ذات طيفٍ لازورْديّ يُغـلّـفُـه غسقُ الزمانِ ، وعتمةُ دموع الحنانِ ، جاءني مُلتحفاً إشراقَة الشوقِ ، وابتسامتُه المعهودة تنير ثنايا مُحيّاه ، آبَ يسير الهوينى بخطاه الواثقة كأنه ملاكٌ سماويّ وعيناه ترمقني تفيض رقّة وسناءً ، وحيث أعتاب ما كنت واقفاً كانت بقربيَ سنديايةٌ فيها زهرة تفوح منها غوالي البنفسج ، فإذا به يقطفها قابضاً عليها بيمينه يشمّها ويشير إليّ قائلاً : يا صاح ، لنجلس في باحة الوداد نتذاكر شيئاً من غابراتِ الوئام !.
قضينا من الزمنِ القليل القليل نتجاذب روحانيّات الفؤادِ وما ألقت علينا سوانحُ النِعم البريئة ! .
وإذ هــو يهمّ بالنهوض مغادراً قافلاً من حيث جاء ، عجِلتُ إليه علّي أحضى بعناقٍ منه أو مصافحته ، وهنا انتبهتُ من غفوتي .
عشتُ بقيّة ساعات النهار متفكراً مستأنساً متسائلاً : يا ترى فيمَ هــــذه الزوْرة ؟ إلامَ ترمز رؤيايَ تلك ؟ ومن ذا يجيدُ لها فنّ التعبير ؟ . حتى إذا جنّ الغروبُ ، إذا بالهاتفُ يداعبُ مسمعيّ برنينه الذي قلّما يمنّ حبوراً ! ، أجبتُ واللهفة تغمر عينيّ وعقلي لأسمع الصوت الأجشّ وهو يهمس لفؤادي قبل أذُني قائلاً أنّ ( فلاناً ) قد انتقل إلى جوار ربّه !!! .
كان ( فلان ) هــو ذاته مَن جاءني ذات طيف ـ وللحديثِ بقيّة شجون ! .