المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله المعلم الأول. رسول العلم . خير من نطق الضاد وأوتي جوامع الكلم، وهادي البشرية إلى الصراط المستقيم، ومن ملأ الحياة محاسناً فاستنارت بتعاليمه .
هذا الّذي ملأ الحياة محاسنــاً *** فتحـررت بوجـوده الأحـلامُ
وانزاح عن هذي العوالم إصـرها *** وترسـخ الـدين القــويم الهامُ([1])
وبعد
يحتل العظماء مكانة مرموقة في مجتمعاتهم لما يبذلونه من عطاء و تضحية من أجل رفعة أوطانهم و تقدمه، فلم تقتصر قائمة العظماء والمبجلين على الحكام والأدباء المشهورين، بل احتوت على فئات عديدة، و من هذه الفئات " المعلم " الذي كاد أن يبجل في جميع الثقافات.
فالمعلم يلعب دورا كبيرا في بناء الحضارات كأحد العوامل المؤثرة في العملية التربوية، إذ يتفاعل معه المتعلم و يكتسب عن طريق هذا التفاعل الخبرات و المعارف و الاتجاهات والقيم.
فضل المعلم
قال شوقي :
قم للمعـلم وفِّـه التبجيلا ***كاد المعـلم أن يكون رسولاْ
وقال آخر:
التاركان على جبينك ميسماً ***هل تجهلنهما وتسأل من هماْ
أم غذتـك لبانـها وحنانها*** من قبل أن تلج الحياة وبعدماْ
ومعـلم وكـفى بكل معلم*** شرفا وقد بعث النبي معـلماْ
إعداد المعلم و تدريبه
شغـلت قضية إعداد المعلم و تدريبه مساحـة كبيـرة من الاهتمام من قبل أهل التربية و ذلك انطلاقـا من دوره الهام و الحيوي في تنفيذ السياسـات التعليمية في جميـع الفلسفات و على وجه الخصوص في الفكر التربوي الإسلامي، ففي هذه الورقة البحثية سيتضح الفرق بين هذه الفلسفات من حيث كونه كاهنا أم راهبا أم ساحرا أم فيلسوفا أم كما في الفكر الإسلامي بانيا للحضارة و هاديا للبشر و منيرا للطريق.
الحاجة لوجود معلم ينهج الفكر التربوي و الإسلامي.
إن الناظر في حال مجتمعاتنا الإسلامية والعربية يلمح بوضوح أنواعا من الخلل قد انتظمت كافة مناحي الحياة وشرائح الأمة، فالخلل واضح والقصور فاضح سواء كان على الأداء السياسي، أم على الأداء الاجتماعي و كذلك على الاقتصادي والتعليمي، حيث تدني مستوى التعليم والذي يرجع إلى ضعف القائمين على التعليم بشكل عام والمعلم بشكل خاص.
دور المعلم في بناء الوطن.
دور المعلم خطير حيث أنه حلقة الوصل بين المتعلم و الكتاب، و يجب أن يكون قدوة، مربياً، مدرباً ، موجهاً مرشداً، فالتعليم واحد في مؤسسات مجتمعاتنا التي أصابها الخلل نتيجة الأفكار التي يحملها المعلمون.
صفات المعلم في الفكر التربوي الإسلامي.
النية الخالصة في أداء واجبه.
عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " لا تعلمواالعلم لتباهوا به العلماء ، ولا لتماروا به السفهاء ولا تخيروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار" أي أن لا يقصد المعلم دنياه فحسب بل والآخرة أيضا ، قال تعالى: { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} وأن يضع التعليم كرسالة لا مجرد وظيفة .
صفات المعلم
لابد للمعلم أن تجتمع فيه صفات وأن يتحلى بها.
فالمعلم الرسالي يحمل همَّ أمة، ويتفاعل مع قضايا أمته.
وهو قدوةً لغيره لما له من تأثير على غيره.
وهو معطاء لا ينتظر الثناء ، قال تعالى:{ قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} وكي يثمر جهده لابد أن يراعي الفروق الفردية، وهذا مما لا نجده في باقي الفلسفات و الثقافات الأخرى .(لأن الطلاب متفاوتون فكرياً)، فهناك الكثير من سمات المعلم المسلم الذي يحمل الفكر التربوي الإسلامي حيث نلاحظ اهتمام الإسلام المتوازن الشامل الكامل في شتى جوانب شخصيته و التي أدت إلى الحاجة لمعلم ينهج الفكر الإسلامي، و يقوم بإحياء هذه الأمة و التي سبق و أن أوضحت أهمية مهنة التعليم في بناء الحضارات و الثقافات و مواجهة التحديات التي تتكالب على العرب والمسلمين و ضربهم في عقر دارهم وما نلاحظه من سياسات تغيير المناهج و ضرب المعلم في شتى بقاع المسلمين لإخراج جيل غير واع بما يدور حوله و إنتاج شعوب تابعة مستهلكة لا تعرف لماذا تحيا بل كيف تأكل؟.
