الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه:
إن للعلوم الكونية ـــ كما هو الشأن تماماً في شقيقاتها من علوم الدين ـ دوراً فاعلاً ومؤثراً في خدمة كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم، والإسفار عن وجه جلالهما وجمالهما وبيان هديهما وشرائعهما كما أمر الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.
ذلك أن العلم الصحيح في هذا الدين رديف الوحي في تثبيت الهدى، تحقيقاً لوعد الرب جل وعلا بجعل آياته في الآفاق والأنفس عاملاً من عوامل بيان الحق، وترسيــخ اليقين:
وإن من أهم هذه العلوم الخادمة للكتاب والسنة: علم (الفـلك) أو علم (الهيئة) كما كان يسميه الأقدمون، مما هو معلوم مشهور في تراثنا العلمي الإسلامي الغابر.
الفـلك ومفهـــومه:
ويراد بعلم الفلك Astronomy ذلك العلم الذي (يدرس الكون بما فيه من أجرام سماوية وظواهر كونية) وهذا المصطلح يقصد به عند أسلافنا القدمـاء: الجانب العلمي المرتكز أساساً على (الأرصـاد) و (الملاحظات) ؛ فهو إذن مشابه ـ بصفة قوية ظاهرة ـ علم الفلك في زماننا الحاضر.
مع ملاحظة أن علم الفلك المعاصر أدق وأوضح من علم الهيئة القديم.
مــادة هـــذا العلم:
المادةالأساسية لعلم الفلك: هي السماء وأجرامها المختلفة، وكذلك: الظواهر الكونية الأخرى.
فهي إذن مادة علمية محضة تقوم في الأساس على: (الأرصاد الفلكية) و ) الملاحظات التي يلاحظها العلماء الفلكيون) إما بالعين المجردة، أو بمعاونة الأجهزةالعلمية المعروفة.
ولا يقف اهتمام علماء الفلك عند مجرد الرصد لهذه الأجسام بل يتعدى ذلك إلى محاولة الإجابة على أسئلة من مثل: مم تتكون النجوم؟ وكيف ينتج ضوؤها.
ولذلك يعد معظم هؤلاء العلماء (فيزيائيين فلكيين).
يتفرع هذا العلم الرئيس ـ في العصر الحاضر ـ الى فروع علمية متخصصة تخصصاً دقيقاً
وذلك مثل:
1 - علم الفيزياء الفلكية: Astrophysics وهو العلم المختص بدراسة الظواهر والصفات الفيزيائية لأجرام السماء.
2- علم القياسات الفلكية: Astrometry وهو مختص بقياسات مواقع النجوم والأجرام في قبة السماء.
3- علم الفلك الراديوي وهو مختص بدراسة (الأمواج الراديوية) المنبعثة من الأجرام السماوية.
4- علم الفلك بالأشعة تحت الحمراء
5- علم الفلك بالأشعة فوق البنفسجيـة وبأشعة (جـاما) وبالأشعة السينية
6- علم الكونيات Cosmology وهو مختص بدراسة والبحث في أصل الكون، وبنيته، وعناصره.
7- علم الكوسموجوني Cosmogony، وهو علم تاريخ الفلك ويشمل التصورات الفلكية عند الأمم ويمكن اعتباره علم الهيئة القديم.
وهذان العلمان الأخيران وإن كانا علمين مستقلين، إلا أنه يمكن إضافتهما إلى فروع علم الفلك لاشتراكهما مع علم الفلك في مادته التي هي السماء وأجرامها المختلفة كما سلف.
كما أن من الجدير التنبيه إليه أن معظم هذه الفروع العلمية التي تفرعت عن هذا العلم إنما انبثقت عنه خلال هذا القرن الذي نعيش أيامه، ولم تكن معروفة من قبل.