بأبي وأمي والكماة بكربلا
أسْبَلْتُ دَمْعي للرثاءِ طويلا = والقلبُ أفجَعُ مايكونُ ثكولا
يا عَبرةً فتّتْ جميعَ جوارحي = ألماً ، وصارَ لها الفؤادُ فَتيلا
وتناثرتْ حِمَمُ الدموعِ كأنَّها = نارٌ على هذا الفؤادِ دَليلا
فإذا الفواجِعُ عانقتْ قلْبَ الفتى = نَسِيَ الحبيبُ فؤادَهُ المَتْبولا
ناجيتُ أطلالي ألا ترَكَ الجوى = ظلاً يكونُ مِنَ العذابِ مَقيلا
ناديتهُا أنّ العذابَ لِعاشِقٍ = قدْ خرّ مِنْ فَرْطِ الهوى مَقتولا
كانَ الشعورُ بداخلي مُتوَهِّجاً = ناراً وسالَ لهُ المِدادُ مَسيلا
فالحزن ُمَنْبَعُهُ فؤادٌ مُثكلٌ = لايعرفُ التأميلَ والتمثيلا
والغيدُ تأنَسُ بالحياةِ تغنُّجا ً = والنَّفسُ تأمَلُ بالحُبورِ ظَليلا
فتناثرتْ كُتَلُ الدموع ِبلوحتي = مسْفوحةً بعدَ النياحِ فُصولا
مُتفجّعاتٍ بالمَصابِ كأنَّما = تبغي على دُرر ِالكلامِ هُطولا
أزدادُ في تلكَ الهُموم ِتفجّعاً = أبْدو على لوحِ الزمانِ عَليلا
فنَظَمْت ُفاتحةَ القريضِ مآتماً = ودَعوتُ في حَرْفِ البيانِ عُقولا
قدْ باتَ كلُّ بيانِها مُتكَدِّرا ً = والطَّرْسُ أمْسى نَضْدُه مَفْلولا
قدْ سهّدَتْ شُهُبُ النجومِ عيونَهُ = فكأنَّ في تلكَ العيونِ فَتيلا
أو أنّ في تلكَ السَّماءِ عَلائماً = بعَثَتْ سَلاما ًللصَّباح ِ جَميلا
حالَ الأسى بينَ الضِّياءِ ونَجْمِهِ = نَزَلَتْ مَصائبُهُ العظامَ نزولا
ذكّرْتهُ بمصائب ٍلو أنَّها = نبتَتْ ، لكانَتْ بالزَّمانِ حُقولا
لكنها ظهرت بقلب ٍمُثْكَل ٍ = وجَدَ التفَجَّعَ في الحياةِ خَليلا
نادَمْتُه تلكَ الخطوبِ وليلِها = شجوا ً فَصارَ لي الزفيرُ قَبيلا
فدَعَوْتُهُ سُحَّ الدِّموع بلوعَة ٍ = فَلَقَدْ طَلَبْتُ مِنْ القَصيدِ دَليلا
وَرَجوتُه نعيا ًوَنَدْبَ مُصِيبة = كالأمّ تَتخِذ ُالرِّثاءَ عَويلا
هَمِسَ المِدادُ على قِصاصِ وُرَيقتي = إني لأنعى سيِّداً وَنَبيلا
مَنَحَ الورى مِن فِكْرِه وإبائه ِ = نهجا ًتَصوغُ لهُ السَّما إكليلا
لَمْ يبلغِ الموتُ الرهيبُ حياتَهُ = وإذا أتى ظل ّالردى مَذْهولا
وتخالفتْ أيدي الردى في قتلِهِ = فزَعاً وظلَّ كيانُها مَشْلولا
صَرَعَ الردى في بأسِهِ وصُمودِهِ = وَسَما الى نحوِ السَّما مَحْمولا
فالفِكْرُ يبقى للحياة كَكَعْبة ٍ = تَخَذَتْ علائِمَها الرجالُ سَبيلا
إنّ الخطوبَ على ضِفافِ إبائِهِ = غَرَقتْ وخلَفَت الرَّدى مَخْذولا
لم ْ تدرك ِالأفهامُ كُنْهَ صِفاتِهِ = فالعقلُ يبقى طرفُهُ مَكْلولا
