اتصل بي صديق هاتفيا ، واخبرني ان والده يبغي السفر لزيارتي ، ويطلب رأيي بذلك.اجبته بكل ترحيب ، اهلا به وبمن معه. بعد اسابيع وحسب الموعد المقرر ، استقبلت ابا مصطفى ، والد صديقي بكل ترحاب ، اذ لأول مرة اقابله شخصيا. ابو مصطفى نموذج حي لابن البادية. تقي ورع ، بسيط غير معقد ، صريح ، مفتوح القلب ، تحس فيه نقاوة ابن الصحراء. كان يكلمني بلهجته البدوية الاصيلة ، وكأني ابنه ، بل وكأنه كان يعرفني منذ سنين.كنت بحق ، استأنس بأحاديثه وهو يسرد لي قصة حياته ، عندما كان يعيش على صيد الأسماك : اذ كانت الحياة صعبة ، ولا تخلوا من مخاطر ، الا انها غير معقدة ، وعلى بساطتها كانت محفوفة بنوع من السعادة. ثم اشتغل في شركة النفط مدة تزيد على السنتين ، وتعلم خلالها الانجليزية ، ويتقنها نطقا ومعنى الا انه لا يجيد كتابتها. روى لي ، كيف سبحانه وتعالى وفقه ، لسلامة نيته ، و ايمانه العميق برب العباد ، ونبيه العظيم ، وكتابه الشريف ، و كان يستشهد كثيرا ابان حديثه بايات من القران الكريم ، والحديث النبوي الشريف ، والحق يقال ، تعلمت منه الكثير ، نعم تعلمت منه الكثير. ابو مصطفى وكما قلت ، نموذج حي لابن الصحراء ، بطيبه ، وبساطته ، وسلامة نيته. كل عام يذهب ، وعائلته ، الى الصحراء ، ويعيشوا في خيمة ، لمدة ثلاث أسابيع ، ليعيد لنفسه حلاوة الحياة التي كان يعيشها. خرجنا ذات يوم ، لأريه معالم المدينة ، وتمشينا في احد الشوارع الرئيسية ، والمزدحم دوما ، ليلا ونهارا بأهل البلد ، والسياح ، اعني تجد فيه من الناس اشكالا ، وألوانا. وكنت مندمجا بحديث ابو مصطفى الشيق ، و اذا بصوت امرأة تناديني باسمي الحقيقي قائلة : كيفك يا صلاح ؟ !!!!!!! وكأنها تعرفني منذ سنين !!!!!!!!! التفت اليها في الحال ، و اذا بمومس محترفة نصف عارية ، لدرجة حتى الاوربي العادي يخجل ان يكلمها في الطريق ، بفستانها القصير وصدرها المكشوف والعياذ بالله. !!!!!!!!!! انصدمت من هذا المنظر ، وانتابتني موجة من الخجل ، ممزوجة بحيرة ، لا يشعر بعمقها الا انا ، آه ياله من موقف صعب. موقف محير !!!! وقعت بين نارين : الخجل ، والحيرة !!! نعم نارين كدت ان انهار لشدتهما. حرت مع نفسي ، أأتركها ، وكان لا سامع ولا من راء ، ام اكلمها ، لأثبت لها اني لست الشخص الذي هي تعنيه ، وكنت واثقا من ذلك ، واثبت براءتي امام ضيفي العزيز ابو مصطفى التقي الورع. موقف محرج وعصيب !!!!!