كفايات المعلم في الفكر التربوي الإسلامي
الكفايات العلمية :
يقصد بها إلمام المعلم بتخصصه العلمي و مادته التدريسية، فاهما لمعانيه، ليس مدعيا لذلك بل متحققا من ذلك، فإذا تمَّ له الإلمامَ بمادته حيث محتواها من تفاصيلَ و فروع، مستوعبا لها متفهما لأمورها، يمكنه ممارسة مهنة التعليم.
أن يكون غزير المادة العلمية ، يعرف ما يعلمه أتم معرفة و أعمقها و على المعلم ألا ينقطع عن التعليم و أن يداوم على البحث و الدراسة و تحصيل المعرفة .
الكفاءة المهنية يقصد بها مهارات التدريس التي يجب توافرها في المعلم لكي يستطيع أن يؤدي عمله على أكمل وجه لتحقيق أهدافه التربوية. و من هذه المهارات :
( أ ) استثارة الدافعية عند التلاميذ و وجودها عنده.
(ب ) مراعاة الفروق المهنية.
(ج ) طريقة التدريس .
( د ) إدارة الصف .
(هـ ) الثواب و العقاب .
الكفايات الأخلاقية من الكفايات الأخلاقية التي يجب توافرها في المعلم المسلم:
( أ) القدوة
(ب) الزهد و التواضع
(ج) الوقار و الهيبة
الكفايات الجسدية
يهتم الفكر التربوي الإسلامي اهتماما بالغا في الجانب الجسدي عند المعلم. فيجب أن يظهر دائما بالمظهر المناسب من حيثُ نظافَتِهِ ونظافةِ ثيابهِ و تطيبهِ لإزالة الرائحة الكريهة، فالمدرس إذا عزم على مجلس التدريس تطهر من الخبث و تنظف و تطيب ولبس أحسن ثيابه اللائقة به بين أهل زمانه قاصداً بذلك تعظيمَ العلم.
صفات معلم التربية الإسلامية
يحتاج مدرس التربية الإسلامية إلى ميزات وخصائص معينة حتى يكون معلما ناجحا وقدوة لطلابه. كيف لا وهو يتعامل مع كتاب الله- عز وجل -ومع حديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والتعامل معهما يحتاج إلى إنسان خاص متميز.
من هنا كان لا بد لمعلم التربية الإسلامية من الصفات الآتية.
الإخلاص
إذا كان الإخلاص من كل العاملين والموظفين والمعلمين مطلوبا على درجة واحدة فهو يطلب من معلم التربية الإسلامية على عشر درجات. الإخلاص الذي يجعل معلم التربية الإسلامية يقوم بعمله ابتغاء وجه الله- عز وجل- أولاً وأخيراً. وبالتالي فهو لا ينظر إلى حطام الدنيا؛ لأنه مستعد لأن يضحي في سبيل توصيل العلم للآخرين.قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، وذلك دين القيمة }
الثقة بالله تعالى وبما شرع لعباده
يجب أن ترسخ لدى معلم التربية الإسلامية الثقة بأن شرع الله عز وجل الذي ارتضاه لعباده لا يمكن أن يعتريه ما يعتري الأنظمة البشرية من نقص وقصور لأنه شرع الله.
قال تعالى:{ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } وعليه أن يغرس هذه الثقة في نفوس طلابه الذين يدرسهم ،ويعلمهم الاعتزاز بالانتساب لهذا الدين .
التقوى
التقوى: هي الخوف من الله عز وجل في السر والعلن والالتزام بما أمر الله عز وجل ، الأمر الذي يجعل المعلم يراقب الله عز وجل في كل تصرف يتصرفه مع طلابه ، ( حضوره ، تحضيره، تدريسه ، امتحاناته) وسائر أعماله دافعه في ذلك الخوف من الله عز وجل وليس الخوف من القوانين والأنظمة والمسؤولين قال تعالى : { أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين }
الصدق
من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها معلم التربية الإسلامية ،(الصدق) قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } وقال صلى الله عليه وسلم" إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ". فلا يجوز بحال من الأحوال أن يُؤْثــَرَ على معلم التربية الإسلامية كذباً ولو مـِزاحاً ، فهو مرب وقدوة وينظر إليه طلابه وزملاؤه مثلا أعلى ، فعليه أن يحترم هذه المكانة ويحافظ عليها ولا ينزع ثقة طلابه به .
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى أثره واتبع هداه.
[1] ) البيتان من قصيدة لـ أ.عبد الناصر طاووس، في مدح النبيr.