مسير فيما أرسم ، غير مرفوع عني القلم ، أهذي تحت تأثير السكر، تحت النير والقهر ، تحت مفعول بن الحديد والشجر، أمزق أوراقا جفت وأكسر أقلاما رفعت ، ويتحدى النحاة بضعفي سنن الحياة ووشم القدر، تتعجب لبلادتي مخلوقات فيهم لا تعرف الوعيد ، عزتها في الحياة كما تتصورها عنجهية ، وتختفي مستعجلة أسباب أجلي ..انها قمة الغباوة في نظري بسطوتها وأنا أحمق تصور في غريزتها .
مزجت نداءات الفلاح بالنباح ، ومرت قوافلها فوق صدور محشوة بالغضب ، مشحونة بالوجم وأنبس الضمير متقاعسا أمام زئير كلالة المهجنة الأسطورية التي تريد الخلود لطغراء ضعضاع ، والمشعل في يد طلاع عصامي يتسكع على الأرصفة الهامشية ، ابن سبيل يتحين الفرص تحت كل شاحب حيث تنتكس الألوية وتهوى الهامات نحو الركوع ، نحو السجود مكرهة ، تولي وجوهها شطر نجوم وجبال موحشة لا ماء فيها ،مسدولة الأيدي ، مشلولة لا ترفع أبدا ..وطال انتظار البزوغ في وطيس معركة الهرج وقمم الجبال الواهيات التي صنعتها الأبواق في أسواق الرذائل .
أيقظني جرس الكنائس يوم الأحد وما وجدت في الصفوف حواريين ولا في المساجد حنفاء ، بيت الرب يناديني بغرور وبيت الله محجوز وما حماني من سموم القر والحر والكر والفر الا بيتي ، يغازلني الوهن بتفاهاته لأخفي وراء حمقي في عقره ذاكرتي وصور ذاتي .
أقض مضجعي ذلك الأنين الذي ينبعث من تلك الأفواه الملجمة ، من تلك البطون الفارغة ، من تلك الرؤوس المثقلة التي غارت فيها العيون ودفنت فيها الآمال ، شاحبة تلك الصور المغلوبة على أمرها ، كأنها رسومات الطحالب في ضفتها على جداريات تنافس الهم الضاحك الذي سكننا ، نستجيب بكل سهولة للنقرات التي تنساق اليها كل قدم حافية جافة ، ولما يجتمع الجمع يخيم الصمت وتخشع الآذان التي تبتلع دون هضم ، ثم ينتشر الجمع في ذاتي ، في جسدي ، في شراييني ، دون أي كلمة .. تهزني الهمهمة فأثور ، يلقبني أهل الحارة وأصحاب الاشارة ، يرجمني أطفالها لاقامة حد لم يشرعه أحد ، يطاردونني في كل واد ، ويطردونني من كل ناد ، ولما أعتزلهم يعزفون لحن محبتي و عظمتي على أوتار أحلامهم وأعصاب الغرور والاثارة .. وهكذا أواصل أنا ممارسة الجنون ، وهم يمارسون ما يشتهون ، والظن رسول بيننا ..فهل عرفتم من أنا ؟ ...
مختار سعيدي|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
...حريتنا في الحلم بركان ... لا يعرف أحد متى يثور ...
هكذا نمارس الكتابة.... مختار سعيدي
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
لا تنطلي إلا على من غيب العقل وسار في ركب من أرادوا
للعقل أن يكون ضمن نطاق العيش فقط .؟
وحقيقة الوعي الكامن في هذا النص
حريٌ بالتأمل في مدارك التشبيهات والرؤية العميقة
لفلسفة النص حتى نستطيع أن نفيه حقه من القراءة
ونستوعب الحكمة المتوخاة ،
وكل ما استطيع قوله لله درك