أيا يوم من ذكرياتي قبحا..... بذاك اليوم بعدا يا عصيب
سلوني ما الذي قاسيت فيه ... سلوني بل سلوا حظي يجيب
اما ابو مصطفى ، اخذه العجب ، وصار يضرب اخماسا بأسداس بتفكيره ، وحار بأمر نفسه وأمري ، وشعر بموقفي المحرج ، ولو انه كان غير قانع ببراءتي !!!!!!! وأعطيه كل الحق. إن افجع انواع الكآبة ، ان يدافع البريء عن نفسه ، من تهمة لصقت به ، وهو بريء منها. تمالكت اعصابي سائلا اياها : من اين تعرفيني؟ لم يسبق لي ان تعرفت بمومس ، انا متأكد انك قد اشتبهت بشخص اخر.اجابتني وبكل ثقة : الست انت صلاح الدين سلطان؟ وأليست مهنتك كذا؟ ما بالك تتنكر ، وكأنك لم تكن صديقا ، ولا تعرفني ، بل وحتى تتجاهلني ؟ !! كانت لنا علاقة طيبة معك ، وكم من مرات تحدثت معك طويلا ، واكلنا سوية ، انا اعنيك انت ، ومتأكدة من كلامي. الله ما اقساها لحظات وأبو مصطفى ، هذا التقي الورع ، يسمع الحديث مندهشا حائرا (( اكيد كال ويه نفسه: هذا طلع عراقي فاكس ، واملعب على ميت حبل ، وحياته كلها فسق ومجون )) تلعثمت من خجلي ، وأجبتها نعم انا ، ولكني لا اعرفك. هناك مليون انسان بهذا الاسم ، وأكيد اشتبهت بي انا. اجابتني وبكل ثقة : لا تخجل ، انت انت الصديق المخلص لنا يا صلاح !!!!!!!!!!!!! كل ما قالته عني كان صحيحا ، وقولها يدل بما لا يقبل الشك اني جالس معها ، لأنها تعرفني جيدا ، الا ان واقعي يقول:انا ما تعرفت وما سبق لي ان تكلمت مع مومس. شعرت نفسي في قفص الاتهام ، واقتنع ابو مصطفى بحقيقة الكلام الذي سمعه منها ، الا انه اراد ان يتدارك الموقف ، وطلب مني ان نتركها ، فأبيت مصرا على قولي ، علي اتمكن ان اكشف الحقيقة مهما كان الثمن. تصوروا الموقف: المارة تنظر الينا ، ونحن نتحدث مع عاهرة نصف عارية في شارع عام ومزدحم !!!!! هناك من يضحك على عقولنا ، وهناك من يسبنا لرداءة اخلاقنا ، ورأيت ان الكثير من المارين ينظرون الينا بنوع من الكراهية ظنا منهم اننا ذئاب بشرية ، لا نعرف معنى الحياء. امتزج خجلي ، مع حيائي ، مع عنادي !!! ياله من موقف صعب ، لا يشعر بعمقه غيري انا ، نعم انا ، انا ، انا !!!!!!!!! كل ما قلتيه عني كان صحيحا ، ولكني ما زلت اصر اني لا اعرفك ، من انت رجاء؟ - انا ايرينا خطيبة فلان !!!!!!!!!! أأنت ارينا الطيبة ؟ أأنت ايرينا الاخلاق ؟ !!!! أأنت خطيبة احد معارفي ؟ !!!! أأنت التي كنت احترمها ، ارينا المثالية ؟ !!! نعم اعرفها ، يا ابا مصطفى اعرفها ، نعم اعرفها ، كل ما قالته صحيح لا غبار عليه. هي ايرينا المؤدبة ، ايرينا الشريفة الخجولة ، خطيبة احد معارفي طلبت منها في الحال ان تذهب لبيتها ، وضربت معها موعدا في مقهى بعيدة عن الضوضاء ، لكي اسمع قصتها.في الحال استجابت لطلبي وذهبت مسرعة. كل هذا جرى امام سمع وأنظار ابو مصطفى ، التقي الورع. وقعت بين نارين ، نار عاهرة واقفة في شارع عام ، نصف عارية ، تنتظر زبونا ، وتناديني باسمي. ونار ابو مصطفى التقي الورع ، والذي وجدني احد شياطين الفسق ، بعد ان كنت في نظره انسانا خلوقا مثاليا. اسمعه يقول بصوت مسموع : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، اللهم ابعد عنا الفسق واهدي الشباب المسلم. وقعت في