بسم الله الرحمن الرحيم
في يوم الهجرة
عبدالناصرطاووس 15/11/2012 /م الموافق لـ 1/1/4143هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على صاحبالهجر محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين .
وبعد.
لست أدري من أين أبدأ وكيف ؟ والعالم العربي والإسلامي اليوم في خضم الأحداث الصعبة التي احتوته من كل جانب، فهو مايفيق من أزمة إلا اختلقت له أزمات، وهولا يفتر يدافع هنا،ويستميت هناك ،تارة عن نبيه،وأخرى عن دينه،وثالثة عن،حياض وطنه،وغيرها عن كرامته وحريته،الى أن يجعل الله له مخرجاً، لكن أليس مع العسر يسراً، وأليس الصبح بقريب.
وفي كل عام تمر ذكرى الهجرة التي كانت فاصلة الزمان والمحن لرسول الله(صلى الله عليه وسلم)وصحابته رضوان الله عليهم والتي منها كان منطلق التاريخ لتغييرالعالم المعتم الغارق في الظلمات.
وقد حاول المشركون بشتى الوسائل والمساومات والإغراءات والتهديدات ،ليردوا النبي صلى الله عليه وسلم عن دينه فأبى؛ فقدموا إلى أبي طالب فقالوا له: يا أبا طالب ! إن لك سنًّا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه ، وإنا والله لا نصبر على هذا : من شتم آباءنا ، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا ، حتى تسلمه لنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين. ثم انصرفوا عنه، فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لهم ولا خذلانه، فبعث إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له: يا بن أخي ! إن قومك قد جاءوني فقالوا لي: كذا وكذا.. فأبْقِ علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق.
فظن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قد بدا لعمه فيه بداء، وأنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): " يا عم ! والله لو وضعوا الشمس في يميني ، و القمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته "
إنه الابتلاء العظيم لتمحيص القلوب ، ليميز الله الخبيث من الطيب ، وليظهر الصادق من الكاذب ؛ قال الله تعالى: { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} .
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2، 3] .وقوله :{ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران:179] .
وبعد أن توالت الامتحانات، وتتابعت المحن، واشتد العذاب بالمسلمين، وتعاظم الأذى، ولكن بعدالليل صبح، وبعد الظلام ينبثق الفجر، وبدت من الأفق البعيد بشائر الفرح تلوح منذبالهجرة بعد أن سبقه جل الصحابة رضوان الله عليهم بالهجرة إلى أذن الله لرسوله(صلى الله عليه وسلم)الحبشة ثم إلى المدينة، ولا بد دون الشهد من إبر النحل. وكي يسجل التاريخ الأحداث لا بد من الهجرة.
هاجر وهو يقول: لولا أن قومك أخرجوني ما خرجت وظل يدعو " اللهم أغفر لقومي إنهم لا يعلمون إنهم لا يعلمون ",و كان يدعو لهم و يقول " بل أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً ".قال هذا لأنه الرحمةالمهداة "إنما أنا رحمة مهداه"
فما سبب الهجرة ؟
وهل كانت هذه الهجرة فراراًمن ؟ أم فراراً إلى؟.
أما المتمعن فيها والمستقرئ لأحداثها فيعلم أنها كانت فراراً إلى الله والحفاظ على المنهج، كانت هجرة لبقاء الدين والحفاظ على العقيدة،ولم تكن هجرة لحماية النفس فقط. ولو كان دونها ترك الديار والزوجات والأولاد والأموال، ولذلك كان منطلق التاريخ فيها أنها هجرة إلى الله لا إلى دنيا ولا إلى امرأة. لا إلى هوليوود ولا لتعاقر بنت الحان.
إنها هجرة هدفها الأول والأخير؛ لتكون كلمة الله هي العليا.
وهدأت العاصفة، ونجح الاختبار، ولاح بدر المصطفى(صلى الله عليه وسلم)وانقشع الظلام، فجعل الله للمسلمين فتحاً قريباً .
وكان مع العسر يسر ومع الشدةالفرج. وصلى الله وسلم على رسوله الكريم أولاً وآخراً.
وكل عام وأهل النبع بخير، والأمة معافاة.