الجبل مسترخٍ على أعواد الزمن ، لكنَّ جماعة من المصعدين
إلى قمته تحث الخطى فيما الشمس تطرح ثقلها على ظهورهم المحنيَّة ، كان الاقتراب من القمة حلماً يحدوهم للاستمرار ، و على صعوبته المقيتة يجذبهم إليه من دون نفور .
تداعت صخور كثيرة نحوهم ، فتكت بكثير منهم ، صيَّرتهم أشلاء ، كان أحدهم ينظر نحو الأعلى ثم يلتفت إليهم مبتسماً ابتسامة خبيثة خفية ، و يتابع المسير .
كان أكثرَهم شباباً و فتوة ، لذا تسنى له أن يتقدمهم جميعاً ، و أن يتخذ حين تهاوي الصخور زاوية يأرز إليها ، فيما تتطاير لحوم رفاقه ذات اليمين و ذات الشمال .
وصل بعضهم القمة أخيراً ، لكنهم لم يصابوا في حياتهم بمثل ما أصيبوا به من الدهشة حينئذ .
كان تمثال هائل لرفيقهم صاحب الابتسامة الخبيثة راسخاً على القمة يغطيها ، و حوله حراس لهم مثل سحنته ، بل لهم وجهه و شكله نفسهما .
نظر بعضهم إلى بعض بذهول ، ثم تحول ذهولهم إلى خنوع و استسلام ، أقعوا كلهم على الأرض صامتين ، و قدموا له التحية .
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