سفيان بين عيينة بن أبي عمران (يكنى أبا محمد) رحمه الله . من التابعين
هو مولى لبني عبد الله بن رويبة ولد بالكوفة سنة سبع ومائة وسكن مكة .
قال سفيان بن عيينة : لما بلغت خمس عشرة سنة دعاني أبي فقال لي : يا سفيان قد انقطعت عنك شرائع الصبا فاحتفظ من الخير تكن من أهله ولا يغرنك من أغتر بالله ، فإنه ما من أحد يقول في أحد من الخير إذا رضي إلا وهو يقول الشر مثل ذلك إذا سخط . فاستأنس بالوحدة من جلساء السوء لا تنقل أحسن ظني بك إلى غير ذلك ولن يسعد بالعلماء إلا من أطاعهم ، قال سفيان : فجلت وصية أبي قبلة أميل معها ولا أميل عنها .
وعن موسى بن إسماعيل قال : سمعت ابن عيينة يقول : أصابتني ذات يوم رقة فبكيت فقلت في نفسي : لو كان بعض أصحابنا لرق معي ، ثم غفوت ، فأتاني آت في منامي فرفسني وقال : يا سفيان خذ أجرك ممن أحببت أن يراك .
وعن علي بن الحسين قال: سمعت بن عيينة يقول: من رأى أنه خير من غيره فقد استكبر ، وذلك أن إبليس إنما منعه من السجود لآدم عليه السلام استكباره .
وعنه أنه قال : من كانت معصيته في الشهوة فأرجُ له التوبة ، فإن آدم عصى مشتهياً فغفر له ، فإذا كانت معصيته في كبر فأخش على صاحبه اللعنة ، فإن إبليس عصى مستكبراً فلعن .
وعنه أنه قال : قال الأحنف : قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه : تفقهوا قبل أن تسودوا ، قال سفيان : لأن الرجل إذا فقه لم يطلب السؤدد .
أدرك سفيان بن عيينة ستة وثمانين من أعلام التابعين ، وحدّث عنه من كبار الأئمة : سفيان الثوري وشعبة والأعمش والأوزاعي .
وعن الحسين بن عمران بن عيينة ابن أخي سفيان قال : حججت مع عمي سفيان آخر حجة حجها سنة سبع وتسعين ومائة فلما كنا بجمع وصلى ، استلقى على فراشه ثم قال: قد وافيت هذا الموضع سبعين عاماً أقول في كل سنة، اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك، فرجع فتوفي في السنة الداخلة يوم السبت أول من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة ودفن بالحجون وهو ابن إحدى وتسعين سنة .