هذا هوَ السِّبْطُ المُرَمّلُ بالدّما = لمْ يخشَ في كفّ الطليق ِ صَقيلا
تاللهِ ماهابَ الحُسينُ جَحافِلاً = كَلا ولا خَشي َالحسينُ نُصولا
وطأ الوغى حُراً كريمًا صامِداً = جعَلَ الحُسامَ بِكَفّه عِزريلا
لولا مَشيئةُ رَبِنا في خَلْقِهِ = ماكانَ يَرضى بالحُسينِ قَتيلا
فاكتبْ على سِبْطِ النبيّ مَراثياً = واذرفْ مِدادَكَ باليراعِ سيولا
لِتُنَضّدَ الكلماتَ ساعةَ غدْرِهِ = شجواً يسُحّ ُلهُ الفؤادُ طويلا
واللهِ مارَحَلَ الحسينُ بكربلا = صَعَدَ الحسين ُلربه تبجيلا
وأقامَ صَرْحا ًفي الحياةِ وطالَما = فخراً لهُ جاءَ الإبا تَقْبيلا
وهَبَ الحياة َمبادِئاً ومناهِجاً = فكأنهُ بين الأنام ِ رَسولا
قدْ هَدّ أركانَ الطغاةِ بفِكرِهِ = تركت ْمناهجُه الطغاة َفلولا
ضاقَتْ بهِمْ سُبُل الحياةِ فَسارَعَتْ = أرواحُهُمْ نحو الجَحيمِ وُصولا
تروي المَذَلَة َفي العذابِ وتشتكي = ناراً وتقريعا ًوزِدْ تَكْبيلا
لمّا أتتْ لِلْحَرْب يتبَعُ بعْضَها = لتقاتِلَ التنزيلَ والتأويلا
بَرَزَ الحُسينُ بصَحْبِهِ مُتَوكِّلاً = باللهِ مُذ وجَدَ النَّصيرَ قَليلا
والليثُ لايَخْشى الضِّباعَ وإنْ بَدا = فَرْداً ويأبى أنْ يعَيشَ ذَليلا
هُوَ سَيِّدُ الأحْرار تَرْفُدُه ُ السّما = تَخِذَ الصَّوارمَ للرجالِ خيولا
ورجالُهُ مَلَكوا الوَغى في بأسِهِمْ = كانَتْ لهُمْ هامُ الجبالِ ذلولا
وكأن كلّ سيوفهِمِ علوية = يشْفينَ مِن حَزِّ الرّقابِ غَليلا
ترجو الجُسومُ من َالسِّيوفِ سَلامة ً = يومَ النِّزالِ وتُغْمِدُ المَسْلولا
هَزمَتْ سَواعدُهُمْ علوجَ أميةٍ = فاسْتنْجَدوا التوراةَ والإنجيلا
بأبي وأمي والكماةَ بكربلا = وَضَعوا السّروجَ على السيوفِ بَديلا
نَطَقَتْ سَواعِدُهُمْ وكبَّرَ عَزمُهُمْ = وَغَدَتْ تُشارك ُبالنِّدا جِبْريلا
شَرِبوا بأكوابِ الرَّدى ماءَ السّما = عِزاً ونالوا في العُلا تفضيلا
أذِنَ الجليلُ رحيلَهُمْ في عاشر ٍ = مُتَلَهّفين َإلى الجنان ِدخولا
لبّوا نِداء َإمامَهُمْ وكتابَهُم = بعزيمة ٍتَضَعُ الجبالَ سِهولا
فمدامعي عِندَ الطفوفِ ذَرَفتُها = حُزْنا ًوَباتَ بها الحَشا مَشْعولا
ضَمَّنتُها نَعْياً لآل ِمُحمد ٍ = والقلب ُأمْسى دَهْره ُمَشْغولا
ينعى ويذكرُ في الطفوف مُصابَهُمْ = والخَطْب ُيَبقى في الفؤادِ وَبيلا
أرجو بها يومَ الورودِ شفاعَة ً = أضحى لها قَلْبُ الفتى مأمولا
وَنَقشْتُها حولَ الفؤادِ لحُفْرَتي = ألقى بها كفَّ الحِسابِ ثقيلا
الخميس 30/10/2008 دبي علي كريم الربيعي ( سراج )