أيام في بوخارست..

في سفرة عمل من بغداد الى فرانكفورت كان برنامجي أن أتوقف في بوخارست لشراء الحديد من شركة كبيرة حكوميه..كانت أيام حكم شاوشسكو في رومانيا..كانت معي رسالة توصيه من صديق الى الملحق الثقافي العراقي في بوخارست..بالمطار كان علي أن أغير عشرة دولارات الى العمله المحليه (لي)..أخذني سائق التاكسي الى فندق يقولون عنه خمسة نجوم..جلست لوحدي في صالة الفندق..أخرجت سيكاره وقبل أن أشعلها اقتربت مني فتاة جميله وأشعلتها لي 0هذا غريب)..استأذنت لتجلس بقربي..قلت هذه من المخابرات طبعا..كانت مرحه...قالت أنها وصديقها يتناولان العشاء في هذا الفندق ودعتني لتناول العشاء معهما..قلت بشرط على حسابي فقبلت..توجهنا الى صالة كبيره يرقص الناس فيها ويأكلون..ههههه..رأيت صديقها وتعارفنا وكان مثقفا قال أن حلمه في الحياة أن يسافر بالطائره ههههه..قلت لهما أن يطلبا مايشاءان للعشاء بشرط بدون كحول لأنني لن أدفع ثمنه قال الشاب..ممكن نطلب لحم..؟؟ استغربت وقلت طبعا..وكان اللحم لايؤكل بالنسبة لي لكنهما التهماه بشراهه...عجبي...طلبنا الفاتوره فقلت أوقع عليها لأنني لم أكن أحمل مايكفي من عملة محليه...(وجبة كهذه في فندق تكلف مئات الدولارات في ألمانيا التي أعرفها جيدا...لكن النادل أصر على الدفع..أخرجت أمامه ماتبقى معي من الدولارات العشره التي غيرتها بالمطار فقال هذا كثير..أخذ منها مايعادل خمسة وسبعين سنتا فقط ..وقال..هذا يكفي...أعطيته ربما دولارا أو أكثر (بقشيش) لأستغرابي من قلة المبلغ...مد الشاب يده ليمسك بيد النادل وهو يقول لي ..هذا حرامي ..فهذا كثير..ضحكت وأضفت مايعادل دولارا أو دولارين للنادل..ذهب النادل وتفاجأت بالفرقه الموسيقيه تترك الراقصين وتقف عند رأسي تعزف موسيقى...شعرت بالأحراج وقلت للنادل أنني لاأملك من عملتهم لأعطيهم بقشيش..قال ..تشاركت معهم بالكثير الذي أعطيتني...هههههه
في صباح اليوم التالي عندما نزلت لتناول الأفطار اصطف الخدم ينحون لي بأحترام...
الحقيقه أنني رأيت الكثير عن شعب محروم جائع وربما سأعود لأروي غرائب مارأيت..

ذكريات جميلة أستاذ ، أتمنى أن أجدك قد جمعتها في دفتي كتاب يؤرشف لنا ذاكرتك المزدحمة بالسعادة والحزن باليسر والعسر بالوفاء والغدر

وتحية

ذكرتني بسفرتي على نفقة الدولة في بعثة لمدة سنة تقريبا الى الأتحاد السوفيتي أيام خروشوف
كان الدينار العراقي بثلاث دولارات وربع والدولار بخمسة
روبل أي الدينار العراقي يعادل تقريبا 18 روبل أي الروبل
بخمسين فلس تقريبا..ولك ان تعرف وجبة طعام بثلاث روبل
أي ب150 فلس!!!!وكنا نحمل الاف الدولارات..
أحد الأصدقاء من البعثة ...وهو لا يعرف تأريخ ميلادهههههههه
ومن خارج بغداد..أصلا لم يكن قد شاهد بغداد!!!أقام حفلة عيد
ميلاد له في احد المطاعم وأطعم كل رواد المطعم على حسابه
الخاص وكان مبلغ الحفلة والطعام 60 روبل..تقريبا...ههههههه
نعم..كانت شعوب الدول الشرقية المنظوية تحت يافطة الأتحاد
السوفيتي...وحتى روسيا..مما جعلنا نعيش كالأمراء هناك ههههه
زمان يا قيس....تحياتي ايها الصديق العزيز...وللنادلة الجميلة ههههه

انك والأخ صلاح حقيقة تحفزونني للكتابة عن هذه الذكريات وأعجبت بطريقة كتابتكما
وهناك في ذهني ذكريات الثمانينيات ومفردات ايام الحرب..وهذه السفرة رغم ان الأولى
أعكف على كتابتها على شكل رواية تجد جزء منها في قسم الرواية بعنوان(دعاء)
أمتناني اليك اخ قيس...

بنت أخي كوكب
حقا لو أردت أن أجمع ذكرياتي في كتاب لكان له شأن..شكرا لك ورمضان كريم عليك والأهل ان شاء الله

هلا بأخي وصديقي قصي ومرحبا

ياأخي عجيب أمر قادتنا بالعراق ومصر وسوريا في ذلك الزمان واليوم أيضا..كانوا يقتدون بالدول الشرقيه الجوعانه المفلسه الى أن طاح حظنا وياهم...

مودتي

اجتماع عمل...
حسب الموعد توجهت صباح اليوم التالي الى مقر الشركه للتفاوض على شراء كميات من الحديد..وعلى عكس ماكنت أراه لدى الشركات الأوربيه حيث يثقون بالموظف فهنا لايثقون بالموظف فيحضر الأجتماع أشخاص كثيرون ومنهم الأمن طبعا لكي لاتحصل اتفاقات جانبيه بين المشتري والشركه...هو بلد كانت القهوه ممنوعة على الشعب..والشاي..والأفلام الملونه للكامرات(لم تكن الكامرات الديجيتال موجوده بعد) والسكاير الأجنبيه ..وحتى الملابس الخاصه ممنوع دخولها الى رومانيا...وخلال الأجتماع فتحت علبة سكاير روثمان وقدمت للفتاة التي أمامي بالأجتماع..فتحت عينيها كطفل تعرض عليه حبة شوكولاته فأخذت واحده واستأذنت لتأخذ ثانيه..وفرغت علبة الدخان...فقد تناول كل منهم سيكارة أو اثنتين...هههههه ولما رأت الفتاة التي تجلس قبالتي أن العلبة فرغت قالت ..هل أستطيع أن أحتفظ بالعلبة الفارغه..؟ قلت وما تفعلين بها..؟؟قالت أضعها بالبيت للديكور كتحفة فنيه...وما لاحظته أن تلك الفتاة كانت تمثل الرقابه الأمنيه هههههه كنت سأرشوها بعلبة روثمان...بسهوله أو بقميص نوم داخلي فأشتريها جاريه....
الفقر يضعف مقاومة الأنسان تجاه مغريات الدنيا..حتى يأتي يوم تنهار فيه قلاع الصمود...هكذا عرفت الحياة بلا رتوش...

رشوة مدير عام بدرجة وزير...

صديقي الملحق الثقافي العراقي أرسل معي طالبا عراقيا ليساعدني بالتجوال كدليل سياحي..اقترح علي أن أشتري أشياء من رومانيا..قلت له أنني أشتري ماأريد من ألمانيا التي سأتوجه اليها ...قال..هنا غير..كل شي رخيص..أعطيته ورقه بمئة دولار ليحولها للعمله المحليه بالسوق السوداء..واستأذن مني أن يشتري من فلوسي كيلو لحم...هههه وما الموضوع..؟؟ قال رشوه للمدير العام للأسواق المركزيه في رومانيا ليعطينا موافقه لنشتري أي شئ..بعض البضائع ممنوعة على غير المواطنين الرومان...قلت..ومدير عام ترشوه بكيلو لحم..؟؟ ضحك وأجابني جوابا لايليق أن أقوله ...وهذا ماحدث..دخلنا على السكرتيره التي كانت تعرف الطالب العراقي لكثرة مايتردد على المكتب...واستقبلنا سيادة المدير العام وبعد أن استلم الهديه طار فرحا...وأوصى سكرتيرته أن تأمر الكوادر أن يفتحوا لنا كل الأبواب الموصده..واشتريت من التحفيات الكثير..والمنتجات الجلديه (لولا كيلو اللحم لما حق لنا شراءها) وأحجار كريمه أعرف قيمتها..وحاولت أن أصرف النقود لكنها لاتأبى أن تنفد (بيها بركه هههههه)..ولليوم عندي منها الكثير...تحفه...

