((((حكايات النساء معه لا تنتهي ..عرف كل ما يتعلق بهن ..التصق بهن والتصقن به ..ماتت الأسرار في صدره ..الآن يشاهدهن ويتذكرهن جيدا ..بعضهن كبرن والبعض الأخر أصبحن عجائز وجدات ..وأمهات لرجال كبرا يفتلون شواربهم ويظنون أن بيوتهم من حديد وليست من زجاج
يجلسون في المقاهي ويتحدثون بإسهاب عن بنات الناس وأعراضهن بينما كانت أمهاتهم من اكبر الداعرات ((((!!!!
نحن معبأون بالعيوب التي لانقبل أن تكون في الآخرين ..قول حكيم جدا سواء كان للكاتب أم لوالده ..صادق هو المثل الليبي القائل (الجمل ميشوفش عوج رقبته ))..لعل أشارتنا للعيوب في الأخر يخفف وطأة ملأنا نحن بهذه العيوب ..ويعطينا بعض السلوى بأننا الأفضل والأنقى والأطهر مقارنة بالأخر الذي يحمل حقا عيوبنا نحن ...مفارقة عجيبة !!!
نسيت هي ..ولم ينسى هو ...
إنها طبيعة الرجل الشرقي ..يظل كالجمل متصيدا ومتذكرا لكل أخطاء أنثاه وكأنه مخلوق من طهر وصدق وبراءة ..
يفضل أن يتزوج الفتاة التي تخطبها أمه ولو كانت ترافق كل شبان الحي وهو لا يعلم ..حتى لاتعذبه ذاكرته بعد ذلك ..عن أن يتزوج فتاته التي ضحت بتعاليم القبيلة من أجل حبها له((( !!!!!!
لم يكن في إبراهيم أي نبت شيطاني ..كان اصفر اللون ويميل إلى الحمرة ..((ويهمس أهل الحي أن أمه كانت على علاقة بأحد العمال الطليان الذين يعملون في المجاري )))
ربما لم يكن في الطفل البريء اي نبت شيطاني ..ولكن نحن من يصنع الشيطان في القلوب البريئة ..الهمس والغمز واللمز ..العنصرية والظلم ..يصنع أكثر من وحش ..يصنع إبراهيم !!!!
وردة ..وزهرة ..وسبب وسرايا وسالمة وحواء ..
نماذج كثيرة لنسوة كن ولا زلن يعشن بيننا ..فيهن الشريفة العفيفة وفيهم من اضطرتها الظروف للتخلى عن شرفها وفيهن من وجدت نفسها في هذا الطريق ..نرى وجوههن في هيأة أسماء أخرى ...فتحية سدينة ..عزيزة ..أو حتى مروة وياسمين وسلوى ..تختلف الأسماء ولكن يظل ظلم هذا المجتمع المكبوت لهذا المخلوق الذي قدر له وسمى ..امرأة ..بكل ما تحمله هذه الكلمة من مدلولات ودلالات ..
أسوأ شيء يمكن أن يحدث للإنسان ..أن يخلق امرأة ..والأسوأ أن تكون المرأة ليبية ..
أن تكوني امرأة ليبية يعني ذلك أن تكوني دائما في حالة دفاع ..وان تكوني دائما في قفص الاتهام ..ويجب عليك إثبات العكس لرديء سوء النية ..
في البداية ..يجب أن تطبق بتهذيب تلمود الأسرة الليبية وتحفظه عن ظهر قلب ..وعندما تتزوج يجدر بها أن تحفظ بنود واجبات الزوجة ..وتنسى ما تعلمته عن حقوق الإنسان!!!!
أن تكون المرأة ليبية ..يعني أن تتعرض للكبت والتصغير والسخرية من إمكاناتها وقدراتها ..وأن تنسى معاني حرية الرأي ..وحرية التعبير ...وحرية الاختيار ..وكل الحريات في العالم ..
أن تكوني امرأة ليبية ..يجب أن تختاري ما بين بيتك وأطفالك ..وما بين رغباتك البريئة وهواياتك وميولك وأفكارك التي تقع تحت طائلة العيب والحرام !!!
وأن تظلي مخلصة لطقوس القبيلة ..التي تحصر المرأة في الطبخ والنفخ وحضور اللمات وقرمة عباد الله ..
وأن تكون الكتابة جرما ..تعلق به على مشانق اللوم والتأنيب ...والتهديد والوعيد ..
وأن يكون التفكير في أشياء مرفهة كالرسم والموسيقى والتسلية البريئة ..ثورة للتخلص من أصفاد العبودية ..وليس لها وقتها عقابا إلا المقصلة..
وكي تكوني امرأة ليبية بامتياز ..يجب أن تنسي كل المفردات ..إلا كلمة (نعم ) ..وأن لا تفتحي فمك إلا للأكل ..حتى تصبحي مثل الفيل حجما وبلاهة ..وأن تتقني فن النفاق والغيبة والنميمة والحسد ..
وقتها فقط تنالي الدكتوراه كامرأة ليبية متميزة ..
**********
سيرة متعب ..لشخص ربما وجد مع تعبه اللذيذ ..الكثير من الحب ...من والد حمله مسئولية كل هذا الشقاء..
هل نرتاح عندما نحمل الآخرين سبب شقائنا وتعبنا ..ولو كان هذا الشخص أكثر من أحبنا في هذه الحياة ..
وسؤالي لصاحب السيرة ..هل تساءلت يوما بينك وبين نفسك ...هل حملت أنا أيضا أبنائي بحمل الشقاء والتعب ...هل فكرت أن أجنبهم هذا التعب والشقاء أم ظللت طوال هذه الملحمة أبحث لحل وحضن دافئ وكلمة حنون وامرأة سوبر لا توجد إلا في ممالك الجن وخرافات ألف ليلة وليلة ...تنسيني كل هذا الشقاء وهذا التعب ...
***********
بعض من سير التعب ..ملحمة وقصة ليبية خالصة ..وبنغازية بامتياز ..ربما ليست أفضل السير التي قرأتها ولكن إحساسها العالي شدني وصدقها وروحها الإنسانية وروائح الأمكنة والناس ومشاعرهم وأحزانهم وظلمهم ..أفراحهم البسيطة ..وأحزانهم الطاغية التي يحاولون التخلص منها بالمزيد من الظلم و((القرمة ))في أعراض الناس وأسلوب حياتهم و ((النقارة** ))عليهم ...
أتمنى حقا الحصول على الجزء الثاني من هذه السيرة ..وان لم يكن هناك جزء ثاني فأني كقارئة أطلب من كاتبها السنوسي الغزالي أن يتحفنا بها .
ــــــــــــــــــــــــ
• كاتبة ومدونة ليبية
• القرمة في اللهجة الليبية [النميمة]
** النقارة في اللهجة الليبية بمعنى الغيرة الشديدة..ويقال نقار بتشديد القاف بالفتحة أي غيور.