المحكمة الأدبية رقم 44 لإبراهيم عبد القادر المازني
إبراهيم عبد القادر المازني
1889-1949
أنا شاعر وناقد وصحفي وكاتب روائي مصري من شعراء العصر الحديث، عرفت كواحد من كبار الكتاب في عصري، كما عرفت بأسلوبي الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر ، واستطعت أن ألمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل، حيث تمكنت من أن أوجد لنفسي مكاناً بجوارهم على الرغم من اتجاهي المختلف ومفهومي الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافتي بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيري من شعراء مدرسة الديوان.
نشأتي
ولدت عام 1889 م في القاهرة ، ويرجع نسبي إلى قرية " كوم مازن" التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية. وقد تطلعت إلى دراسة الطب وذلك بعد تخرجي من المدرسة الثانوية ،وذلك اقتداءً بأحد أقاربي، ولكنني ما إن دخلت صالة التشريح حتى أغمي علي، فتركت كلية الطب وذهبت إلى كلية الحقوق ، ولكن مصروفاتها زيدت في ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدلت عن كلية الحقوق إلى كلية المعلمين. وعملت بعد تخرجي عام 1909 مدرساً, ولكنني ضقت بقيود الوظيفة, وحدثت ضدي بعض الوشايات ، فاعتزلت التدريس وعملت في الصحافة حتى أكتب بحرية, كماعملت في البداية في جريدة الأخبار مع أمين الرافعي، ثم محرراً في جريدة السياسة الأسبوعية، كما عملت في جريدة البلاغ مع عبد القادر حمزة وغيرها الكثير من الصحف الأخرى، كما انتشرت كتاباتي ومقالاتي في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية، وعرفت ببراعتي في اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية ، فقمت بترجمة العديد من الأشعار إلى اللغة العربية، وتم انتخابي عضواً في كل من مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي بمصر.
أسلوبي الأدبي
عملت كثيراً من أجل بناء ثقافة أدبية واسعة لنفسي، فقمت بالإطلاع على العديد من الكتب الخاصة بالأدب العربي القديم ، ولم أكتف بهذا بل قمت بالإطلاع على الأدب الإنجليزي أيضاً، وعملت على قراءة الكتب الفلسفية والاجتماعية، وقمت بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى العربية حتى قال عني صديقي عباس محمود العقاد " إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديباً واحداً يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعراً ونثراً".
وأُعدُّ من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع كل من عبد الرحمن شكري، وعباس العقاد . وقد عشقت الشعر والكتابة الأدبية، وعملت في شعري على التحرر من الأوزان والقوافي ،ودعوت كغيري من مؤسسي مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، هذا على الرغم من أنه غلب على شعرنا وحدة القافية.ثم اتجهت للنثر وأدخلت في أشعاري وكتاباتي بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي. وقد تميز أسلوبي بالسخرية والفكاهة، فأخذت كتاباتي الطابع الساخر، وعرضت من خلال أعمالي الواقع المعاش ، وتجاربي الشخصية ، وحياة المجتمع المصري في تلك الفترة، فعرضت كل هذا بسلبياته وإيجابياته من خلال رؤيتي الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكلفات الشعرية والأدبية. وتوقفت عن كتابة الشعر بعد صدور المجلد الثاني من ديواني في عام 1917 م ، واتجهت إلى كتابة القصة والمقال الإخباري. حيث أصدرت الجزء الأول من ديواني عام 1913 .
وقد كنت في طليعة أدباء العصر الحديث نقداً ،وشعراً ،وصحافةً، وقصصاً .
التعبير بالصورة
حين أستخدم الصورة في شعري "لا أستخدمها لذاتها، ولكن لأنها وسيلتي الوحيدة إلى ما أرمي إليه, وقد تضيق الصورة وقد تتسع, فتكون صورة جزئية تتأزر مع أخوات لها ومع غيرها من وسائل الأداء لإتمام العمل الفني، وحين أرسم صورة كلية، فإنني أحياناً أتخذ الرمز وسيلتي إلى مقصدي، وتكون الوحدة العضوية بارزة إلى حد ما بين أجزاء صورتي.