الطائره
أنهيت عملي وكان علي السفر الى فرانكفورت..الطائرات الرومانيه مخيفه..لكن انتظار طائرة اللوفتهانزا الألمانيه يقتضي أياما..فصرت مضطرا لركوب الطائره الرومانيه نوع انتينوف أو ماشابه من ذوات المحرك غير النفاث (أبو الروانه...)..بالمطار أعطيت مديرة الكمارك علبتي روثمان فقامت بنفسها وحملت حقائبي ووضعتها على الحزام الناقل..بلا تفتيش...أما الطائره ..فياساتر...ورطة وأي ورطه...عليك أن تكون حذرا لايتمزق البنطال لأن الحديد بارز كالمسامير...وطوال الرحله أضحك كيف وضعت نفسي بهذه الطائره...

مقارنة غير منصفة أخي قيس..بين الزمانيين بغض النظر عن
وجهة النظر السياسية ..فتلك الأزمنة من الملوك وحتى الدكتاتوريين
كان المواطن يجد وظيفة والخريج يتم تعيينه بنفس السنة..لست هنا
في وارد الدفاع عن أحد..فكل انظمة الشرق تتساوى في طريقة ادارتها
للحكم وتمسكها به...
اتكلم عن خارج هذا المنظور..اتكلم عن السرقة وعن التعليم وعن الصحة
وعن الغيرة وعن الشهامة وعن وعن....باذا نقارن اليوم!!!!
سألت مصري ايام الحصار الجائر...مالذي يدعوك للبقاء في العراق
أجابني لأنه البلد الوحيد الذي لا تجوع فيه..فبائع الفلافل اذ قلت له
جوعان يعطيك (اللفة)ببلاش!!
ميزانية العراق من عام 2003 لحد 2014 الف مليار وميزانية العراق
من عام 1921 ولحد 2003 650 مليار...مئة عام نصف ميزانية عشر
سنوات...هذا يا قيس العراق..كانت موائد رمضان عامرة وبقناعة
وفي الجعبة الكثير..رغم ان مأساتنا بدأت من عام 58..ولكن الشعب
شبعان والأرض خضراء والفراتين يجريان وووو...
يا ترى مالذي ترى الآن....
تحياتي ايها العزيز الغالي

نعم اخي قصي المحمود , العراقي لايجوع فالتمر الذي على الأرصفه لايهتم به أحد يكفي...ولليوم ومع كل ظروف البلد ونهبه من قبل أتباع ايران وعملاء بشار والطائفيين الذين استغلوا الطائفيه لتنفيذ أجنده ايرانيه انتقاميه..لكن بالعراق لايجوع أحد..بمعنى الجوع الذي رأيته في رومانيا أيام شاوشسكو...
لاننسى أن صدام بنى الجسور والبنايات والطرق السريعه والمصانع ومراكز البحوث ووظف الشباب ..و..و..بنى بلدا..وبواردات قليله نسبة للواردات في زمن الحراميه بعد 2003 ولا تجد لأموال العراق أثرا على أرض العراق...يعني حراميه من غير انصاف..لو أنهم اكتفوا بسرقة النصف لكان العراق بخير..لكنهم أكلوا الشوربه وكسروا الماعون...

تحيتي