ما الذي يوجد في المرأة ولا وجود له في غيرها ؟ ما الذي يمكن أن نراه في الواقع فيما هو غائب في الحقيقة ؟ أو بتعبير آخر مالذي يمكننا أن نقوله ولا يمكن أن نسكت عليه ، إن كان كلّ شيء يدعونا الى الصمت ، وهل ان تفكير المرأة في ذاتها يعد جريمة العصر أو شذوذاً وربما مرضاً ، وما دام هذا الامر جريمة تقترفها المرأة ، إذن بحق من تقترفها ؟! وكيف للواقع أن يكتفي عند حد معين لتفكير المرأة بنفسها ونجاحها ؟!
اسئلة كثيرة أستحضرتني وأنا اتابع فيلم لعملاقة الفن السابع ميريل ستريب عن فيلمها ( الشيطان يرتدي برادا ) الذي تقوم فيه بدور رئيس تحرير متسلطة في مجلة أزياء ، ووفق المصادر فقد كان هذا الفيلم مأخوذ عن كتاب حقق أكبر مبيعات ألفته موظفة سابقة في مجلة "فوج" ، وقد أثار ضجة في عالم الازياء في عام 2003 بتصويره وأسلوب العمل الداخلي في المجلة..
قصة الفيلم تدور حول فتاة تأمل أن تكون صحفية ، حاولت التقديم للعمل في عدة صحف ومجلات آملة أن يقبل عرضها للعمل بأحدى الصحف إلى أن قبلت بها مجلة أزياء مختصة بالموضة الحديثة ، وعلى الرغم من أن اختصاصها للعمل في هذه المجلة لم يكن طموحها حيث أن عملها أنحصر بأن تكون مساعدة أدارية لكبيرة المحررين ميراندا ذات الصيت الكبير في عالم الأزياء و هي أمراة متكبرة و متطلبة و صعب التعامل معها فتجد أندريا نفسها تحت رحمة هذة المرأة الوحش التى لها طلبات لا تنتهى و لابد أن تنـفذ بحـذافيرها و إلا ستواجـه أندريا العـواقب الوخيمة كما أنها لا تعترف بساعات عمل محددة فهي تتصل بكل وقت ولها طلبات في كل ساعة ليلا ونهارا أندريا تحاول جاهدة أن تتحمل طبيعة ميراندا الصعبة و طلباتها التي لا تنتهي فهي تعلم بمدى تأثيرها في عالم الصحافة وكيف بأمكانها أن تصنع لها مستقبلها وهذا بالطبع ما وصفته المصادر والمواقع ..
أنا هنا لا أهتم لما ذكرته هذه المواقع عن قصة الفيلم إلا أن ما يهمني هو تلك المرأة المسماة بالشيطان لأنها لا تجامل وتحب عملها ولديها حدية في التعامل مع من حولها ، بربكم اليس هذا الاسلوب هو الناجح في مجتمع ممتلىء بالوحوش البشرية التي تسعى دوماً لمصالحها ..
ميراندا الصعبة والتي تمحورت في شخصية (ميريل ستريب ) ليست بذلك المعنى الذي أنطبق على دورها في الفيلم حيث يكتفي الفيلم بسرد واقع وجود المرأة في مجتمعنا وبعدا عن كونه شرقي او غربي ، فقد تجلّى بذات المرأة ، نمــط آخر من وجودها الحقيقي يرفضه الرجل ، وكيف لا وهو يراها منشغله بذاتها، ولا ترى ولا تسمع سوى رأيها ، وحدها ذاتها هي من تقرر ما يرفضه الواقع ... والتساؤل هنا حول حقيقة المرأة ، تلك الحقيقة المتركزة في ذاتها ، هل ما جسدت الدور ميريل وهماً أم استيهاما ؟ ولماذا تصور المرأة بمثل هذه الصفات على إنها مريضة ومتعجرفة ، إلان المرأة ملزمة أن تسجن في زنزانة عواطفها ويوم تخرج من هذه الزنزانة يرفضها المجتمع ، وإذا كانت مرفوضة من قبل الجميع لماذا إذن ينقاد الجميع لإرائها وطلباتها ، ولماذا يسعى الأغلبية للعمل معها رغم أنتقادهم لأسلوبها مع الاخرين ؟!..
تناقض غريب يعيشه المجتمع وأزدواجية قلما نقول عنها إنها تسعى الى التحكّم والتغيير وفق ما تريد ، رغم اعتراف الجميع بضعفهم امام هذا النوع من النساء ، اللواتي اعتبرهن شخصياً ناجحات نسبة الى وضع نساء أخريات ..ومثلما قال أندري كونت سبونفيل عن ترجمة محمــد نجيب فرطميســي ( يكفي أن نعترف بأنه لاوجود لشيء نتملّكه ، تكفي الرؤية، ولن نظفر قطّ أية رؤية بامتلاك ما نراه ) ..
التوقيع
لِيتمرد لَون الكُحل ..
كَم يُشبهني هَذا اللون هَذهِ الأَيّام