من أعمالي
قدمت العديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة أذكر منها : إبراهيم الكاتب، وإبراهيم الثاني – رواياتان، أحاديث المازني- مجموعة مقالات، حصاد الهشيم، خيوط العنكبوت، ديوان المازني، رحلة الحجاز، صندوق الدنيا، عودٌ على بدء، قبض الريح، الكتاب الأبيض، قصة حياة، من النافذة، الجديد في الأدب العربي بالاشتراك مع طه حسين وآخرين، حديث الإذاعة بالاشتراك مع عباس محمود العقاد وآخرين، كما نال كتاب الديوان في الأدب والنقد الذي أصدرته مع العقاد عام 1921 م شهرة كبيرة، وغيرها الكثير من القصائد الشعرية، هذا بالإضافة لمجموعات كبيرة من المقالات، كما قمت بترجمة مختارات من القصص الإنجليزي.
مؤلفاتي
• حصاد الهشيم(في النقد).
• قبض الريح.
• صندوق الدنيا(في السياسة والاجتماع).
• خيوط العنكبوت.
• إبراهيم الكاتب.
• عود على البدء.
• في الطريق.
و من قصائدي المشهورة :
• ظمأ النفس إلى المعرفة.
• الإنسان والغرور.
• سحر الحب.
• الشاعر المحتضر.
• وصية شاعر (على مثال وصية الشاعر الألماني " هينى" ).
• كأس النسيان.
• ما أضعت الهوى ولا خنتك الغيب.
• أمطروا الدمع عليه لا الندى.
وقد توفيت في القاهرة في شهر آب من عام 1949 م.
قصيدة (الشاعر المحتضر)
فتًى مزّق الحبُّ المُبرّحُ قلْبهُ
كما مزّق الظلَّ الضياءُ أياديا
قضى نحْبهُ كالمزن فِضْنَ مدامعا
وخلّفن آثارًا لهنْ بَواديا
ولما دنا منه الحِمامُ، ورنّقت
منيّتهُ، نادى الصفيَّ المُصافيا
وكاشفهُ - والعينُ ينهلًّ ماؤها-
بما كان يُخفى من هوًى ليس خافيا
وقال وضمّ الراحتيْن على يد
كساها شآبيبَ الدموع الجواريا-:
بقيتَ، وبُلّغْتَ الذي بتَّ راجيًا
وإن كنتُ ما أُعطيتُ منك مُراديا
سيسقى الردى قلبي عن الحسن سلوةً
فلا بتّ حرّان الجوانح صاديا
ولا عجبٌ أن يُطفئ الموتُ غُلّتي
ويصبح داءُ العالمين دوائيا
كتمْتُكَ حبي، خشيةَ الصدِّ والقِلى
وحصّنْتُه حتى رمى بي المراميا
رد: المحكمة الأدبية رقم 44 لإبراهيم عبد القادر المازني
مساءً طيّبا استاذنا سمير
ومساء جميلا أديبنا الخالد عبد القادر المازني
في هذه المحاكمة أود أن أقدم عظيم ثنائي وامتناني لما تركته من إرث أدبي للمكتبة العربية
ولكن
ماالذي دفعكَ لتحرير الشعر من وزنه ؟ ألم تراودك فكرة أن هذا سيكون بمثابة سكين أخرى تضاف للسكاكين التي تحاول جاهدة طعن هذا الإرث الثقافي الذي تتباهى به أمة العرب؟
تحيتي وسلامي وهذا كل ماعندي
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
رد: المحكمة الأدبية رقم 44 لإبراهيم عبد القادر المازني
الأستاذ الفاضل والأديب الكبير إبراهيم المازني.
لِمَ لمْ تتخيّرْ مِن صنوف الأدب ما تختصُّ به فتُوليه عِنايتكَ فيَكون له أثرٌ دائمٌ في كتابِ أدبٍ أو ديوان شعرٍ تُعرَفُ به وتُمدَحُ كما عُرِفَ طه حسين بروايةِ (الأيامِ) ولم ينقطع الثناءُ عليه بها.
...................
الأستاذ محمد سمير أحسن اللهُ عزاءَكَ وأعظمَ أجرَكَ وغفر لميِّتكَ وأنزله الفردوسَ الأعلى.
التوقيع
أنبعَ الوُدِّ لو أبَصَرْتَ حَقًّا
رأيتَ النبْعَ في الشريانِ يَجري
وأهلُ النبعِ كَوكَبةٌ كِرامٌ
حَدِيثُهُمُ إلى الأقمارِ يَسْرِي
عواطفُ إنْ تُباعِدْنا دِيارٌ
فإنَّ النبعَ في الأحداقِ ؛ فادْرِي
رد: المحكمة الأدبية رقم 44 لإبراهيم عبد القادر المازني
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوكب البدري
مساءً طيّبا استاذنا سمير
ومساء جميلا أديبنا الخالد عبد القادر المازني
في هذه المحاكمة أود أن أقدم عظيم ثنائي وامتناني لما تركته من إرث أدبي للمكتبة العربية
ولكن
ماالذي دفعكَ لتحرير الشعر من وزنه ؟ ألم تراودك فكرة أن هذا سيكون بمثابة سكين أخرى تضاف للسكاكين التي تحاول جاهدة طعن هذا الإرث الثقافي الذي تتباهى به أمة العرب؟
تحيتي وسلامي وهذا كل ماعندي
............................................
الفاضلة كوكب
المقالة التالية التي نقلتها من الشبكة العنكبوتية ولا أعرف صاحبها ، تجيب على تساؤلك
2. مفهوم الحداثة في المستوى الايقاعي
تتجلى (بصمة الذات) عند شعراء الديوان في موقفهم من الوزن والقافية، فبعد أن أفادوا ممّا بُثّ في كتاب (الوسيلة الادبية) من نظرة للتحرر من قيود الاوزان العروضية، ومن مطالبة بمفهوم جديدة للشعر يخالف التعريف السائد الذي ينص على انه كلام موزون مقفى(4)، وبعد أن افادوا مما عرفوه عن تجديد الغربيين في الوزن والقافية(5)، قاموا بمحاولات تجديدية تجريبية في الوزن والقافية. ولم تكن محاولات التجديد هذه نتيجة عجزهم في النظم في القالب القديم، ولم تكن المسألة ايضاً رغبة في التخفف من أعباء الوزن والقافية، وانما كان دافعهم الحقيقي هو جعل موسيقى شعرهم خاضعة لحالة الشاعر النفسية والشعورية التي يصدر عنها(6)، ولاسيما أنهم احسّوا أن مشاعرهم ووجداناتهم لايمكن حصرها في البحور الخليلية، وانهم بحاجة الى موسيقى ترتبط بحالة شعورية معينة لشاعر بذاته، فتعكس هذه الحالة في صورة منسقة على نحو خاص، لا في صورتها القديمة(1).
وشعراء الديوان لم يقوموا بإلغاء الوزن والقافية، وانما أدخلوا عدداً من التعديلات ليحقق الشاعر من نفسه ومن ذبذبات مشاعره مالم يكن يستطيع تحقيقه في القالب القديم(2).
وقد استغل (العقاد) المقدمة التي كتبها لديوان (المازني) ليبث فيها أفكاره ولاسيما التجديد في الوزن والقافية، فهو يرى ان كتابة الشعر بالقالب القديم قيد لحرية الشاعر(3)، و "ان اوزاننا وقوافينا اضيق من ان تنفسح لاغراض شاعر تفتحت مغالق نفسه، وقرأ الشعر الغربي، فرأى كيف ترحب اوزانهم بالاقاصيص الطويلة والمقاصد المختلفة، وكيف تلين في ايديهم القوالب الشعرية، فيودعونها ما لاقدرة لشاعر عربي وضعه في غير النثر"(4). ودعا الى ان يكون نصيب الشعر من الفكر اوفر وأوسع بحيث لا تطغى الرنة والقافية عليه(5)، وتحدث عن التنويع القافوي واثر ذلك في التهيئة للتجديد المطلوب اذ قال: "رأى القراء بالأمس في ديوان (شكري) مثالاً من القوافي المرسلة والمزدوجة والمتقابلة ، وهم يقرأون اليوم في ديوان (المازني) مثالاً من القافيتين المزدوجة والمتقابلة، ولا نقول ان هذا هو غاية المنظور من وراء تعديل الاوزان والقوافي وتنقيحها، ولكنا نعدّه بمثابة تهييء المكان لاستقبال المذهب الجديد، اذ ليس بين الشعر العربي وبين التفرع والنماء إلاّ هذا الحائل، فاذا اتسعت القوافي لشتى المعاني والمقاصد، وانفرج مجال القول ، بزغت المواهب الشعرية على اختلافها ورأينا بيننا شعراء الرواية، وشعراء الوصف، وشعراء التمثيل"(6)، وطالب بالانتفاع مما يفعله شعراء الغرب(1)، وهكذا يتبين لنا ان التجديد العروضي عند (العقاد) جاء نتيجة تاثره بالتجديد العروضي عند الغرب(2)،لا لغرض التقليد بل لفسح المجال لبزوغ (بصمات) مواهب شعرية متميزة.
وأسهمت (بصمة الذات) عند (المازني) بالتمسك بالوزن في الشعر لصلته القوية بالعاطفة، بل كان من اوائل الشعراء الذين اقاموا علاقة بين العاطفة والوزن(3)، وعبّر عن ذلك قائلاً: ان كل عاطفة، عندما تسيطر على الروح وتنساب باعتدال [...] تبحث دائماً عن لغة تلائم انسيابها... فالعواطف العميقة الدائمة كانت دائماً تبحث عن تعبير لها في لغة موزونة، فكلما عمقت المشاعر كانت التراكيب الموزونة أشد بروزاً وتأثيراً"(4). ومن هذا المنطلق دافع (المازني) عن الوزن، ورفض الترخص به، ونقد الشعر المنثور وعدّ من ينظمه على مرتبة عالية من الجهل والغباء لانهم لايستخدمون الوزن في نظمهم هذا، اذ قال: "ان جهلاً عظيماً قد نزل بالناس، لأنك ترى اغلب الناس في هذا البلد المسكين يصرون ان الوزن غير ضروري في الشعر، وان هناك كتابة هي شعر لكنها لاتستخدم الوزن. ان هذا الجهل والغباء قد دفع بعض الناس ليجربوا هذا النوع الجديد من الشعر، حاسبين أنهم قد انجزوا شيئاً جيداً وأنهم اخترعوا نوعاً جديداً من الفن"(5). وربما يكون لرأي (المازني) في الوزن ارتباط تأثر برأي (هيجل) الذي يؤكد فيه ان الوزن أول ما يستوجبه الشعر، وانه ألزم مما عداه.(6)
اما القافية فعلى الرغم من انها قيد لحرية الشاعر كما يراها، إلا أنها قيد –نظام- لازم لخير الجماعة وليس عبئاً على الشاعر(7).
اما (شكري) فلم يقدم آراء نقدية في الوزن والقافية واثرهما في الشعر، ولكنه كان اول البادئين بكتابة الشعر المرسل، ومن اوائل الشعراء الذين تمردوا على القافية الموحدة، ورأى فيها عائقاً عن الوحدة العضوية للقصيدة فأسهم بذلك في وضع اساس القصيدة العربية الجديدة(1).
وعلى الرغم مما يلاحظ من تقاطع في آراء شعراء الديوان احياناً الا أن تلك الآراء نفسها كانت تعبر عن وجهات نظرهم الساعية الى تحقيق الذات وابراز (بصمتها) الخاصة.
رد: المحكمة الأدبية رقم 44 لإبراهيم عبد القادر المازني
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المأمون الهلالي
الأستاذ الفاضل والأديب الكبير إبراهيم المازني.
لِمَ لمْ تتخيّرْ مِن صنوف الأدب ما تختصُّ به فتُوليه عِنايتكَ فيَكون له أثرٌ دائمٌ في كتابِ أدبٍ أو ديوان شعرٍ تُعرَفُ به وتُمدَحُ كما عُرِفَ طه حسين بروايةِ (الأيامِ) ولم ينقطع الثناءُ عليه بها.
...................
الأستاذ محمد سمير أحسن اللهُ عزاءَكَ وأعظمَ أجرَكَ وغفر لميِّتكَ وأنزله الفردوسَ الأعلى.
.......................
الأستاذ الفاضل المأمون الهلالي
لقد كنت شغوفاً بكل صنوف الأدب ،كما كنت كاتباً متعدد المواهب
وهذا ما دفعني لعدم التركيز على صنف معين - كما ذكرت -
ولكن ذلك لم ينقص من مستواي الأدبي بين أقراني من أبناء عصري
أشكرك على ملاحظتك القيمة التي أثرت محاكمتي
...................
شكر الله سعيك أخي الكريم المأمون
وأطال في عمرك
وجزاك عنا كل الخير
محبتي