أقفرت الدنيا من حولي ، ولم يبق إلا صوت مذياعي وترانيم روحي أعزفها على قيثارة الخيال .
الدنيا سكون ......وفي السكون تخرج الأرواح إلى الفضاء ، و تفيق من سباتها النهاري ، أرواح من لم يفقدوا ذواتهم في زحمة الحياة و ضجيج الرتابة .
في الليل .... في سكونه العجيب تتردد نغمات شجية من بيوت ما تزال أضواؤها منارة ، لأشخاص قاموا يلبون نداء أرواحهم في الساعات الأخيرة التي يمتزج فيها سكون الليل ببشارة الفجر الجديد .
وفي سكون الليل ..... تنهض الذوات الشاعرة و القلوب النابضة لتسترد حياتها ، وتحرك أصحابها ليخرجوا إلى عوالمهم الحقيقية ، إلى عوالم النفس الخفاقة المجنحة التي تربط المحدود بما وراء المحدود .
تخترق النسيمات العذبة شباك غرفتي ، فتسحبني إلى مهبط الليل ، إلى حيث تستر الظلمة البهية وجه الدنيا ، فأسرح فيها و أحلق ، و أنسى كل ما حولي ، و آوي إلى تأملي البعيد في الليل و في ظله الممتد على الكون من حولي .... و سكونه الذي لا ينتهي .
أيها الليل العظيم ..... ما سرك الخالد ؟ ...... ما الذي بينك و بين أرواحنا ؟ ..... ما الذي يجعلنا لا نفيق إلى ما داخلنا إلا فيك ؟ ...... و لا تخفق أرواحنا و لا تحلق إلا بحضرتك .
كم حيرت قبلنا الشعراء و الأدباء ؟ ....... و ما زلت تحيرنا ، فما سرك ؟
ما سرك يا من يلفنا بسكونه الذي لا يُحدّ فتنسينا حتى السؤال ؟؟؟ ....
أيها الليل ......... دوماً تغلبنا .......... فتحيرنا بجمالك لتنسينا سؤالنا و انتظارنا إجابتك .
أياً تكن أيها الليل ......... تلبث في أرواحنا مقام الصعود إلى العلياء و مفارقة أوصاب الدنيا و أجسادنا التي علاها العفن ....... و دفق الشاعرية الذي يمزج الواقع بالخيال و يصل الأرض بالسماء .
أيها الليل ...
سلام لك من رفيق
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ
الليل
أمل وأحلام على شريط الذكريات
الليل
قد يكون تعب
وقد يكون راحة
في الليل تتحرك مشاعرنا
ويزداد خشوعنا
سكونة هدأة الروح
للقمر معنا حكايات
وللنجوم مراسيل
نحلق به حيثما نريد
بعيداً عن صخب البشر وضغط الحياة