هي تجربة أو لعبة لعبتها ذات يوم مع اثنين من أصدقائي
رأيتها جميلة وأحببت أن أنقلها لكم
قال وقلت
قال: اخترت عنوانا كي لا يأتي قبل النهاية
قلت :رحل كثيرون , لم أتمكن من وداعهم فقد اختاروا الرحيل بصمت
قالت : لا أحب الوداع
قال : تدهسني عجلات الليل و ينعجن دمي بوحل اغترابي فأضيع في أتون السطر بهمس الكلمات فرفقا بي أيها الليل
قلت: أعد الأيام تبتسم هازئة من الشيب الذي سيتراكم جراء عدها و ابتسم حين أخربط في العد
قال : قد لا نجد أرقاما للعد وقد ننتهي بأرقامنا بمتواليات عددية لا نعرف أين تنتهي بنا
قلت: شعور غريب عندما يلتفت وجه ملاك فتجد كل بشاعة الخفافيش
قالت:لا تستغرب فلا وجود للملائكة
قال: يرتديني كل ليلة بثوب الفرح ويعطر أركاني بدفء الكلمات
قلت: امتلأت خزانة العمر بثياب كانت الأشباح ترتديها في الحفلات التنكرية, رحلت تلك الأشباح وعلقت رائحتها بأجساد من يرتدونها
قالت: أنتظر ارتداء ثوب الفرح
قال: أشعر بقدوم الفرح
قلت:أحتاج إلى نوبة صرع استعيد فيها ذاكرتي كي أكتب رسائل لعينيها من جديد
قالت : من ؟ سعاد!!!
قال : أتكون حقا سعاد؟
قلت: يا ليل ... عندما كانت سعاد موجودة امتلأ صدرك بالنيازك التي هطلت غيرة علي و اليوم أشعلت شموسا يملؤها الحقد كي تشوي وجهي لأرحل
قالت : أغار .... ولكنني لا أحقد على من أشعل غيرتي
قال: أفكار تملأ رأسي فأحتاج إلى مساحة أكبر لمن يقرؤني
قلت: سأكتب للريح وصيّة لتعمل بها بعد رحيل الهدوء .. فحواها : لا تزعجيها بهبوبك .
قالت : أحقاً تهمك راحتي ؟ أحقاً تحتري رضاي ؟ أحقاً ؟
قال : اقرئيني بصحف الصباح وقلّبي العناوين وانتقلي من عمود إلى عمود وفي آخر عمود في الصفحة الأخيرة نلتقي
قلت : هاجرت طيور الفرح باحثة عن الأمان الذي لم تجده داخل العش الذي بنيته لها في القلب ... لترحل.. لن أعاني .. لن أبكي ... فقد عودتني الأيام أن أصبر.. لذلك سأموت .
قالت : مجبورة أنا على الرحيل كي لاألوّث الذكرى الجميلة التي جمعتنا ذات حب
قال : ضعني ربطة عنق كي تكتمل معك الألوان
قلت : لامكان في القلب لزائرة جديدة .. اجلبي معك العفش واجلبي جدران غرفة تستترين بها عن أعينهن وإلا التهمنكِ
قالت : جدران قلبك ستحميني من أعينهنّ
قال : سأسدّ أذني عن الأبواق وأتأمل بعينيك ربيعاً جديد
قلت : هل تذكرين ذات هجر حين بكيت .؟ هل تذكرت كيف جئت .. راكعاً .. كيف تلبدت سماواتي بغيوم الدمع .. أم النسيان طبع الغواني .
قالت : سافرتَ عن دنيا حبي دون أدنى التفاتة
قال : أحقاً , ولكنّ أورفيوس لم يستطع إلا أن ينظر للخلف
قلت : تباً للأساطير التي تبتاعها لتحمل منها بعض الدموع تقولها بصوت عالٍ كي تستجدي دموعاً قد لاتستحقها
قالت : أشتاق أن آخذ جرعة من خيالك عن بعد .. سأجعل تلك النظرة زوادة تكفيني بقية العمر
قال : عندما وضعت نظارة لعينيها أصبح وجهها أجمل ولكن هنالك سؤال ينتظر الإجابة : هل ستتغير نظرتها للعالم ؟
قلت : خطوط ودوائر ومربعات ... طلاسمك تكاد تقتل فيّ الحب.
قالت : أبحث عنك في كل وجوه المسافرين ... وبعد كل وجه تزيد خيباتي خيبة .
