آخر 10 مشاركات
الزحاف الجاري مجرى العلة في القصيدة (الكاتـب : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )           »          خطاب فلسطيني (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 04-06-2020, 02:35 PM   رقم المشاركة : 1
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رفقة الأمس


رِفقة الأمس

تنتابني نوازع حنين لذلك الشارع المؤدي إلى منزلهم المتواضع الأنيق، الذي ضم عائلتهم على مدى عقود طويلة، عايشنا حياتهم وميولهم، دخلوا قلوبنا، وتمازجت ثقافاتنا، لم يعد يخبرني عن يومياته، ولم تعد أمه تتوسل الزمن أن يوقف نبضها إثر قراراه بالابتعاد، والسفر حيث المحيطات والبحار والناس شعرت بالامتعاض وعدت أدراجي إلى منزلنا الذي يقع على بُعد أميال من منزلهم، ولم نعد نتواصل إلا صدفة ورويداً رويداً انقطع نبض التواصل بيننا!
غادرت إلى أصقاع الأرض بدوري برفقة أحزاني إلى مدينة بعيدة عن مساحات آماله وتطلعاته، انشغلت بالعمل، وشغلني العمل عن كل شيء، عن سماع الأغاني العاطفية، وعن المشي بين المنحدرات الجبلية وابتعدت عن الساحل المؤدي إلى منزلنا الصيفي، مرت الأعوام لأشعر بشيء من الإنقباض، غادرت مكتبي باكراً، خرجت من المبنى لألمح طيفاً أنيق الطلة وسيم المحيا، يقترب من باب المبنى الذي خرجت منه، لم أشأ الإنشغال بالقامة الطويلة، وبسرعة توجهت إلى سيارتي التي لسعتها الشمس بحراراتها، عصفت بي ذكريات حينا المتواضع الذي لم يطق ساكنيه طلتنا اليومية التي اتسمت بالأناقة والرصانة.
كم كانت حقائبنا المدرسية تشبه تلك الحقيبة التي كان يحملها بيده ذاك الشخص طويل القامة، الذي دخل المبنى من لحظات قليلة، كانت تلقى كل إعجاب واهتمام من تلامذة مدرستنا الابتدائية، كان يتابعني بنظراته الجريئة حتى أدخل قاعة الصف، أضعها بكل تأني فوق المقعد لأخرج الكتاب المقرر للدرس الأول، كثيرا ما كانت تشعربالضيق من ترتيبي ونظافة حقيبتي زميلتي ليلى التي كان من النادر جدا أجده يقف برفقتها ليتحدث إليها.
وجدت نفسي عند نهاية الشارع المؤدي إلى سواحل المتوسط، انعطفت يساراً لأتوقف، ويتوقف شريط ذكرياتي مع جارنا وصديق طفولتي، نزلت من السيارة أبكي من وله على تلك الأيام الغوالي، لأطلق العنان لأقدامي ركضت وركضت وركضت، كانت الرطوبة تنعش الأجواء الصيفية، وكُنت على وشك الإنهيار، أخفيت رأسي المثقل بالهموم بين يدي اللتين اشتاقتا لعناقه والبوح له بآلامي ومشاكلي.
كان يعبر عن تعاطفه معي من خلال نثرياته الشاعرية، كنت أسترسل والأمل يضمد جراحي، أُعلل نفسي بغد من الأمنيات، كبرنا وابتعدنا ولم نعد نعلم عن أمسنا سوى بضعة سطور خطتها أقلامنا ذات أمسيةٍ تبادلنا فيها مر العبارات ومضى كل منا في قطار باتجاه ماتبقى له من محطات في حياته.
