من عالم المهمشين و الغلابة مهداةللأستاذ البير ذبيان .
.....
*****امرأة من هناك*****
الصندوق ممتلئ حتى حافته ،هذا فوق ماحوله ، الرزق إذن سيكون وفيرا وأظننى أول من أتى إلى هنا الليلة ، فلأسرع قبل أن يأتى آخرون ، قالتها وتمتمت بما يشبه الدعاء أو صلاة شكر نطق بها لسانها ، تهللت أساريرها وهى تضع طفلها على الطوار وتعتلى الصندوق فى مهارة وحرفية ..
غاصت قدماها وسط محتويات الصندوق ، وقع بصرها أول ماوقع على تلك اللعبة ، هى حطام سيارة كانت تعمل بالبطارية ، مكسورة رقبة قائدها ، ومحطم سقفها ، وممزق ماتبقى من أسلاكها ، لكنها تبدو صالحة للعب فمازالت محتفظة بعجلاتها ..
أخذت تمزق الأكياس البلاستيكية وتفرغ محتوياتها وتقلبها معاينة مابها فتحتفظ بما ينفع منها ، وأحيانا تحتفظ بما لاينفع ، تعثرت قدمها فى جاكت جلدى مهترئ ، لم تفكر كثيراً فى حالته ، بل وضعته توا على جسدها وهى تبتسم فى فرح ، فلسوف ترتقه إن لزم الأمر وتهديه لشقيقتها ،،
هذا عقد لامع ، أنه تقليد من الخرز المطلى ، كم أتمنى لو أعثر على عقد ذهبى ..! لقد عثرت إبنة ( العربجى ) على عقد ذهبى ذات مرة فى أحد الصناديق ، لكن شقيقها أقنعها ظلما وعدوانا أنه عقد ( تقليد ) ورغم بكائها إلأ انه أغتصبه يومذاك عنوة وأعطاه لأحد زملائه لقاء بعض الحبوب المخدرة ..
داخل أحد الأكياس وجدت بعضا من زجاجات الدواء المستعملة وبقايا أشرطة الحبوب ، وجدت بينها مايشبه الأقراص التى يتناولها زوجها لعلاج ذات الصدر ، فتناولتها ووضعتها لأهميتها عندها فى مكان من صدرها ، أيه ..يا أنت أترك هذه ..أتركها .. كان طفلها يحبو بين اكوام القمامة فيما أنصت إلى صوتها بابتسامة وهو يلوك فى فمه ( محقنة ) بلاستيكية ملتصق بها بقايا أشياء ..
تحسست الكيس البلاستيكى براحتيها إذ نجحت فى ملئه عن آخره ببقايا الفواكه والخضروات والطماطم المعطوبة التى ألقى بها الباعة هناك ، ولم تنس أن تملأ كيساً أصغر ببقايا الأكل والأرز والسلاطات لتعطيه لجارتها العجوز طعاما لدجاجاتها ....
قفزت إلى ألأرض فوق أكوام القاذورات اللينة ، وتناولت أكياسها الممتلئة ، وحملت طفلها فوق كتفيها بحيث كانت إحدى قدميه متدلية على صدرها والأخرى على ظهرها ، ووضعت الكيس الكبير فوق رأسها وأمسكت فى كل يد بكيس آخر ، وسارت الهوينى عائدة الى منزلها فيما كانت عربة يجرها حمار تحمل رجلا ووزجته متجهان بها صوب الصندوق ..
كانت تسير فى الشارع الكبير وأضواء السيارات المسرعه تنعكس على وجهها فتشعر وكأن من بداخلها يشيرون إليها إستهزاءً ، فيعكر شعورها بالخجل مشاعر الفرح بما غنمت ، توقفت مرات لتلتقط أنفاسها ألى أن تنتهى نوبة الدوار التى كثيراً ما أصبحت تصيبها فى الآ ونة الأخيرة ثم عاود ت المسير ، بينما الطفل ممسك برقبتها وقد أخذه سلطان النوم ..
كشفت عن ساقيها بمجرد إقترابها من الزقاق ، فقد كانت مياه الصرف تغمره تماماً ، بينما وضع الناس بعض الحجارة كوسيلة للتنقل ، ما أن وضعت قدماً على حجر وهمت بتحريك الأخرى حتى سقطت بكامل قدميها فى الماء الأسن ، فأكملت مسيرها فى الماء مفضلة ذلك على التعثر أو الوقوع ..
عبرت الباب الصاج إلى داخل المنزل ، فوق السلم الخشبى المتهالك وضعت قدمها ...
هرع البعض إثر صوت إرتطام شديد ، أمسكت إحدى النسوة بالطقل الصارخ محاولة إسكاته ، بينما أجلس بعضهم المرأة على كرسى ، أحضر ثالث كوبا من الماء ، جاء به مسرعاً إلا أن كوب الماء وقع من يده وهو يرى رجلاً عجوزا يلقنها الشهادتين وقد علت وجهها مسحة من الرضا .....................
فوق سطح البيت المتصدع حيث الغرفة التى تسكنها كان زوجها الأشل يغط فى نوم عميق ، وإبنتها تغنى لشقيقتها الأصغر ( ماما زمانها جاية ) ..!!
التوقيع
*** سكت المؤدب من أدبه،،فظن قليل الأدب أنه هو من أسكته ***
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 06-05-2018 في 02:38 PM.
قصة ممعنة في التراجيديا يا جمال كقصص (البؤساء) أو (المعذبون في الأرض) . من الممكن جدا ألا تكون خيالية . بل في زماننا هذا وفى الكثير من مناطق العالم هى إلى الحقيقة أقرب من الخيال . صديقى المُهداة إليه ، ألبير ، أكثر فهما لها منى .
قصة ممعنة في التراجيديا يا جمال كقصص (البؤساء) أو (المعذبون في الأرض) . من الممكن جدا ألا تكون خيالية . بل في زماننا هذا وفى الكثير من مناطق العالم هى إلى الحقيقة أقرب من الخيال . صديقى المُهداة إليه ، ألبير ، أكثر فهما لها منى .
اخى الميرغني
شكرا على مروركم الكريم ومداخلتكم القيمة.
الأستاذ ألبير وجد قصتى . وقفة . بها كثير حزن واسى وبؤس. .ففكرت فى ان أهديه قصة أخرى تحمل هموم الغلابة المهمشين.
مودتى ياغالى
التوقيع
*** سكت المؤدب من أدبه،،فظن قليل الأدب أنه هو من أسكته ***