أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّه لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ التوبة19
اسباب النزول[1] -
قوله تعالى: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ....} الآية [19].
أخبرنا أبو إِسحاق الثعالبي رحمه الله، قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الوَزَّان، قال: أخبرنا أحمد بن حمد [بن جعفر] بن عبد الله المُنادِي، قال: أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: حدَّثنا أبو توبة الرَّبيع بن نافع الحلبي، قال: حدَّثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، قال: حدَّثنا النعمان بن بشير، قال:كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أسقي الحَاجَّ، وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أَعْمُرَ المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل اللهِ أفضل مما قلتم.
فزجرهم عمر وقال: ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يوم الجمعة - ولكّني إذا صليت دخلت فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفتم فيه.
ففعل، فأنزل الله تعالى: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } إلى قوله تعالى: { وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }.رواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني، عن أبي توبة.
وقال ابن عباس في رواية الوالبي: قال العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد، لقد كنا نَعْمُرُ المسجدَ الحرام، ونسقي الحاج، ونفك العاني.
فأنزل الله تعالى: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } الآية.
وقال الحسن والشّعبي والقُرَظِي: نزلت الآية في علي، والعباس، وطلحة ابن شَيْبَة: وذلك أنهم افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه [ولو أشاء بتُّ فيه] وإِليَّ ثيابُ بَيْته.
وقال العباس: أنا صاحب السِّقَاية والقائم عليها.
وقال علي: ما أدري ما تقولان، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ابن سيرين ومُرّة الهمداني: قال علي للعباس: ألا تهاجر؟ ألا تلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم؟
فقال: ألست في [شيء] أفضل من الهجرة؟
الست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام؟
فنزلت هذه الآية [ونزل قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ} الآية.
تفسير بن كثير
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: نزلت في العباس بن عبد المطلب حين أسر ببدر
قال: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني، قال اللّه عزَّ وجلَّ: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ - إلى قوله - وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }، يعني أن ذلك كله كان في الشرك ولا أقبل ما كان في الشرك، وقال الضحاك: أقبل المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسروا يوم بدر يعيرونهم بالشرك، فقال العباس: أما واللّه لقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونفك العاني، ونحجب البيت، ونسقي الحاج، فأنزل اللّه: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ } الآية.
وعن النعمان بن بشير الأنصاري قال: كنت عند منبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالي أن لا أعمل للّه عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال آخر: بل الجهاد في سبيل اللّه خير مما قلتم، فزجرهم عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وذلك يوم الجمعة، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاستفتيته فيما اختلفتم فيه، قال: ففعل، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ - إلى قوله - وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ""أخرجه عبد الرزاق ورواه مسلم وأبو داود وابن مردويه وابن حبان وابن جرير وهذا لفظه"".
[1]أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي