الصورة الحسية في الوجود الحسي لأنثوية المرأة والمكان
موعد
ألم تعد القلب
أنّك تأتي
وتحتفل معي بعيدي
قل لي ما الذّي منعك عنّي
وقل لي ماذا أقول
لكفّي المرتجف المنتظر
دفء كفك
ماذا أقول
لشعري الثّائر
وقد غيّرتُ تسريحتهُ كما تحبُّ
وماذا أقول
لشفتي التي غيّرتْ لونها
وصارت كما تحبّ
حتى طلاء أظافري
غيّرتُه كما تحبّ
قل لي ماذا أقول
لفستاني الأزرق الحريريّ المهمل
كنت أراقصك به
على موسيقى البيانو الساحرة
التي أحبّ وتحبّ
قل لي ماذا أقول
لعطري المسفوك
وقد سكبته أين تحب
وعقد الزمرد والشّوق المحتضن لجيدي
تناثرت حباته وجعا
اِنتظرَ أن تقبّلهُ وتقبّلَ جيدي
فلم تأت قبلاتُكَ
ولم تأتنِي يوم عيدي
والشّمع المعطر والمنتشر في الأفق
نزف طوال الليل
حتى آخر الدمع
قل لي ماذا أقول
ألم تَعِد القلب أنّك تأتي
يا العزيز
ها قد أطفأتُ الحفل
وأعلنتُ الحداد على القلب
الذي أَحبّك كما أُحبُّ
أن الاعتماد على الشفرة الوجدانية كدلالة موحية تستفيض بالحلم الذي يحقق وجودنا الإنساني يصبح هنا النص ضمن الرموز الموحية بالمعنى الداخلي لهواجسنا الذاتية التي تعتمد على حضور الأخر كجزء حي من اكتمال الحياة التي نعيشها وفق ذائقتنا التصورية وحاجاتها المبنية على مدراك عمق الحضور للأخر الذي نسعى أن تكون حياتنا متطابقة مع أحلامه بكل تفاصيلها , حين يكون هو الجزء المحرك لكل المسميات حولنا , نجد الشاعرة راضية الهلولي في هذا النص أعطت الرمز الوجودي للمكان بدلالة الجسد كعنصر متوقف في حيويته وحركة الحياة فيه على الأخر الذي يشكل لها انبثاق بالفرح والعيد حيث لا يكتمل العيد إلا بحضوره الحي , لهذا نجد أنها هيأت له ما يبعث الفرح فيه والذي هو متمازج مع فرحها , فنجد هنا التطابق الكبير بين ما تسعى إليه ورغبتها ا بحضور الآخر فاتخذت من الجسد الرمز التي تستطيع أن تعطيه الصورة الذهنية المتحركة داخلها وخارجها , و نجد هنا التغير في الأنثى خارجها وحسب الإنسانة داخلها فكل شيء هيئته حسب نداء قلبها أي أنها تعاملت مع كل المظاهر الخارجية تبعا لداخل التي تعيش وليس عبثية اللحظة في التصور الأنثوي ,وذلك لإدراكها ان الأنثى هي مركز جذب الى الذكر المنشود والتي تحبه ...
(ألم تعد القلب /أنّك تأتي /وتحتفل معي بعيدي/ قل لي ما الذّي منعك عنّي /وقل لي ماذا أقول /لكفّي المرتجف المنتظر /دفء كفك /ماذا أقول /لشعري الثّائر /وقد غيّرتُ تسريحتهُ كما تحبُّ/ وماذا أقول /لشفتي التي غيّرتْ لونها /وصارت كما تحبّ /حتى طلاء أظافري/غيّرتُه كما تحبّ /قل لي ماذا أقول /لفستاني الأزرق الحريريّ المهمل /كنت أراقصك به /على موسيقى البيانو الساحرة )
والنص هنا هو مناشده لتحقيق الحلم عن طريق الأخر المتخيل في وجدانها العاطفي . فندرك أن الشاعرة خلقت أنثى خارجها تبعا للوصف الظاهري للأنثى وطريقة تجميلها حسب الوصف الأستعاري , نشعر أن الشاعرة أعطت لهذا الأنثى التي تسكن عواطفها الأنثوية كل حالات الاختيار الحسي الذي يجعل من المرأة إنسانة بحسها الإنساني بقدر حسها الأنثوي الذي يعطي الصورة التركيب والامتزاج الإنساني ما بين الأنثى و الذكر كالوصف الأفروديتي للأنثى الذي يجعل من الأنثى رمز للجمال الحي حيث يجعل من الجسد هو أعلى حالات الحس الوجودي في تركيب الصور الجمالية . قد اعتمدت على وعد الأخر في كل اختياراتها في تفاصيل الجمال لهذا الحس الجسدي المتحرك بالحياة , بعد أن شعرت أنها مخلصه له في كل التفاصيل التي أخذت تزين بها حسها ولكنه لم يأت , وهنا نشعر بقدر ما موجود من وفاء للحظة الانتماء الإنساني للأخر نجد هناك تفريط بوعد لهذا الأخر الذي لم يأت , فهي غيرت كل تفاصيلها الأنثوية تبعا للأخر الذي يحب كل هذه التفاصيل , وما هذا التغير في التفاصيل إلا تعبيرا عن حب الأخر والإخلاص لهذا الحب , فهي تريد أن تثبت أن حركتها في الحياة تعتمد كليا على تفاصيل الأخر وماذا يحب , فهي تبذل الكثير من أجل تحقيق حضوره الوجودي حولها لكنه لا يرى كل هذا من خلال غيابه عنها . والشاعرة حين أسردت كل هذه التفاصيل لتبين كم هي متعلقة به الى حد تغير كل أنساق حياتها التي حولها من تغير تفاصيل الجسد الى تغير تفاصيل المكان فقد غيرت من شعرها الى فستانها وهيأت كل هذا لتبث حركة الحياة فيها , لأن الرقص هنا هو أعادة خلق حركة الحياة بطريقة الشفافة المنغمة على حركتها الوجدانية لأنها تريد أن تشعر بحريتها ضمنه من خلال امتزاجها معه .
