التجسيد الفني في أسلوب الحديث النبوي الشريف / بقلم محفوظ فرج إبراهيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة
إن عاهد عليها أمسكها و إن أطلقها ذهبت )
متفق عليه صحيح اخرجه البخاري 5031 ومسلم 789 رياض الصالحين ص 389
ــــــــــــــ
صورة فنية محسة، منسجمة، مترابطة البناء قوامها القصر(بإنما) الذي فيه إيجاز، وتوكيد، وإيضاح يوافق المعنى الذي يبغي إيصاله الحديث الشريف.
وقد قصر حافظ القرآن عن ظهر قلب على صورة فنية هي الإبل المربوطة بالعقال وليس المشبه هو حافظ القرآن وإنما هي السور، والآيات القرآنية، والقصد أن السور، والآيات القرآنية في جوف قارئ القرآن كمثل الإبل.
ولكن الدقة في الإيجاز لإبلاغ المعنى من خلال الحدث كان أكثر وضوحا، وبيانا من الذكر، ولما كان الحديث الشريف يشير الى منهج تربوي في التعليم، وهو ما هي الطريقة التي تستطيع من خلالها أن تتواصل مع أيّ علم تريد أن تتعلمه وتتوسع به على الرغم من أن ذلك الحديث يخص القرآن بين الحفظ، والنسيان؛ ولذلك كان المشبه به معادلا موضوعيا محسا حين شبه السور بالإبل بين الإمساك بها، وإطلاقها. إذن من خلال صاحب القرآن انفتحت صورة المشبه به على صورة لإبل مربوطة بالعقال مراقبة من صاحبها، وهي مشابهة لحافظ القرآن الذي يعيد ما حفظه في ذاكرته لكي لا ينساها، وصورة أخرى لمن يحل عقال إبله فتنطلق، وتغادر المكان وهي مشابهة لمن حفظ القرآن، ثم ترك مراجعته.
وجملتا الشرط في المشبه به ( إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت ) هما من الصور المأثورة في أسلوبه صلى الله عليه وسلم تتضمن المعنى وضده لتحسين الصورة معنويا ويتبين الأسلوب الأمثل لاشتراك المشبه به بوجوه الشبه بينه وبين المشبه؛ وقد ورد حديث نبوي شريف في هذا المعنى ( تعاهدوا هذا القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الابل في عقلها ) رياض الصالحين 389