كان يرفض دائما نزوح عائلته من العاصمة بغداد رغم اشتداد القصف الجوي عليها وشمل الأحياء السكنية منها وانقطاع الماء والكهرباء وكل سبل الحياة الطبيعية.كان يعتقد البقاء في بيتهم اخف وطأة من النزوح ولكن. سيطر الرعب على اطفاله من شدة القصف العشوائي لبغداد وفي اخر اتصال له معهم..شعر ان وجود حل..يستدعي تواجده..لتخفيف حالة الرعب لديهم...كان ذلك في بدايات التسعينيات من القرن الماضي؟؟
أستأذن من مرؤسيه..يومان للذهاب لعائلته فقد مضى اكثر من ثلاثين يوماً لم يزرهم..ورغم بعد المسافة..فوحدته العسكرية في البصرة في الدريهمية..وعائلته في بغداد..
وصل فجرا..مع زملاء له..فشحة الوقود لا تسمح
لكل منهما عجلة.. وجد عائلته في رعب مروع..
بالأمس قصف مقر للدفاع المدني وهو قريب لبيته..وجد اطفاله في حالة ذهول غريب..استقبلته الصغرى ..وهي تشكوه رعبها..وتخبره باحلامها المرعبة..وتشرح له كيف صديقتها وامها وهي مارة قرب الدفاع المدني كيف تناثرت اشلائهما
ورغم ان هذا المقر ليس عسكرياً ..بل هو للاسعافات الطارئة من حرائق وكوارث طبيعية ولكن في نشرة الاخبار المضللة ..تم قصف مخبأ للمواد الكيمياوية..
لم يكن امامه الا الذهاب للريف حيث طفولته وموطن اهله..فأخته من ابيه هناك..وقسم من ابناء عمومته..وهكذا اخذ عائلته..وكل الذي اخذوه معهم..ملابسهم..وحاجياتهم الأنية..
حين وصل القرية تفاجأ بأن القرية مكتظة بالنازحين من العاصمة..منهم اقرباء ومنهم غرباء والقرية في نفير..انساني..فالعوائل النازحة للقرية
اكبر من أن تستوعبها بيوت القرية..
هناك من افترش الارض العراء..وهناك من استظل بالبساتين..اضافة لما استوعبته بيوت القرية..
عاتبته اخته..-كان يجب ان تجيء بهم قبل هذا الوقت..لم يجد لها جواباً..
لم يكن له خيار..فقد كان بيت لابن اخته مقابل بيتهم بيت قيد الأنشاء ,بيت يفتقد كل معايير السكن,بيت تخترقه الرياح من كل صوب, وارضه الترابية زحفت اليها الرطوبة من اثر المطر,لا شبابيك ولا ابواب..بيت لم يمتلك من اسمه الا الطابوق وجدرانه وسقوفه الأسمنتية..لم يكن امامه الا القبول به..ولم يكونوا وحدهم فيه..فقد حشر معهم عوائل قريبة لهم..أستقر الحال بهم هناك..وكانت لمحه انسانية رائعة ..تقاسم الجميع الافرشة والمأكل..واستنفر الصغار والكبار..فغطت الشبابيك بالأقمشة كذلك الأبواب..ولما لم يكن هناك مواد تدفئة..لم يكن امامهم الا الاشجار اليابسة..
من الطبيعي جداً ان تكون هناك معاناة في المعيشة ..فعائلته تربت في العاصمة وترفها وزوجته من العاصمة ..حتى هو..لم يعرف من الريف الا ذكريات قسم منها شيء من الحلم...
زوجته كانت في شهرها الأخير..وكان ينتابه شعور ما..بأن المخاض قد يأتيها في أي لحظة
فقد ولد كل اطفاله في زمن الحرب ..وكانت ولادتهم تتم في اليوم الأخير لأجازته..ربما هو جانب نفسي يجتاح زوجته ويعجل بولادتهم..ولكنه كان يحرجه..فعليه البقاء معها..ولكن سيرته وموقعه كان شفيع له دائما لتأخره....
