قصة السيدة خديجة للسادس الابتدائي تلخيص وليست تأليفا
(1)
عندما بدأت كتابة سلسلة المقالات النقدية الخاصة بقصة السيدة خديجة المقررة على الصف السادس الابتدائي- حادثت زميلا ليقرأها ويكتب ما يراه، فأخبرني أن الأستاذ عبد السلام العشري كان مؤلفا لقصة تعليمية عن أمنا خديجة أيضا، وسيبحث عنها حتى يعقد موازنة بينهما قبل أن يبدأ.
ومرت الأيام والشهور وانقضى عام، واكتملت سلسلة مقالاتي عنها متمثلة في العناوين الآتية:
1- نقد وجهة نظر الغائب في القصص التي تجعل رسول الله شخصية أدبية.
2- هل يكون رسول الله شخصية أدبية ثانية؟
3- هل يكون رسول الله شخصية أدبية؟
4- الطفل .. بين أدب الإسلام والأدب الموجه إليه.
5- الأدب أو التاريخ .. أيهما السيد عند الأديب؟
6- في قصة السيدة خديجة .. لغة ميسرة الجاهلي قرآنية.
واكتفيت بما كتبت لأنه تناول كل ملاحظاتي، ولم يجد زميلي القصة ولم يعقد الموازنة.
(2)
ومنذ أسبوع كنت أرتب خزانة كتبي التي هجرتها منذ سنوات، فوجدت القصة التي أشار إليها الزميل، وقررت قراءتها لأرى أتحتوي على الملاحظات الواردة في المقالات السابقة أم لا.
وبعد قراءة قليلة أحسست تشابها لفظيا بين القصتين، فعزمت على عقد موازنة بين القصتين بعد انتهاء القراءة في مقال جديد، لكنني بعد استمرار القراءة فوجئت بالمفاجأة.
ما المفاجأة؟
إنها الحقيقة التي تعلن أن الأستاذ أحمد محمد صقر صاحب القصة المقررة على الصف السادس منذ سنوات قد قرأ قصة الأستاذ العشري ولخصها بحذف فقرات ودمج فصول، ولم يؤلفها على الرغم من وجود كلمة "تأليف" قبل اسمه على الصفحة الأولى بعد الغلاف الأمامي.
وكان ينبغي لوزارة التربية والتعليم أن تكتب "تلخيص واقتباس" قبل اسم الأستاذ أحمد محمد صقر وليس "تأليف"، وجعلني ذلك أترك فكرة كتابة مقال عن الموازنة إلى كتابة مقال عن فكرة الاقتباس تاركا قراءة القصتين لمن يود التيقن من ذلك؛ لأنني لو نقلت النصوص الدالة على الاقتباس لطال المقال طولا ليس مطلوبا.
(3)
كيف حدث ذلك؟
القصة الأم عنوانها في سطر واحد هو "خديجة بنت خويلد"، وكانت مقررة على الصف الثامن من التعليم الأساسي سنة 1405هـ و1985م كما تقول الطبعة التي أنظر فيها الآن، وألفها كل من الأستاذ عبد السلام العشري والأستاذ محمد عبد الغني حسن، وعدد صفحاتها 224، وعدد فصولها 23 فصلا.
أما القصة المقتبسة فعنوانها على خمسة أسطر كما تبين الفاصلة فيما يأتي "نموذج المرأة المسلمة، السيدة، خديجة، أم المؤمنين، رضي الله عنه"، وصفحاتها 143 صفحة وعدد فصولها 10 فصول.
(4)
والسؤال الذي يبرز: كيف تقلص 23 فصلا في 10 فصول؟
وكيف وضع 224 صفحة في 143 صفحة فقط؟
والجواب كالآتي:
ضم الفصل الأول من القصة المقتبسة المعنون بـ"نشأة كريمة" الفصول الأربعة الأُوَل من القصة الأم المعنونة بـ"ريحانة الدار، وخبر سار، وعروس قريش، وراهب مكة".
ودمج المقتبس الأستاذ أحمد محمد صقر الفصول الخمسة التالية المعنونة بـ"المقادير، وحزن جديد، وأمل، وعرض، ولقاء"- في فصله الثاني المعنون بـ"عزيمة ومهارة".
وجمع الفصل العاشر ونصف الحادي عشر المعنونين بـ"عزم، وتفكير" في فصله الثالث المعنون بـ"دوافع الارتباط".
ثم وضع نصف الفصل الحادي عشر المتبقي والفصول الثلاثة التالية المعنونة بـ"اتفاق، والزواج، وأبو القاسم"- في فصله الرابع المعنون بـ" الرباط المتين".
وجمع الفصلين الخامس عشر والسادس عشر المعنونين بـ"إيمان، وحديث مكة" في فصله الخامس المعنون بـ" بدء الرسالة وأولى المؤمنات".
ووضع في فصله السادس المعنون بـ"أم المؤمنين والجهر بالدعوة" الفصلين السابع عشر والثامن عشر المعنونين بـ"أم المؤمنين، والمعركة".
وفي فصله السابع المعنون بـ"في مواجهة الحصار" وضع الفصلين التاسع عشر والعشرين المعنونين بـ"اشتداد المعركة، ومعركة القوت".
ثم وضع الفصل الحادي والعشرين المعنون بـ"السهم الأخير" في فصله الثامن المعنون بـ"وفاة أبي طالب"، ووضع الفصل الثاني والعشرين المعنون بـ"فراق" في فصله التاسع المعنون بـ"وداع وأسى"، ووضع الفصل الثالث والعشرين المعنون بـ"ذكرى دائمة" في فصله العاشر المعنون بـ"ذكريات ووفاء".
هكذا رأيناه يجمل الفصول الكثيرة في فصل واحد بدءا؛ مما جعل الفصول الأولى تبدو كبيرة الحجم ولا تلائم قصة تربوية تقتضي قصر الفصول، ثم انتهى آخرا إلى نقل الفصل الواحد في فصل فصل واحد مع تغيير العنوان.
(5)
وقد يتساءل إنسان لم يقرأ القصتين معا سؤالا نظريا مؤداه كالآتي: ألا يمكن أن يكون مصدر أخذهما واحدا؟
وأقول: لا.
لماذا؟
لأن القصة قصة أدبية وليست تاريخية تعتمد الروايات.
وقد يثور سؤال شبه موضوعي.
ما هو؟
لماذا لا يكون التشابه تواد فكر؟
والجواب يسير مفاده أن التوارد لا يجعل التعبير متفقا على الرغم من وحدة الموضوع.