{ وَالَّذِينَ هَادُوا } معطوف، وكذا { َوالصَّابِئُونَ} معطوف على المضمر في { هَادُوا } في قول الكسائي والأخفش.
قال النحاس : سمعت الزجاج يقول : وقد ذكر له قول الأخفش والكسائي : هذا خطأ من جهتين؛
إحداهما أن المضمر المرفوع يقبح العطف عليه حتى يؤكد.
والجهة الأخرى أن المعطوف شريك المعطوف عليه فيصير المعنى أن الصابئين قد دخلوا في اليهودية وهذا محال.
وقال الفراء : إنما جاز الرفع في { وَالصَّابِئُونَ } لأن { إِنَّ } ضعيفة فلا تؤثر إلا في الاسم دون الخبر؛ و { الَّذِينَ } هنا لا يتبين فيه الإعراب فجرى على جهة واحدة الأمران، فجاز رفع الصابئين رجوعا إلى أصل الكلام.
قال الزجاج : وسبيل ما يتبين فيه الإعراب وما لا يتبين فيه الإعراب واحد.
وقال الخليل وسيبويه : الرفع محمول على التقديم والتأخير؛
والتقدير : إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون والنصارى كذلك.
وأنشد سيبويه وهو نظيره :
وإلا فاعلموا أنا وأنتم
بغاة ما بقينا في شقاق
وقال ضابئ البرجمي :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله
فإني وقيَّار بها لغريب
وقيل { إن} بمعنى (نعم) فالصابئون مرتفع بالابتداء، وحذف الخبر لدلالة الثاني عليه، فالعطف يكون على هذا التقدير بعد تمام الكلام وانقضاء الاسم والخبر.
وقال قيس الرقيات :
بكر العواذل في الصبا
ح يلمنني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا
ـك وقد كبرت فقلت إنه
قال الأخفش : (إنه) بمعنى (نعم)، وهذه (الهاء) أدخلت للسكت.