عزيزالعرباوي*
كان السيد المدير محظوظا لأن يأخذ صورة أحد الملوك الراحلين وهو يزور المدرسة التي يتحمل مسؤولية الإدارة بها. كان مديرا سعيدا وغير متحامل على معلميه رغم ما كان يمثله المدير في سنوات السبعينات من القرن العشرين. كان كالقمر يزهو في مشيته وفي كلامه ويعتد في أحاديثه مع الكل وهو يضع في جيبه صورة الحظ والكرامة والعزة والمستقبل العظيم .
وذات يوم قرر السيد المدير أن يزور الوزارة الوصية ويقابل المدير العام بها لا لشيء سوى ليعتد بهذا الفعل ويفتخر به أمام أقرانه. وصل الوزارة ووقف أمام السكرتير الأول للمدير العام وقفة رجل عظيم لا يعرف الخوف والوجل ثم خاطبه :
_ أريد أن أقابل السيد المدير العام.
أجابه السكرتير بتهكم بالغ وأمطره بأسئلة متهكمة :
_ ماذا أقول له ؟ هل أنت من الشخصيات الكبرى بالبلد ؟ كيف أقدمك إليه ؟ هل لك موعد سابق ؟ .
حار الزائر في أمر هذا السكرتير وأسئلته المحيرة والكثيرة التي لن تقدم ولن تؤخر شيئا، ثم رد عليه بعجرفة :
_ قل له إن أستاذك يريد مقابلتك ...
ما إن سمع السكرتير هذا الرد، حتى سارع بالدخول للاستئذان، وما هي إلا دقيقة أو أقل حتى رجع السكرتير بالفرج ليجد السيد المدير نفسه أمام المدير العام للوزارة شخصياً. وقبل أن يطالبه بالجلوس بادره بالسؤال :
_ قلت إنك أستاذي، متى كان ذلك ؟ وأين درست لي ؟ .
رد الزائر بثقة بالغة :
_ أنا أستاذك وأستاذ أساتذتك، بل درست لوزراء وقضاة ...
(وفي أثناء هذا الرد مد يده إلى جيبه ووضع الصورة أمام مكتب المدير العام) انظر لهذه الصورة، الملك بجلاله وقدره تصور معي ومنحني ثقته... هل هناك أكثر من هذا الشرف ؟ .
تملكت المدير العام ضحكة هيستيرية كادت تنزله من علياء الرتب والمسؤوليات إلى عالم الزائر الغريب. ثم قال له :
_ لابأس، تشرفت بمعرفتك يا أستاذي، ومن الآن فصاعدا، فأنت مرحب بك ولك الحق في زيارتي متى شئت وطلب ما شئت .... مع السلامة .
ومن يومها والسيد المدير يداوم على مكتب المدير العام وعلى الوزارة وينتقل مئات الكيلومترات من أجل هذا الأمر... *كاتب من المغرب