لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ( 17 الفتح )
ثم ذكر تعالى الأعذار في ترك الجهاد فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر وعارض كالمرض الذي يطرأ أياما ثم يزول فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ
ثم قال تبارك وتعالى مرغبا في الجهاد وطاعة الله ورسوله
" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ "
أي ينكل عن الجهاد ويقبل على المعاش
" يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا "
في الدنيا بالمذلة وفي الآخرة بالنار والله تعالى أعلم .
تفسير الطبري
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَج حَرَج وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَج } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس ضِيق , وَلَا عَلَى الْأَعْرَج ضِيق , وَلَا عَلَى الْمَرِيض ضِيق أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ الْجِهَاد مَعَ الْمُؤْمِنِينَ , وَشُهُود الْحَرْب مَعَهُمْ إِذَا هُمْ لَقُوا عَدُوّهُمْ , لِلْعِلَلِ الَّتِي بِهِمْ , وَالْأَسْبَاب الَّتِي تَمْنَعهُمْ مِنْ شُهُودهَا .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل .
ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَج حَرَج وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَج } قَالَ : هَذَا كُلّه فِي الْجِهَاد .
- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ: ثُمَّ عَذَرَ اللَّه أَهْل الْعُذْر مِنْ النَّاس , فَقَالَ : { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَج حَرَج وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَج } .
- حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَج حَرَج وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَج } قَالَ: فِي الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه .
- حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد, قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج } . .. الْآيَة , يَعْنِي فِي الْقِتَال .
وَقَوْله : { وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله يُدْخِلهُ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله فَيُجِيب إِلَى حَرْب أَعْدَاء اللَّه مِنْ أَهْل الشِّرْك , وَإِلَى الْقِتَال مَعَ الْمُؤْمِنِينَ اِبْتِغَاء وَجْه اللَّه إِذَا دُعِيَ إِلَى ذَلِكَ , يُدْخِلهُ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار .
يَقُول : وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله , فَيَتَخَلَّف عَنْ قِتَال أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ إِذَا دُعِيَ إِلَيْهِ , وَلَمْ يَسْتَجِبْ لِدُعَاءِ اللَّه وَرَسُوله يُعَذِّبهُ عَذَابًا مُوجِعًا , وَذَلِكَ عَذَاب جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة .