ادونيس
هذه وقفة عند ماهية السؤال " ماهي القصيدة االيوم ومن زاوية رؤى متعددة لاقلام كبيرة في عالم الابداع والنقد
رد: القصيدة النثرية ما ين سؤال الابداع وسؤال الارجاع
رؤى متعددة لمبدعين ووجهات نظر وإن اختلفت هنا أو هناك
فقد اتفقت من حيث ندري أو لا ندري
أن قصيدة النثر لا يتقن كتابتها بالشكل المفروض إلا القليل
شكرا لكِ ودمتِ بألف خير
،
،
رد: القصيدة النثرية ما بين سؤال الابداع وسؤال الارجاع
طرح جيد من أديبة تملك أدواتها في الأجناس الأدبية لا سيّما المستحدثة منها ...
وتبقى قصيدة النّثر الأكثر تعاطيا على مستوى الممارسة الكتابية فهي ثورة على اكراهات العروض وبحوره وهي تحرير للقصيد كما يراها البعض من القيود
ولكن تبقى قصيدة النّثر رغم تحررها تتطلّب رمهارة وتمكّنا وحذقا
شكرا الزهراء لهذا الطرح النقدي الذي تتميزين فيه دوما
توحشتك بالزاف صديقتي ....أمرّ بظرف عائليّ دقيق ...
رد: القصيدة النثرية ما بين سؤال الابداع وسؤال الارجاع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منوبية كامل الغضباني
طرح جيد من أديبة تملك أدواتها في الأجناس الأدبية لا سيّما المستحدثة منها ...
وتبقى قصيدة النّثر الأكثر تعاطيا على مستوى الممارسة الكتابية فهي ثورة على اكراهات العروض وبحوره وهي تحرير للقصيد كما يراها البعض من القيود
ولكن تبقى قصيدة النّثر رغم تحررها تتطلّب رمهارة وتمكّنا وحذقا
شكرا الزهراء لهذا الطرح النقدي الذي تتميزين فيه دوما
توحشتك بالزاف صديقتي ....أمرّ بظرف عائليّ دقيق ...
شكرا منوب على تجديد هذه الصفحة وكنت قد نسيتها تماما
بارك الله فيك يا صديقتي الصدوقة
ثم عفوا لم أقرأ حضورك هنا إلا اليوم
والله إنك في القلب يا منو إنها ظروف صحية وأشياء أخرى
ثم القلب معك فيما تمرين به اتكلي على الله والله لن يخيب الطيبين بحوله تعالى وقدرته
هي ذي حياتنا اليوم في هذا الزمان الغريب ، كلها تعب ومشاكل والمهم هو الصحة يا غالية
لك القلب صديقتي وربي يفك وجعك وما تمرين به وعائلتك الكريمة