(التي أحبّ وتحبّ /قل لي ماذا أقول /لعطري المسفوك /وقد سكبته أين تحب /وعقد الزمرد والشّوق المحتضن لجيدي /تناثرت حباته وجعا /اِنتظرَ أن تقبّلهُ وتقبّلَ جيدي /فلم تأت قبلاتُكَ / ولم تأتنِي يوم عيدي )
وتستمر بسرد كل التفاصيل التي سعت لتغيرها من أجل حضوره ,تستمر بالمناشدة لحضوره وهي قد غيرت كل شيء من أجل هذا الحضور , فهي دعته لحضور عيدها الذي يوحي أنها لا يمكن أن تكتمل بإنسانيتها إلا بحضوره , كأنها تدعوه لكل تولد من جديد بحضوره , لأنه يمثل لها الرمز الموحي بحضور الحياة وأعادت الولادة فيها , فقد أرتقت بالمكان الحسي الى مستوى التصور الذهني في الحضور الوجودي لأن تجميل كل شيء من عطرها الى عقد زمرد جيدها ومن اجل أعادة تريب النسق التصوري لحضور الأخر في عيدها , فعدم حضوره في هذا اليوم الذي يمثل عيدها ما هو إلا نكوص وإخفاق بعدم جدوى الحياة خارج حضوره ,لأنها تريد أن تحتفل بعيدها وتجدد كل شيء فيها , فهو يمثل لها الحياة المتجددة والمستمرة فيها فكيف إذا لم يحضر ...
(والشّمع المعطر والمنتشر في الأفق /نزف طوال الليل /حتى آخر الدمع /قل لي ماذا أقول /ألم تَعِد القلب أنّك تأتي/يا العزيز /ها قد أطفأتُ الحفل /وأعلنتُ الحداد على القلب /الذي أَحبّك كما أُحبُّ )
بعد كل هذه الإرهاصات والتغير في المكان ورمزية الأنثى خارجها لم يأت , فعاد المكان الى ظلمته وهي تحياه بعيدا عنه فالشموع تنزف طول الليل , والشاعرة تخرج من الأنثى لترسم علامات الخيبة والمرارة بعدم مجيئه على المكان ويكون حتى الأفق يضيق عليها وترسم كل هذا في ذاكرتها وما الأفق هنا إلا امتداد الى البعد التي احتواه , فتهشمت حتى الأنثى داخلها لأنه نكد بوعده لقلبها , وقد اعتمدت في نصها على البعد الخارجي كتمحور الانعكاس الى داخلها وما الخارج إلا إحساسها الداخلي , فبعد أن هيأت كل شيء لحضوره من الأنثى الى المكان لكنه لم يحضر , وفد انتقلت من الرمز الأنثوي الى أنوثة المكان فكل شيء أصبح يوحي بالحداد , والنص يبين قدرة الشاعرة على ترميز الحس الوجودي عبر الأنثى والمكان التي تدعو الغائب للحضور , وقد استطاعت الشاعرة أن تبني نص تخيلي ضمن الصورة الشعرية الحسية وفي منطقة الترابط الصوري لذهنية الحدث الحسي في أنثوية الحس لوجودية الأنثى الإنسانة في المكان , والنص قد بنى بين الدعوة بالوفاء ومناشدة الحضور وكان فضاء التخيل الرمزي والتي جعلت من الأشياء الحسية حركة الرؤيا المكونة لدلالاتها الوجدانية ...