((مذبح الديك))
(من الموروث الشعبي)
صياح الديك ينث الدبابيس في وسادتي وفراشي , صفير يتعدى طبلة الأذن ليستقر في تلافيف دماغي وجعا وأرق , الأرق يلازمني كلما يصفق بجناحيه ليبث في هدئة الليل صياحه اللامتناهي , وجدته يوما يعتلي الحائط ومن تحته الدجاجات تأكل دون توقف , سألت نفسي عن وقت طعامه فهو من خلال مراقباتي له لا يتوقف عن الصياح , صياح لا ينقطع حتى طرد من بدني فكرة النوم الذي صار من الذكريات التي أتلذذ بها قليلا حين يصمت , يصمت لأجل الأكل أو الشرب أو ربما لمداعبة إحدى الدجاجات , ولكن هذا الصمت لا يدوم كثيرا فسرعان ما يتصاعد الصياح وهذه المرة بنشاط وزهو وشعور واضح بالانتصار , أيام تمضي وأنا أحاول أن أبرمج نفسي وحياتي وحواسي مع ذلك الصياح ولكن دون جدوى , في فترات أخرى حاولت جاهدا أن أتقرب بالود من صاحب الديك حاولت في شتى الطرق أن أجعله صديقا لي , كنت أتملق إليه وأحاول جاهدا أن أتوغل في حصن حياته ومن ثم أثير زوبعة انقلاب على ذلك الديك الملعون.
أيام وأنا أجالسه حتى جاء اليوم الذي دعاني فيه لتناول الشاي معه في المنزل , اتفقنا على أن يكون اللقاء عصرا , وصرت قبل اللقاء ودون وعي احضر نفسي وأثير مواضيع ملتوية قد توصلني لفتح منفذ للحديث عن ذلك المغرور , وحدث ذلك حين سألني عن سبب التعب الظاهر على وجهي , ودون تردد أعلمته أن النوم جفاني والسبب صياح ذلك الملعون , صمت طويلا , صمت جعلني أشعر بالإحراج فاستاذنته الرحيل , قفز من مكانه وكأنما قد صعق بحقيقة مؤلمة ودعاني لتناول العشاء معه , وبعد إلحاح منه تناولت العشاء وكان طبقا من حساء الدجاج وأبلغني في خجل إن الديك الذي أرقني وأزعجني قد قدم لي على العشاء إكراما لي , شكرته وغادرت المكان وفي داخلي نشوة النصر وعطش للنوم , لم أكلم احدا , بل غادرت إلى الفراش عازما على تعويض كل ما فاتني من راحة وأحلام , ومع أول إطلالة للأحلام المؤجلة ضجت المنطقة بصياح عشرات الديوك , ظننت في بادئ الأمر انه لا يتعدى كابوسا ظل يلاحقني كالنقمة حتى لامست عيناي خيوط الفجر , وحالما أحسست إن الصياح حقيقة لا يمكن إنكارها , هرولت كالمجنون إلى بيت الجار الذي ذبح بالأمس ديكه الصياح من أجلي , سألته عما حدث ولمَ تبدو المدينة وكأنها محتلة من قبل مئات الديوك , تبسم بحزن واخبرني بأنهم ديكه كانوا مكتومين بسطوة ذاك (الديك تاتور) .
***