في بلادي يغدو الوضيع رفيعا
يتهادى في قده المياد
ويصير المثقف الفذ صفرا
هو والبؤس تؤما الميلاد
ويصير الشعر الجميل هراء
وفق آراء الساسة الأوغاد
أين منها الدروب ..كل مكان
دونها جارح صميم الفؤاد؟
كم تغنت بها القصائد يوما
وغدت مثل صرخة في واد
بالشعارات كم تغنت زمانا
ثم صارت أضحوكة الأولاد
في بلادي كتائب الموت تترى
أين منها مواكب للجراد؟
أصبح الخانع الغبي فقيها
يصدر الفتوى داعيا للجهاد
تلكم الجمرة التي أفرحتنا
أحزنتنا بموتها في الرماد
يئس اليأس من نهوض بلادي
منذ فجر التاريخ طوع الرقاد
كيف لا أبكي والتجارة بارت
بدلوا لي حميرهم بجيادي
في بلادي الإنسان نصف بياض
نصفه الثاني قابع في السواد
ليس بالخبز وحده هو يحيا
بل بذل ورهبة وانقياد
أمره ليس في يديه ولكن
أمره في يدي زعيم النادي
ويعيش الحياة سكران دوما
دونما خمرة وشدو الشادي
وثراها الثري دون ثراء
خيره ذاهب لشر العباد
هي مثل المريض دون دواء
وببطء يموت بين الأيادي
كم أنادي ويرجع الصوت ميتا
لا حياة لمن هباء أنادي
كم دعونا إلى السلام حياة
فإذا الكل نفسه في الزناد
وبلادي كأنها أرض خير
فتراها تحكي عن الحساد
ليس للروح عندها أي معنى
أي روح خلاقة في الجماد؟
نادرا ما ترى شريفا عفيفا
أكثر الناس مدمن للفساد
ولهذا الصراع دارت رحاه
وغدا الموت سعره بالمزاد
أمنيات الإنسان فيها محال
من زمان القيود والأصفاد
وإذا ما أراد حقا بخوف
أسعفوه ببعض ماء وزاد
حين يصحو يعاقر الهم خمرا
مدينا له وما من سداد
يزرع الأرض والسنابل يجني
ويظل المحروم حين الحصاد
رجل الأمن سيد ومطاع
ربما صار سيد الأسياد
ووزير الثقافة الغر يوما
كان خصما للدرس والاجتهاد
والذي يخدم السلاح خؤون
يضرب الشعب نصرة للأعادي
وأنا ها هنا غريب غريب
أقضم المنفى دون نجم هاد
"هذه كلها بلادي.. وفيها
كل شيء إلا أنا وبلادي"
البيت الأخير لعبدالله البردوني وهو وحده قصيدة