ورطة لا اول لها ولا اخر. وارتبكت من خجلي حائرا. كنت في موقف حرج جدا. رجوت ابا مصطفى ان يأتي معي الى المقهى ، لنطلع على الحقيقة سوية ، الا ان صاحبي رفض بشدة ، وقال انها عاهرة ، وجلوسنا معها لا يتفق وتعاليم ديننا ، اذهب انت لوحدك !!!!!! تعقد الامر أمامي ، وشعرت ان نظرته اتجاهي قد تغيرت. يا عمي العزيز ابو مصطفى ، انها مريضة نفسيا ، وعلينا ان نمد لها يد المساعدة ، انها قد سقطت في بئر الماسي ، والواجب يحتم علينا ان ننتشلها من هذا الجب المظلم المشين. فأجابني ، دعها ، انها مومس محترفة ، كيف نجلس معها ؟ اين الغيرة ، و اين الشرف ؟ !!!!!!!!!! وحتى لو كانت مومس ، اليست انسانة ؟ المومس الحقيقية هي التي تخون ضميرها ، وزوجها ، وشرف عائلتها. المومس الحقيقية هي التي تزحلق بدهاء مكرها ، الكثير من البريئات لتكسر رقابهن.وأما المومس الحقيقي ذلك العفن الذي يتاجر بالبريئات من الفتيات الصغار ، مستغل فقرهن. المومس الحقيقي الذي يستغل مركزه الاجتماعي في الدولة ، او مركزه المالي ، لكسر رقاب الناس. يعتدي ، يقتل ، ويغتصب حتى الطفلات البريئات ، ليحلل لنفسه ما يريد ، ويحرم على الاخرين ما يريده الله. (( يحرم فيكم الصهباء صبحا .. ويشربها على عمد مساء )) هؤلاء الاوغاد ، الذين يتحتم على كل مسلم ، وكل انسان شريف ان يكافحهم ، لا اللواتي وقعن بالفخ ، ولا حول لهن ولا قوة.علينا ان نلعن الصياد الظالم ، لا ضحيته. ايرينا واحدة من ملايين الضحايا. ان كنا مسلمين ، فالواجب يدعونا ان ننتشلها من ادران هذا المستنقع العفن ، لا ان نتركها وحيدة في مهب رياح الفسق والفجور. وجدت ابا مصطفى ، هذا البدوي العنيد ، الشريف ، الشهم ، قد لان ، وقاطعني قائلا بعد ان اقتنع نوعا ما بحديثي : آتي معك ، وعل وجودنا فيه رضا الله. فرحت ، وحمدت الله على ذلك ، وذهبنا سوية الى المقهى ، (المقهى عبارة عن جنينة كبيرة ، هادئة , تؤمها العوائل).وصلنا في الوقت المحدد ، فوجدنا ايرينا قد اتت قبل الموعد ، وكانت تنتظرنا وقد ارتدت ثيابا وقورة ، الا ان الكابة تبان عليها ، مما جلبت استغراب ابو مصطفى. (كان تلاميح الاسى في جبينها .. بقايا ظلام الليل في غرة الفجر) ما ان جلسنا الا وبادرتنا قائلة: ارجو ان تعذروني على موقفي المشين ، ثقوا انا لست مومس ، انا انسانة شريفة ، لكني منكوبة ، وصارت تبكي بشكل يعجز قلمي عن وصفه.ايرينا تحولت الى طفلة بريئة ، بعد ان وجدت من يصغي اليها ، وصارت تخرج ما في داخلها من الآم بشكل بكاء ، حتى الصخر لا يتحمله. دموع ايرينا ذكرتني بدموع الملايين من البريئات ، اللواتي لا يجدن من يساعدهن ، بل وحتى من يسمع اهاتهن ويا اسفاه. ان البراكين التي تثور في قلب امرأة ، هي اقوى من الحمم التي تخرج من باطن الارض.حمم من الدموع تتساقط من عينيها وهي تقول:انا لست مومس ، انا شريفة و الا ما وجدتموني هنا معكم ، انا مظلومة ، وازداد بكاؤها شدة ، وكانها طفلة قد فقدت ابويها.كم حاولت تهدئتها ولكني فشلت ، جرفني سيل دموعها الى عالم المشاعر ، وكدت اغرق في بحر احزانها ، لولا ان سيطرت في اللحظة الاخيرة على نفسي. (هنالك القت راحتيها بوجهها ..