بدأ العالم يتنبه إلى أضرار استهلاك اللحوم الحمراء بالبيئة من حيث إطلاق غازات الدفيئة وكمية الطاقة المستنزفة في إنتاجها، فكيف يساهم إنتاج اللحوم الحمراء في تلويث البيئة؟يعتبر إنتاج اللحوم الحمراء من النشاطات الإنسانية كثيفة الإطلاق لغازات الدفيئة، وذلك خلال مراحل حضانة الحيوانات وتغذيتها ونقلها وذبحها وتنظيفها وقطعها وتخزينها وتبريدها لإنتاج اللحوم. إذ تؤدي تربية الحيوانات لشهور طويلة، وأحياناً لسنوات، إلى استهلاك كميات كبيرة من الغذاء والماء والطاقة والنباتات الخضراء التي تنتج الأكسجين.
وتطلق الحيوانات غازات من خلال عملية التجشؤ وانفلات الأمعاء، وبخاصة إطلاق غاز الميثان. وعندما ينتقل غاز الميثان إلى طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي فإنه يتحلل إلى كربون وهيدروجين، حيث تتحد ذرات الكربون مع الأكسجين لتكون غاز ثاني أكسيد الكربون. أما الهيدروجين فيتحد مع الأكسجين ليكون بخار الماء.
ولكن غاز الميثان يظل لفترة طويلة في الجو ويمتص الموجة الحرارية لأشعة الشمس، إذ يتجاوز في درجة قابليته لامتصاص الأشعة الحرارية غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو عشرين إلى ثلاثين مرة، لكنه لحسن الحظ يوجد بتركيز أقل في الغلاف الجوي.
ويلي اللحوم الحمراء في الضرر بالبيئة مباشرة إنتاج مشتقات الألبان. لأنها أيضاً ناجمة عن تربية اللحوم الحمراء. وفضلاً عن ذلك فإن تصنيع هذه الأغذية يستهلك الكثير من الماء والطاقة سواء خلال مراحل الإنتاج أو التصنيع أو النقل أو التخزين (التبريد مثلاً) أو خلال مرحلتي التسويق والتوزيع. فضلاً عن أن مشتقات الألبان معرضة للتلف بسرعة فتذهب الطاقة المنفقة في مراحل إنتاجها هدراً.
وبناءً عليه، فإن بعض مصادر ضرر الإنتاج الحيواني – اللحوم الحمراء تحديداً – بالبيئة يتمثل في إنتاج غازات الدفيئة واستهلاك كميات كبيرة من المياه والغذاء لسنوات طويلة، إضافة إلى التلوث الناجم عن الفضلات والذبح والتنظيف والنقل.
أما التوسع في المراعي لتربية اللحوم الحمراء على حساب الغابات والبيئة الجمالية، فإن أضرارها بالبيئة كبيرة أيضاً من حيث حرمان الأرض من الغطاء النباتي الضروري لتوليد الأكسجين وخزن الكربون.
أما اللحوم البيضاء، كالطيور والأسماك، فإن ضررها بالبيئة أقل بكثير، ولحومها صحية أكثر للاستهلاك البشري؛ إذ إن فترة دورة حياة هذه الأحياء أقل بكثير من فترة دورة حياة اللحوم الحمراء، وفضلاتها أقل تلويثاً بالبيئة بنسب كبيرة. والأهم من ذلك هو أن غذاءَها طبيعي بصورة عامة مقارنة بما يحدث اليوم في صناعات اللحوم الحمراء الضخمة حيث غدت الحيوانات تعيش في مناطق مغلقة غير طبيعية وتتغذى على أطعمة غير معتادة عليها، كحبوب الصويا والذرة وفضلات صناعية، وتشير الدراسات الحديثة إلى إضافة مركبات كيميائية لتسريع نموها، وما يترتب على ذلك من تغيرات في أجسامها ينتقل ضررها إلى الإنسان.
خلاصة القول إن إنتاج اللحوم البيضاء كالأسماك والدجاج وإنتاج الفاكهة والخضراوات يُحدث ضرراً أقل بكثير على البيئة، حيث لا تتجاوز نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تطلقه عملية إنتاجها 30 % مقارنة بضرر اللحوم الحمراء.
فلا نستغرب اليوم إذا رأينا دعاة المحافظة على البيئة يتشددون بحميتهم الغذائية، فمنهم من يرفض تناول اللحوم الحمراء، وبعضهم يقتصر حميته على اللحوم البيضاء، فيما يذهب بعضهم الآخر إلى المغالاة بحميتهم الغذائية فيقتصرون في غذائهم على النباتات والحبوب والخضراوات والفاكهة.