.................................................. .......
هذه قصة حقيقية حدثت في فلسطين وبطل القصة شاب مجاهد عابد..
في إحدى الليالي الدامية كانت قوات الإحتلال تطارد شابا فلسطينيا وكانوا يطلقون النار عليه
بقصد قتله، فحار هذا الشاب إلى أين يذهب، فطرق أحد الأبواب، ففتح الأب الباب ، فأخبره هذا
الشاب بأنه ملاحق ، فقال الرجل: أدخل وإئتمن، فدخل الشاب ولكن بعد دقائق معدودة سمع طرقا
عنيفا على الباب وصوتا من الخارج يصيح "إفتح الباب وإلا بفجروا" فحار الأب أين يخبئ الشاب
خوفا من أن يقتلوه، وكانت له إبنة صبية تأخذ حماما، فقال الرجل للشاب : أدخل الحمام ، فرفض
الشاب الدخول وقال: سأخرج إليهم ، فدفعه الرجل إلى داخل الحمام وأغلق الباب، ومن ثم
ذهب ليفتح الباب للجنود، فدخل المحتلون وقاموا بتفتيش البيت بكل غرفه، ولما يئسوا من أن يجدوا
ضالتهم جروا ذيولهم وخرجوا خائبين، فخرج الشاب من الحمام وقد عجز لسانه عن الشكر والنطق
إمتنانا لصنيع هذا الأب، وشكره بدموع عينيه التي فاضت عندما كان يقبل يد هذا الرجل وخرج.
وفي اليوم التالي جاء الشاب برفقة والديه طالبا يد هذه الفتاة، فكان جواب الأب أنه لا يريد أن
يربط مصير إبنته برجل لمجرد الشكر وشعوره بالإمتنان، فكان جواب الشاب مذهلا حيث قال:
" والله يا عم، لقد رأيت في منامي إبنتك محاطة بنساء بالثياب البيض، وهي تأتي إلي مسرعة
فوضعت يدي بيدها فخرج من بين أيدينا ورقة بيضاء مكتوب عليها ((الطيبون للطيبات)) "
فلما سمع الأب هذا الكلام دمعت عيناه وقال للشاب لبيك يا ولدي هذه إبنتي زوجا لك وكان مهرها ليرة ذهبية واحدة.
وها هما لغاية الآن يعيشون حياة جميلة ملؤها الحب عنوانها الإخلاص ورزقوا بمحمد وخولة .
القدير الوليد
قرأت هذه القصّة ولم يراودني الشّك في أنّها من صميم واقع فلسطينيّ يدرك أهله ومحبوه أنّ الحياة أقوى من كل ّغاش وأنّ البقاء أو الموت هو بأرادة خالقنا ومولانا سبحانه وتعالى...
وما شدّني أكثر فيها يا الوليد هو أسلوبك في الكتابة وترتيب أحداثها ومضامينها التي تنبع من وطن الصّمود والمقاومة والشّجاعة وصون المثل العليا كالتّآزر وحسن التّعاون بين الصّامدين الثّابتين في محبّة الوطن ...
ثمّ ثراء القصّة التي وظّفت فيها أجرائية كتابتها لتسوق لنا عدّة مضامين ...
ولعلّ أبرزها أخفاء الشّيخ الشّاب في بيت الحمّام حيث توجد الحسناء ابنته
فهذا الموقف على حرجه ودقّته يندرج في ميراثنا الاخلاقيّ ويفصح عن قيّمنا وثوابتنا العربيّة الصّميمة ...
فأصداء هذا الموقف شاسعة يا الوليد فالشّيخ الذي ائتمن الشّاب على عرضه وهو يدخله بيت الحمّام لم يساوره ريب ولا سوء ظنّ في هذا الذي لاذ اليه
وأنّ الشّاب كان في مستوى الأمانة وحسن الظّن به .
وأن مكارم الأخلاق تحكم المواقف الصّعبة فلا تخذل أبدا...
أمّا القيمة الرّاقيةوالتي جاءت في النّص القرآني وبالتّحديد في الآية الكريمة التي ذكرت
قال الله تعالى : ( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) هذه الآية ذُكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيداً لبراءة عائشة رضي الله عنها مما رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين ، زوراً وبهتاناً ، وبياناً لنزاهتها ، وعفتها في نفسها ، ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم
فلو كان هذا الشّاب خبيثا وكانت البنت عفيفة فهل سيكون القدر جامعهما وهل ستنتهي القصّة بزواج ميمون ..
الرّائع الوليد
كتبت قصّة عميقة ذات مستويات متعدّدة لغوية وبلاغية وتشريعيّة وقد قرأتها بكلّ هذه المضامين القيّمة بما في دلالاتها من اتّساع...
فشكرا يا الوليد الرّائع يا ابن فلسطين الأبيّة الشّامخة بأهلها ....
سيكتب التّاريخ عنكم أروع القصص وأجملها لتصبح دررا في ذاكرة الأدب العالمي