تكفكف اسرابا من الدمع بالعشر) ايرينا هي صورة مصغرة لماسي النساء ، وعذابهن . من لا يفهم هموم النساء ، عليه ان لا يحكم عليهن بالسوء. كم من بريئات رجمناهن بحجارة ذمنا ، لجهلنا بحقوقهن؟ (اذا بعثت لي أنة عن توجُع .. بعثت اليها أنة عن ترحُم) ابو مصطفى كان تائها في عالم افكاره ، لقد خيم عليه السكوت والوجوم ، قلت له بتألم: (اراك عصي الدمع شيمتك الصبر ) !!!!!!! لم يجبني ، وكان حائرا لا يعرف ما يقول. شعرت ان قلبه كان يتمزق الما وكآبة عليها. هدأت عاصفة احزان ايرينا نوعا ما ، ورجوتها ان تسمح لي ان احدث ابا مصطفى عن علاقتي بك وبخطيبك سابقا ، لتتضح له الصورة جلية ، ومن ثم ارجو ان تحدثينا بقصتك مفصلا ، فاستجابت قائلة تفضل. يا ابا مصطفى ، تعرفت بايرينا عن طريق خطيبها ، وهو عراقي ، من عائلة معروفة وكان يدرس الطب ، وفي السنة النهائية ، وقد اخبرني في حينها انه سيتزوجها بعد تخرجه مباشرة ، ويسافرا معا الى العراق. وما اعرفه عن ايرينا ، انها بنت صاحبة اخلاق ، مؤدبة ، قد تأثرت عن طريق خطيبها بالعادات والتقاليد العربية و الاسلامية . وكل المعارف والأصدقاء كانوا يلاحظوا عليها هذا. كانت ايرينا في وقتها ، تعمل كسكرتيرة لعميد الجامعة. وعلاقتي معهما كانت جيدة ، وكم من مرات كنا نجلس سوية ونتحدث ، اي كانت الثقة قائمة بيني وبينهما. ايرينا كانت صادقة بكل ما قالته ، حين لقائنا معها في الشارع. انقطعت علاقتي بهما بعد سفري ، وعرفت انهما يعيشان في بغداد ، لذا صدمت عندما عرفت ان المومس التي تحييني ، هي ايرينا المحافظة ، ايرينا الرزينة !!!!!!!!!!! كنت اسير معك يا ابا مصطفى ، وكأني في الحلم. لقد أنكرت واقعي ، لأنه خارج نطاق تصوري ، و الان اريد من ايرينا ان تحدثنا بقصتها كاملة. وصارت ايرينا تسرد علينا قصتها ونحن لها سامعين: قبل تخرجه بأسابيع ، وجدته مضطربا ، وكان يسال بعض معارفه عن رقم هاتفك يا اخي صلاح الدين ، وكأنه يريد ان يسرك بشيء مهم ، و لم يفلح. حضرت معه حفلة التخرج ، وحصل على شهادة الطب ، وفرحت في حينها جدا. اتفقنا ان يتم الزواج ، بعد اسبوعين من التخرج ، ثم نرحل الى العراق. دعونا الاهل والأصدقاء بيوم الفرح ، وكنت سعيدة لاني احبه بصدق وكما انت تعرف. جاءني قبل اسبوع من موعد زواجنا مضطربا ، وكنت أنظف شقته ، وقال لي اريد ان اصارحك بامر مهم ، فاجبته تفضل. قال انا لا انسى فضلك ووفاءك ، لا انسى ما تحملت من مشاق خلال الست سنوات من اجلي ، ولا انسى طيب والديك وحبهم لي ، لا انسى ايام الامتحانات كيف كنت تحثيني على الدراسة ، وكنت وبشق الانفس تفتشين على بعض المصادر النادرة ، لتقدميها لي مسرورة. لا انسى كيف كنت تقدمي لي الطعام العربي ، وبمشاعر الحب ، وكانك والدة لا خطيبة. قاطعته سائلة ماذا جرى ؟ ولماذا تردد ما حدث في الماضي ، اليس أمرا طبيعيا ؟ صارحني من فضلك بالأمر المهم. فأجابني: انا احب فتاة كانت زميلة معي ، وصممت ان اتزوجها ، وخرج في الحال باكيا. بهذا الخبر انتهت احلام سعادتي ، ويئست من الحياة.اذ كيف يتهدم ذلك البرج الشامخ من السعادة والذي بنيناه خلال هذه السنين الطويلة بلحظات ؟ !!!!!!!!!! أأنا في حلم ، ام انا في يقظة ؟ بكيت طويلا ولكن هل سيغير البكاء من واقعي المرير؟ ذهبت الى البيت ، فوجدت والدي جالسا ، فقبلته مرارا باكية ، لاني كنت واثقة انه اللقاء الاخير. سألني بنتي ما جرى ؟ اخبريني ما جرى لك ؟ وسالت دموعه من كآبة المنظر ، وهو يهدئ من لوعتي بكلمات صاغتها حنو الابوة ، وامتدت يداه الحنونتين الى وجهي ، ليمسح بهما دموعي. ما جرى حدثيني يا ابنتي ، وهو يقبل راسي بعد ان تحول الى ينبوع من عواطف الابوة. اجبته من فرحي بالزواج بابا ، وشعرت انه غير مقتنع بقولي !!! ثم ذهبت الى والدتي ، وكانت في المطبخ ، قبلتها باكية ، بكت المسكينة لبكائي ، لظنها أني سأسافر مع زوجي بعد ايام الى العراق. !!!! خرجت من البيت وحنان امي وأبي يملان قلبي اسى ، خرجت بهدف لا يعرفه أحد عداي انا. اردت ان اودع محل ذكرياتي ، الاماكن التي لي فيها ذكريات معه. اودع حبي ، اودع شبابي ، اودع اهلي ، اودع كل شيء. كنت أسير وأقول مع نفسي : انا عارفة ان الانتحار لا ينم الا عن جبن ، ولكن لم يبق امامي بصيص من الامل ويا اسفاه. القيت نظرة بأسى عميق على الاماكن التي كنا نتواجد فيها فرحين . زرت خميلة كنا نتخطاها وقت الغروب ، وصرت اخاطب بدون شعوري الاماكن التي امر بها ، ودموعي تهطل وأقول دون ارادتي: وداعا ايتها الخميلة ، وداعا يا اماكن ذكرياتي ، وداعا ايتها البيوت المطلة على الشوارع التي كنا نتمشى فيها مسرورين ، وداعا يا مدينة طفولتي ، وشبابي ، وأحلامي ، وداعا يا ابي الحنون ، وداعا يا امي الحنونة ، وداعا بدون لقاء ، وداعا يا من كنت احبه بصدق و اخلاص ، وفقك الله. وداعا يا مدينة احلامي ، وداعا ايتها الحياة المجبولة بالامي ، وحزني وكابتي ، وداعا و وداعا !!!!! رجعت الى البيت ودخلت غرفتي ، وشعرت بالكابة التي تملا قلب والدي ، وبعمق أساه. ذهبت وشبكت ابي الحنون ، وقبلت يديه وغسلتها بدموعي دون ان انبس بكلمة ، وذهبت لامي ، لأشم رائحة حنانها وعطفها وحبها ، فوجدتها تبكي ، قبلتها فاندمجت دموعي بدموعها وكابتي بكابتها، و الامامي بالامها ، وأنيني بأنينها ، ثم ذهبت لغرفتي وأخذت جرعة من السم ، ولم احس الا وانا في المستشفى وأنقذت بأعجوبة. (بكيت بلا دمع ومن كان حزنه..شديدا بكى من غير صوت ولا دمع) وبعد خروجي من المستشفى ، دفعني ثاري ان انتقم منه بهذه الطريقة المزرية التي رأيتموني فيها ، وكم ارتحت في داخلي عندما رايتك يا صلاح !!!!!!!!! لزمها البكاء ثانية ، وصارت تردد : انا شريفة ، لست مومس ، انا ما لمسني احد بعده.اردت فقط ان انتقم ، وأحطم سمعته ، لأنه حطمني و حطم حياتي وحياة والدي. مسكينة يا ايرينا ، لقد بقي الثأر يغلي في داخلها ، وأرادت ان تنتقم منه بشكل اخر ، دون ان تفكر بعفتها ، وشرفها ، وكرامتها. بعد ان هدأت ، تحدثت معها بهدوء وكانت تصغي لي ، ولأبي مصطفى منكسة راسها دون ان تنبس بكلمة واحدة ، وأخيرا اقسمت لنا انها سوف لا تقدم ثانية على هذا العمل ، وادعت انها شعرت براحة بجلوسها معنا ، ولسوف تجد لها عملا وتبني حياة جديدة. وقالت ان شاء الله سوف لا تسمعا عني الا طيبا .اعطيتها رقم هاتفي بناء على طلبها ، وودعناها غير اننا لم نستطع ان نودع اشجانها وماسيها. مضت اشهر ولم اسمع من ايرينا خبرا ، وكنت خلال المدة قلقا عليها. يا ليتني طلبت رقم هاتفها لأطمئن على سلوكها. في احد الايام ، وبعد مرور اكثر من سنة ، رن جرس هاتفي صباحا. رفعته واذا بامراة تقول لي السلام عليكم. وعليكم السلام ، رجاء مع من اتكلم ؟ انا المسلمة ايرينا ، كيف حالك يا صلاح الدين اجبتها فرحا ومستغربا : اهلا بك ايرينا ومتى أسلمت بل و متى تعلمت العربية ؟ هذا بفضل زوجي المؤمن ، ويريد ان يكلمك الان ، تفضل كلمه. - اهلا بك يا اخي صلاح الدين ، وأرجو ان لا ترفض طلبي ، لاني مشتاق ان اراك وأتعرف عليك ، زوجتي ايرينا قد حدثتني عنك ، لذا ارجو ان تتفضل عندنا يوم الجمعة مساء لنتناول طعام العشاء سوية. استجبت لطلبه واستطعت ان اعرف من لهجته انه مصري. ذهبت حسب الموعد المتفق عليه ، واستقبلتني ايرينا المسلمة بزي عربي ، وشعر راسها لا يبان !!!!!!!!!!! وتعرفت على زوجها ، وهو رجل مؤمن ، خلوق ، مصري ، صعيدي كريم جدا جدا. قابلني بحرارة ، كما يقابل الاخ أخاه . آه كم فرحت برؤيتها ، وهنأتها بالحياة الجديدة ، فقاطعتني وقالت: الفضل يعود لك وللعم ابو مصطفى ، ورجتني ان اتصل به هاتفيا ، لانها تريد ان تشكره ، وتعرفه بزوجها.اتصلت بوالد صديقي ابو مصطفى ، وهو في دولة خليجية ، وكلمته قائلة: السلام عليكم يا ابا مصطفى ، انا ايرينا المسلمة ، ساعطيك زوجي المسلم ، وهكذا تم التعارف بينهما ، بفضل ايمان و اخلاق ايرينا ، ووفائها لزوجها. والان اريد ان احدثكم ما حل بصاحبنا الدكتور خطيب ايرينا الاول: عمل في احدى مستشفيات بغداد ، وأنجب من زوجته طفلتين. كما سمعت ، بينما كان الدكتور يتناول طعام الفطور مع زوجته واحدى بنتيه ابان الحرب مع ايران ، سقط صاروخ على بيته وأودى بحياتهم جميعا ، والطفلة الاخرى والحمد لله حية ، ولا اعرف عنها شيئا. بهذه الطريقة المأساوية ، انتهت حياة الدكتور وعائلته ، رحمة الله عليهم جميعا ، كما انتهت وبطريقة مأساوية ، علاقته مع خطيبته الاولى ايرينا. أشرقت الشمس بأشعتها الذهبية على ثلاث جثث في فراش واحد. فقلوب حسرى تئن شكاة ..... وجفون مملوءة بالدموع ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
في الغربة يحدث الكثير
والعديد من الطلبة مع الأسف يصادق بنات البلد الذي هو فيه لتخقيق غايات كثيرة كالحصول على الإقامة واتقان اللغة أو إيجاد عمل أو توفير سكن
وعندما تنتهي الدراسة يغادر متناسياً كل ذلك
الأستاذ صلاح الدين سلطان
لك طريقة مميزة بشد القاريء ليتابع القراءة حتى النهاية وأنت تعكس حكايات من واقع الحياة
اهلا يا سعد المشاعر العميقة ، يا بلبلنا الغريد اهلا.
والله يا اخي سعد انا مقصر اتجاهك واتجاه الكثير من الاخوة والاخوات ، بعدم زياراتي وطبعا لا اعذر نفسي. اخشى ان يبلغ السيل الزبى والقى معاملة بالمثل من اخوتي واخواتي بالمنتدى وانذاك يا ويل هههههههه
اهديك يا سعدنا سلاما يحيطك بهالة من المودة تلازمك اينما تذهب ههههه
اخوك ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
يا دعد العز والمعرفة ، يا بنت تونس الخضراء. مرورك هذا هو تعليق اتشرف به لكونه ابهج زهور روضتي المتواضعة. تقبلي مني سلاما اذا لمس غيمة في سماء تونس يذيبها حبا وسلاما.