قال : بنظارتها الجديدة تقرأ الوجوه فيسقط وجه تلو الآخر وبذلك تكون بلورتها أكثر صفاء
قلت : كفاكِ رقصاً على جسد القتيل . فلقد بالغتِ في القسوة . أتراها عشرة الذئاب نزعن ذلك اللون الأبيض من قلبك ؟
قالت : قد يمتلئ القلب بنقاط سوداء ولكن بين كل نقطتين سوداوين تجد نقطة بيضاء تصيح باسمك .. متى ستعود ؟
قال : أستطيع أن أسمعك .. أستطيع أن أقرأك .. أستطيع أن أجدك في قلبي حتى لو انتهيتُ ورقةً صفراء .
قلت : حاولت الرسم بعد أن أخذت جرعة حقد .. كانت اللوحة لطخة سوداء على جدار أبيض .
قالت : قوس قزح بانتظارك
قال : أحقاً هو أنت وأنت تضع واحدة على أخرى وتحرق أنفاسي وتذرني رماداً وتبتسم .
قلت : بحثت عن سعاد اليوم .. لم أجدها .. قولي بربك ماذا فعلت بها ؟
قالت : هاهي في داخلي لكنّهم أغبياء .. لايطيقون رؤيتها .. فسعاد عورة في نظرهم
قال : عندما أكون معك لاأكون مع الغربة
قلت : أنانيةَ العينين والشفتين والرأس . أموت وأحيا ثم أموت وأحيا ثم أموت وأحيا ... بأنانيتك .
قالت : سأسمح لأنانيتي بالتخلي عن رجولتها إذا تعلق الأمر بك
قال: بأنانيتك فرضت عليّ المكان ولكنني فرضت ذاتي فلا زاوية تحبها ولاجدران .
قلت : مات جبران .
قالت : وماحال مي ؟
قلت : كعادتها بكت قليلاً وواصلت بعد ذلك الرقصة التي اعتادت عليها .. فما معنى أن يموت جبران .. جبران آخر يقف في الباب .
قال : لماذا ياسعاد ؟
قلت : لماذا يا سعاد ؟
قالت : كفاك اتهاماً لي فقلبي ليس كما تتصور .
قال : لماذا هذا الامتعاض وأنا لا أقلد أحداً , كم أنتم ضعفاء أيها السادة .
قلت : سعاد .. أين كنتِ منذ سنين ... أين كانت تلك العينان تختبئان . أتراكِ تقصّدت التأخر في القدوم ...؟
قالت : كنت أبحث عنك .
قال : سأترك كل الأشياء .. كل الأبواق .. وأعيش داخلي .. وألواني .. وكتبي .. وأوراقي .. وأنت وقلبي .
قلت : تأخرتِ
قالت : كان العثور عليك صعباً .
قال: تنقلت بحقيبتي عبر شرايين الحياة فكنت أنت ِ محطتي الوحيدة فروحي أقحوانة ألفت أرضك وتأبى الرحيل .
قلت : أهناك متسع لراكب أنهكه الانتظار تحت مطر السنين ؟
قالت : تعال .. وسوف أخبئك تحت مظلة حبي
قال: بمعترك الحياة الازلية كانت معركتي.. وكانت حربي .. صارعت طواحين الهواء مع الدونكيشوت ... وقاتلت في حرب طروادة مع أخيل وفي النهاية خسرت قلبي معك
قلت: لا مكان للرجوع أمامك ثلاثة أبواب مفتوحة اختاري أحدها واكتبي عليه حرفين ثم عبارة ( ممنوع الدخول)
قال: ما دمت أنت من صنع الأبواب سأصنع أنا عالماً لك وراء كل باب
قالت: وماذا إن لم يعجبني عالمك؟
قلت: افتحي الباب واخرجي.. فعوالمي ليست بحاجة إلى يائسات
قالت: اليأس في بعدي عنك.. فتعال أنت إلى عالمي
قال: برحيل الأمنيات ماذا يبقى ؟ وبرحيل الأمنيات ستأتي معطيات جديدة تملأ الفراغ
قلت: ألديك مكان للسر ؟... تحرك شيء ما... لا تخبري به أحد
قال: منذ ولادتي أخفيت بكائي
قالت: وعد أن أكون لكَ فقط .....
قلت: ألقاك هناك بعيدا عن مسامعهم ...إلى اللقاء.