حزم حقائبه, فقد حان موعد قدوم العجلة التي ستقله لوحدته العسكرية...
ها قد وصلت العجلة بموعدها..دخل الى زوجته وأولاده مودعاً..وعندما هم بالخروج..سمع صوت زوجته الخافت..لا تذهب...فقد جاء المخاض..
لم يتفاجأ..بل كان يتوقعه..ولم يكن امامه الا ان يبقى...كان يعلم ان الظرف العسكري لا يسمح له بذلك ولكن لم يكن امامه خيار..كان من الصعب عليه التأخر في الألتحاق..وخاصةً هو جزء من الهرم القيادي في وحدته العسكرية..رغم انها فنية هندسية مساندة لكن هذا لا يعفيه من التواجد..فكل الأخبار والمؤشرات اللوجستية تشير الى ان الهجوم البري قادم بعد ان قطعوا أوصال العراق من طرق برية ومنشأة وبنى تحتية..ولم يكن امامه الا الأسراع في نقل زوجته للمشفى في القضاء لان القرية تخلوا من مركز صحي او مشفى..
في المشفى لم يكن الا طبيبة مقيمة..وعاملة خدمة..والظلام الدامس يلفها, الا من فانوس صغير يكاد ينطفيء لقلة النفط فيه..
كان المخاض في أوجه.أدخلوها لصالة الولادة والمشفى اسمه هكذا والصالة اسمها هكذا فهي لا تملك الا الأسم..
خرجت والدته وتبعتها اخته..وهما في حالة انشراح..مبروك..جاءتك عروسة أمورة..تمتم الحمد لله..ما أعطى..
لم يخطر في باله أسمها..كان في قلق على زوجته والطفلة..ودخل اليها ..الحمد على السلامة..همست بصوت متهدج..أسميتها دعاء..دعاء لك بالعودة والسلامة..دعاء السلام..
أثرت الشجون أخي أ.قصي الحمود
نص أعادنا الى تلك الأيام العصيبة التي تكالبت فيها قوى الشر والظلام على وطننا الحبيب...
أعادنا الى تلك الروح الأصيلة روح التعاون والإيثار ..كثير من العوائل البغدادية مرت بهكذا ظرف والتجأت الى الأرياف بسبب قنابل العدوان الغبية التي لاتفرق بين مستشفى أو ملجأ أو بيت آمن وكلها حسب نظرتها مراكز كيمايوية ..
جميل ما رصده يراعك
تقديري وأعطر تحايا
أثرت الشجون أخي أ.قصي الحمود
نص أعادنا الى تلك الأيام العصيبة التي تكالبت فيها قوى الشر والظلام على وطننا الحبيب...
أعادنا الى تلك الروح الأصيلة روح التعاون والإيثار ..كثير من العوائل البغدادية مرت بهكذا ظرف والتجأت الى الأرياف بسبب قنابل العدوان الغبية التي لاتفرق بين مستشفى أو ملجأ أو بيت آمن وكلها حسب نظرتها مراكز كيمايوية ..
جميل ما رصده يراعك
تقديري وأعطر تحايا
واليك ايها الصديق العزيز اعتذاري لتاخر الرد وتسلسله
وكما قلت للأخ رياض ..انه السهو
أمتناني وتقديري شاعرنا الجميل لمرورك الكريم
مودتي وفائق تقديري
تبقى الرّواية رائدة في حياة الشعوب وما يلمّ بها فهي الفنّ الذي يتسّع لكلّ الأحداث .....
هزمت القصّة والخاطرة وتربّعت على الصّدارة وأصبحت تشهد غزارة الإنتاج
شقيقي القصي
هنيئا لك بهذا المنجز الذي يروي حقبة من تاريخ عراقنا الأشمّ
ليتنا نقرأ كلّ أجزائها ...ولمالا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ورمضانك سعيد يا القصي فقد نسيت أنّ لك أختا تنتظر تهنئتك ولكنّك انشغلت .