العبد الصّالح
أرجوزة من وحي كوكب الصّبح المنير... الخضر (ع)
بقلم: حسين أحمد سليم
أديب, كاتب و شاعر و فنّان تشكيلي عربي من بقاع لبنان, بلدة رشادي النّبي في نواحي غربي بعلبك.
سبحانه جلّ و علا, ربّ النّاس و كلّ الملا, نتهجّد له في السّماوات العلا, بغيره لا حول لنا و لا قوّة و لا... عدالة شاءها قبضة مادّية من خلاصة ترابيّة, عجنها الله بحكمته الشّموليّة, و نفخ عزّ و جلّ فيها بومضة أثيريّة من شفافيّة روحيّة, فتجلّت عظمته الوحدانيّة في بديع صناعته الكماليّة, فكانت شخصيّة قرآنيّة من نسل الحياة الإنسانيّة, تحمل كلّ السّمات البشريّة, من عقب آدم أبو البشريّة و رحم حوّاء قرينته القدريّة...
شخصيّة قدريّة, شاءها كما شاء, له العزّة ما شاء, سبحانه بما قدّر و شاء, فكانت على ما شاء, شملتها العناية الإلهيّة, و سكنتها الرّحمة الرّبّانيّة, تنتعش بالمودّة القدسيّة, و ترتعش بالنّفس الطّمأنينيّة... فريدة التّشكيل و التّوصيف, مُميّزة الدّلالات و التّعريف, سموّا لها في التّشريف, و حمل مهامّ التّكليف... مُحكمة التّقيّة و التّرميز, زيادة لها في التّبجيل و التّعزيز, و رفعة لها في التّأويل, و إثراءً لها في التّحليل, و كمالا لها في الحسن الجميل... إجتهادَا في التّفسير و تفكّرًا في التّعبير, وحيًا من لدن الحكيم القدير, لمن شاء التّعقّل و التّفكير...
عرّفتها الآيات المحكمات في سياق القصص المباركات, بالعبد العالم, صاحب المعجزات, في كتاب الله المجيد, صفوة الإعجاز الفريد, تثبيتا في سورة الكهف, بقوّة لا يخالها الضّعف, تسمية له بالعبد الصّالح, يهدي راشدًا للمجتمع الطّالح في الزّمن القاهر القارح, درءً للإعوجاج و الفعل الجارح, فكان الأمين النّاصح و المؤتمن المّتفكّر بالعقل الرّاجح المُكلّف النّاجح في الفعل القويم الفالح...
حدّثتنا عنه القصص الحقّ و المرويات, الكثير من صدقِ الحكايات, الّتي تتجلّى في كنهها المعجزات... شخصيّة مباركة من ربّ السّماء, قيل عنها أنّها لازمت الرّسل و الأنبياء, و ظهرت للأتقياء و الخلفاء, و حضرت مجالس الأئمّة و الأولياء, و قدّمت للرّاحلين في رحاب الله واجب العزاء, إستجابت طوعًا لأمر الله في رسالة الحياة, لتقوم بما أوكل لها من طهارة المهمّات, توجيهًا و تعليمًا من أجل الإستقامة و قداسة الحياة...
هو عبد الله, العبد الصّالح, صاحب السّيرة البهيّة, الخضر في الدّيانة المحمّديّة, إلياهو النّبي في الدّيانة الموسويّة, مار جريس الحيّ في الدّيانة العيسويّة... له القصّة الشّهيرة مع موسى (ع) نبيّ اليهوديّة, ملازم الأنبياء في الحقب الزّمنيّة, الذي باركه الله بعين ماء الحياة المعجزة القدريّة, رفيق ذي القرنين في البحث عن سرّ الإستمراريّة, له الكّ الهائل من اللوحات المشهديّة, التي تتماهى بها الفنون التّشكيليّة, و هو يصرع التّنّين في المغناة الأسطوريّة...
المشهور عنه عبر الحقب الزّمنيّة, تجواله في الإمتدادات البرّيّة, و تنقلاته السّريعة في النّوحي الجغرافيّة... له في كلّ بقعة العديد من المزارات, وحيث صلّى له الكثير من المساجد و المقامات, و تبريكا لذكراه أقيمت له القبب و المشهديات, تجاوزت تعدادًا ما يربو على المئات...