هَجَرَ الورْدُ ما رآهُ ذبولا
وانحنى يرشُفُ الهنا سلسبيلا
باعثًا في الحياةِ روحَ رحيقٍ
علّهُ يجتني الخلودَ سبيلا
حاملاً عن أفنانِهِ عبْءَ ليلٍ
موحشٍ يرسم العناءَ طويلا
إيه يا بهجةَ الحدائقِ : قلبي
لم يذقْ إلا مقلتيك قتيلا
تلك أفياؤنا وطيبُ غناها
ذكرياتٌ تعمْلقت تبتيلا
إيه يا منطق التواجد : تبقى
منحة الورد ، حِسّها مأمولا
فانتهض ، عِظني ، وادّكرْ ياسمينًا
فجنود السماءِ تهوى الأصيلا
منذ هامت قريحتي ، وفؤادي
يبتني من حبائبي الإكليلا
سائلاً عن عروج أهل التلاقي
أقحوانًا جعلته موصولا
وبهاء الدموع ، رمز انكساري
يرتجي أشذاءَ الغرام رسولا
يوم أن أشرق الزمان فأهدى
للحيارى معالمًا وفصولا
وتراءت مع المعاني مبانٍ
تخلبُ الكونَ تنشر التأصيلا
تبسط الجاهَ حول أرقى المراقي
تورد الحائر الشجيّ القَبولا
قَبَّلَ الورْدُ وُدّها فتزاهى
أحمرًا أصفرًا جميلاً جميلا
تَقسِمُ الراحةَ العزيزُ قِراها
صفوةً آثرتْ فُراتًا ونيلا
حبّذا العُمْر يستفيق يُماهي
من حديث الورود جَرْسًا خجولا
يتأسّى مُغرّدًا بحروفي
تاركًا منها ما يراه دخـيلا !!