أولا و قبل كل شيء ، رمضان مبارك كريم لكل مبدعي و كتاب الملتقى.
أغمض زروال المراكشي عينيه و غاص في عوالم روايته الجديدة.
منذ أسبوع ، خطرت له فكرة قصة بوليسية للخروج من نمط الروايات و المسرحيات التي فكر فيها من قبل. يريد أن يصوغ رواية على شاكلة كاتبه الأنجليزي المفضل جيمس هادلي شيز الذي قرأ له عددا من الروايات. و فعلا ، لقد استطاع خلق أحداث و شخصيات يعتقد انها قادرة على جذب انتباه القارئ و عدم افلات الرواية من يديه حتى آخر صفحة.
بعد اكتمال كل فصول الرواية في ذهنه ، ارتسمت ابتسامة رضا على شفتيه و استسلم لنوم عميق. لديه الآن مخططات لأربع مسرحيات و روايتان اجتماعيتان و أخرى بوليسية.
كان زروال قارئا نهما منذ طفولته. أحب التعرف على شخصيات و السفر الى مدن و حتى التعرف على حقب تاريخية سابقة بمجرد فتح رواية و الغوص في أحداثها.
في سن العشرين ، كتب زروال قصتين قصيرتين رأتا النور على صفحات احدى الجرائد المغربية. كانت فرحته لا توصف و هو يحدق في اسمه المكتوب على صفحة الجريدة. أخبر عائلته الصغيرة و أصدقاءه الأمر و تمنوا له النجاح و تحقيق متمنياته الأدبية.
بدأ عندها حلم كتابة و نشر روايات يراوده – ولم لا – لينضم الى كوكبة الأدباء المغاربة الذين غذوا الساحة المغربية و العربية بابداعاتهم الأدبية. كان يعتقد أنه يمتلك الموهبة و أن باستطاعته صياغة احداث في قالب مشوق و بأسلوب يظاهي ما أدمن قراءته من روايات لأدباء أحب انتاجاتهم الأدبية و تأثر بطريقة كتابتهم.
في سن الرابعة و العشرين ، وقع حادث مأساوي لزروال غيّر كل حياته الى الأبد. لقد أصيب بكسور بالغة الخطورة في عموده الفقري و جمجمته أدت الى شلل كلي. أصبح زروال عاجزا عن تحريك أي عضو من اعضاء جسمه – باستثناء عينيه – و لا يستطيع التنفس أو الأكل الا بمساعدة آلات طبية أحضرت خصيصا من ألمانيا و وضعت بجانب سريره.
في الأيام الأولى لمأساته ، كانت الدموع تنهمر كشلالات من دموعه دون توقف و هو يبكي على حاله و عجزه الكلي. كان يتمنى أن تخرج من فمه و لو صرخة مدوية تعبر عن مدى الألم الذي يعتصر قلبه. في المرحلة الأولى من محنته ، أعياه التفكير و أسهده و هو يتساءل لماذا اختاره القدر هو بالذات ليحد من تحركاته و يسكت صوته الى الأبد . و لكن بعد اليأس ، بدأ تفكيره يحته على تقبّل قدره . و كانت السور القرآنية التي تقرأها له أمه كل مساء كيد حنون تمسح كل همومه و يأسه.
في هذه المرحلة ، اكتشف سحر السفر الى عوالم متخيلة و خلق شخصيات و أحداث يقوم بصياغتها في قالب درامي. عندها فقط أدمن تأليف المسرحيات و الروايات الإجتماعية و التفكير في هموم و مشاكل شخصياته المتخيلة ليهرب من مشكلته و لو مؤقتا. و كان يشعر بالفرحة و السعادة و قد أكمل رواية أو مسرحية ما. و لكن كان كالمدمن على المخدرات ، ما أن يضع نقطة نهاية لعمل ادبي ما حتى يبحث عن بداية سفر أدبي آخر.
لقد بلغ اليوم زوال الثالثة و الثلاثين من العمر و هو لا يزال سجينا لسريره لم يغادره منذ ما يقرب على العقد من الزمن. ولكن ، و بالرغم من ذلك ، فقد استطاع وضع مخططات لأعمال أدبية يطمح أن ترى النور يوما و يصبح اسمه متداولا في الأوساط الأدبية. فلديه أمل كبير أنه لابد سيأتي يوم يقف فيه على قدميه و يستطيع التحكم في جسمه و خط رواياته و مسرحياته على الورق و نشرها.