من هي ؟
ربما هي النور المنبثق من العدم ، لا أعرف ، سابقاً كنت أنعتها بحقيقتي التي ترتدي ثوباً مخفياً في كون هلامي ، والآن أراها أنثى حقيقية تختصر كل نساء العالم ، لهذا أصبحت أعشق كل انحناءات الكون بعد أن أدهشني تناسق تلك الأقواس التي تخطط جسدها ، هكذا قرأتُها عندما قرر القدر أن يجعلني وصياً على معرفة لم تولد بعد ، فكان كل الفضاء يلف ضوء ذاكرتي الآتية ، كسواد ليل يهجم على بياض عمرٍ لي بدأ للتو .
كانت بدايتي ، عماء ، سكون ، صمت ، ليل أشبه ما يكون بتلك العباءة السوداء حينما تلتف حول شمسها العارية ، فيختفي تحتها ذلك الجسد الممتلئ فجراً ، من هنا تم اختراقي من نقطة صغيرة تنفتح من دماغي على عالم لا متناه ، كلما أرتقي خطوة كلما أقترب أكثر من الأرض ، وكلما نظرت إلى السماء لا أرى غير هذا الكوكب الأزرق تحت قدمي ، وأنا بينهما معلق بجسد أنثى .
عبثاً حاولت أن أبني جداراً يمر بين نافذتين متقابلتين ، وكل سنواتي التي عشتها وحدي بعيداً عن حقيقتي المحجوبة بكتاب مقدس ، كانت خلوة غير شرعية مع أنثى كونية لا تعترف بالنوافذ المغلقة ، عندها فقط أدركت بأني كنت أبني الجدار بهيئة جسر معلق فوق ماض سحيق .
وما أكثرها تلك الجسور التي بُنيتْ والتي لم أعبرها قط ، لأنني كنت لا أرى في سفري ضفة أخرى ، فكل ما حولي بحر هائج ، ما الحاجة للجسور وأنا أمشي على الماء ! لقد بنيت للذين يريدون العبور إلى الأعماق ، وكم كانت صدمتي كبيرة عندما اكتشفت بأنّي كنت أمشي على جسد أنثى صامتة .
ما أحاول تحطيمه في الخارج ، يعيد بناء نفسه في الداخل ، وكلما كثرت القيود حول معصمي تكسرت الحواجز في ذهني ، لذلك رسمت نقطة على الحائط ، وقلت من هنا البداية وبعد أيام فقط أصبح الحائط المنقط كابوساً يرعبني ، وكأن مشهد إعدامي سيكون أمام هذا الحائط ، عندها علمت أن البداية والنهاية نقطة واحدة ، وهكذا كنت أتساءل في نفسي . لماذا نتجاهل إن الشمس ثابتة ؟ وإن الشروق والغروب هما محض كذب !! ولماذا نتجاهل أن الرجل هو موجة تهتز بين نهدي أنثى !!
كل هذه الأفكار كنت أدفنها في رأسي وأمنعها من الخروج ، مهمتي المستحيلة تمنعني أن أتنازل لأي أنثى بكلمة ود أو غزل ، لست أنا من أهبط إلى تفاهة الحب ، ولكنني لم أنتبه أن كفة الميزان في الخارج ، والتي كانت تغص بالكتب ، لم يعادل كفتها الأخرى إلا جيش من النساء في الداخل .
وبينا كان ولعي بالمعرفة يتحدى المعقول ويميل للتمرد ، كانت الكفة الأخرى تعجز عن إيجاد النظير ، لذلك صنع لي الخيال أنثى متمردة لا أجرؤ على مسها .
انظروا إلى أشعاري ستجدون هناك أنثى كاملة لا تخشى تهوري لأنها تعلم أني عاجز عن مسك الحقيقة بيد واحدة .