اخوك ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
عواطفنا العزيزة هنا.... يا مرحبا يا مرحبا ( لم اسرقها من: قيس ابن عمي عندنا .. يا مرحبا يا مرحبا ههههههههههههههههه
اهلا بعواطفنا الابية ، نعم صدقت وشاهدت ما تفضلت به الكثير وا اسفي.
من وجهة نظري طريقة التربية خطأ لا قسوة الحياة.
يا عواطفنا دخيلك لا تكنيني باستاذ وانا عراقي مجهول ، مشرد وحافي ،
(( اروح ادور على ماضي كان ليا فيه زمان ... اشرب لوحدي كاس فاضي وفكر في مليان ))
تعليقك ابهجني يا بنت العراق الاصيلة ، ودمت بصحة وعز.
اخوك ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
القدير بابا صلاح الدين سلطان
عدت ومعي فنجان قهوتي المسائية لأقرأ بأكثر تمعّن وتمحّص هذا النّص الذي مادته قصّة واقعية من صميم الحياة...
وكم راق لي أن تكون الحياة بأحداثها ووحكاياها مادّة للكتابة ...فقد غرقنا يا بابا صلاح في قصائد الحبّ والغزل والحزن أحيانا وبعض من شجن الأوطان وغفلنا عن أكبر مسرح للكتابة ...
قصص وأحداث تجري على مسرح الحياة نصطدم بها كلّ حين ونتأثّر لها وكم يحدث أن نتناقلها ونرويها ولكن نهمل توثيقها والكتابة عنها ...
فالكتابة التي تتكّئ على الواقع تسمح لمتلقيها بالتّأمّل للعبرة وتسمح بالجدل حولها وفيها لأنّها واقعية لا تغفل عن بعض المظاهر والسلوكيات وحال الحياة التي نحياها وهي بهذا على درجة فائقة من الإبلاغ الذي يقابله التلقي الأنسب ...لذا دعني أثني على منحاك هذا في الكتابة لأنّه يؤمّن القراءة الدّقيقة وهي الكتابة اللاّفتة بحقّ التي تضمن المتابعة والتّفاعل...
ولعلذه من اللاّفت أيضا في هذه القصّة الفئة التي كانت لك الجرأة في تناولها والإصرار على الإقتراب منها والغوص في العوامل والأسباب التي يمكن أن تصبح بموجبها إمرأة ثيّب شريفة مومسا بتلك الصّورة المقرفة التي رأيتها بها في الشّارع
ولكلّ هذه الأسباب دعني أجزم لك باباصلاح أنّك قدير وموفّق جدّا في كتاباتك واختيارك للمواضيع وهو ما يجعلني كمتلقيّة عاديّة أغوص فيه لأستجلي مقاصد ومعاني وفوائد وأسرار ليس بالهيّن إدراكها لولا حكاية المومس
والمومس في فكرنا جميعا ونظرتنا تحمل على الامتعاض والنّفور ...فهي منبوذة متحمّلة للذّنب والإقصاء متحدّث عنها أكثر من أن تكون طرفا في الحوار حول وضعيتها وقد جاء أصرارك في التّعرّف على أسبابانحرافها كدعوة غير مباشرة للحوار والحديث مع هذه الفئة قصد فهم ظروفها وإنقاذها ...فأنت يا بابا صلاح لم تذلّها وحاولت الإستمرار معها في الحديث بنيّة تبرير موقفك أمام والد صديقك وهو من حقّك ...وقد جعل هذا الموقف المومس من أهمّ بطلات قصّتك وقد تصوّرت شخصيّا أنّ البطل سيكون والد صديقك هههههههههههه
فهذه الشّخصية وأقصد المومس هي الشخصية التي وفّقت في اخراجها من وراء ركام واقع مؤلم مقرف منبوذ لتكون هي الشّخصيّة التي تنفرد باهتمام قارئ قصّتك
وما يمكن استخلاصه من هذه الشخصية المومسهي تفاصيل حياتها النّفسيّة فهي افراز لواقع معيّن ولظرف معيّن وهو ما يغيب عن مجتمعاتنا في فهم هذه الفئة وانتشالها وتوجيهها .........
يتبع