عن دار ضحى للنشر و التوزيع صدرت رواية جديدة للأديب رمضان لطيفي اختار لها عنوان خُرج النصراني سيرة الومال في 151 صفحة من الحجم المتوسط .
الرواية طريفة تعيدنا إلى حقبة ماضية في نهايات القرن التاسع عشر في اختيار دال على منعرج كانت الايالة التونسية تتهيأ له ربما دون قصد . اختار رمضان لطيفي شخصياته من فضاءات حضارية متنوعة بل و متباينة و استطاع أن يجمعها في نصه جمعا تولدت عنه أسئلة كثيرة و خطيرة . هل هي رواية تاريخية ؟ أم هي رواية تلبس الحاضر لباس الماضي ؟
شخصية الأب النصراني خيالية رغم مرجعيتها فهي من الآباء البيض ،تلتقي بشخصيات تاريخية مثل الجنرال حسين و القنصل روستان . السؤال الحضاري مطروح بإلحاح في الرواية من خلال اللقاء بين الشرق و الغرب عبر الشخصيات و خطابها و لا تغيب المظاهر الحضارية عن فصول الرواية : احترام الأقليات ، نزاهة القضاء، عادات المناسبات و أخلاق العرب و تقاليد التجارة و التعامل و قانون إلغاءالرق و عهد الامان .
يتعدد الرواة بين الحمروني التونسي مرافق الأب النصراني ثم هذا الأب الذي جاء مبشرا للمسيحية ثم انقلب إلى مستكشف للأرض التي بنت قرطاج يوما و هاهم أبناؤها يقتتلون قبائلَ ، ثم تشده شخصية الومال فيحدثنا عن رحلته و حرصه على اتمامها بحرص الباحث عن الفريد الغريب فيثير دهشة بقية الشخصيات و دهشة القاريء خاصة عندما نكتشف من خلاله جوانب من ثقافتنا. فنتنقل معه عبر ولايات و مدن تونسية . ثم تنتهي الرواية بعودة صوت الحمروني ليمنح تعدد الأصوات الرواية تجددا و تنوعا في زوايا الالتقاط بما يكسبها ثراء .ثم كانت النهاية المواربة بغياب الأب النصراني و السؤال الموجع عن العدل ؟
العمل يكشف بجلاء علاقة وثيقة بين الكاتب والتاريخ و لكنها لا تخفي أيضا اهتماما بقضايا الحاضر مثل العدل و الفساد و العلاقة مع الآخر ليكون نصا آخر من تلك النصوص الرابطة بفنية بين حاضر و ماض عبر مزيج من الحقائق التاريخية و القدرة التخييلية .
استخدم الكاتب لغة بسيطة تشد القاريء بسلاستها و شدة مناسبتها للمرحلة التي تتناولها فيها مقاطع من الانجيل و مقاطع من الشعر و اللهجة العامية لتحمل الرواية بذلك حرارة الحياة كما التقطها المؤلف .
هذا العمل يمثل إضافة جديدة إلى رصيد الكاتب رمضان لطيفي ذي 63 سنة وذي الانتاج المتنوع من شعر و قصة و مسرح و رواية ، له مخطوطات تتنظر إحياءها بإصدارها .