صحوت من أحلامي، لأتوجه إلى سيارتي أستدني الوصول إلى منزلي الذي ضج من صمتي، ومن مرآتي ومن كافة مقتنياتي دخلت إلى ساحة العمارة، كانت تبدو رتيبة هادئة، توقفت وتناولت حقيبتي ثم دخلت إلى المصعد بكل تأني وصعدت إلى شقتي في الطابق الخامس، شعرت بالزمن وأنفاسي على وشك أن يتوقفا عن النبض من رتابة الأجواء، ما إن توقف المصعد حتى خرجت مسرعة باتجاه شقتي لأتفاجأ ببطاقة أنيقة كُتب عليها "سيدتي حضرت ولم أجدك".
رافق قراءتي للبطاقة اتصال مفاجئ شغلني عن فتح الباب، وأدخلني في دهشة أكبر إنه جار الأمس الذي
وعدني بأن لانلتقي لأسباب عديدة، أما اليوم عاد ليطارحني الأمل، فتحت باب المنزل وعطر رجولته الذي راح ينسكب من البطاقة يتسلل من بين أصابعي مالئاً أرجاء الصالة التي كانت تحتاج إلى فتح جهاز التبريد الهوائي ليسري بالمنزل بعض من الأجواء الباردة المنعشة.
ما هي سوى لحظات حتى شعرت بكيان المنزل ينقلب حاله، لقد بدا كل شيء متوهجاً، وأحواض الزرع مبتهجة تحضن ابتسامتي براعم الغاردينيا، لقد امتزجت رائحة عطره برائحة زهري المفضل، أحاسيس مفعمة بالسعادة والأمل رافقتني وأنا أُعيد قراءة البطاقة الأنيقة"سيدتي حضرت ولم أجدك" ياله من شعور فياض ساورني بعض القلق لم عاد"مانويل"بعد هذه السنوات؟!
أوصدت على الماضي نوافذ الأمس، عادت لتقلب كياني بطاقة ببضع عبارات، أوقدت نار الذكريات، وفتحت أدراج الطفولة، ناولتني حقيبتي المدرسية وأعادت لشفاهي أناشيد الطليعة، وبهجة تحية العلم!
حل مساء المدينة ناعساً، سكون حينا كفيل بمنح الزائر هدوءاً يقضي على رهبة اللقاء الأول بعد طول غياب، هي كلمات ضيفي التي عبرعنها بعد جلوسه في صالة منزلي الذي انتظرته في تمام الساعة التي حددها لزيارتي، تعثرت كلماتي وأنا أبادله التحية إنه الشخص طويل القامة الذي صادفته ظهر هذا اليوم عند مبنى مكتبي وأنا خارجة منه!
لم يشغل نفسه بمظهري، كما أنا لم أنشغل بعطره ولون ملابسه الحريرية، حافظ على حيويته وعلى روحه المرحة كما حافظ على وعده بزيارة "أرض الميعاد"التي كثيراً ما شدته حكايات مُسني حينا الذي حضن أولى خطواتنا الطفولية!ما إن غاردر المدينة توجه إلى أوربة الغربية ليتثنى له السفر إلى هناك بعد حصوله على جنسية أوربية، كان له ما أرادغير أن نار الثور لم تخمد بين ضلوعه، وحلم العودة مايزال راسخاً في كيانه!
تحدث عن حياته في النمسا، راقت له الضواحي القريبة من سويسرة، وتحدث عن زياراته لباريس وإيطاليا، وعن سفره إلى مصر ولقائه ببعض الأصدقاء الذين سافروا إلى أمريكا على أمل الهجر ة الدائمة إلى "الفردوس المفقود"وانقطعت أخبارهم عنه، قاطعت سرده لمسيرة حياته بعد الابتعاد عن مدينتي لأذكره بانتمائي وتمسكي بجذوري وهويتي التي أعتز بها كثيراً، نظر إلى مندهشاً تذكر مدى غضبي من هذه الأحاديث، التي توجع رأسي المهموم، كثيرة هي الأحداث التي عصفت به، وكبيرة هي المحن التي ألمت بي، لكنني لم أتغير ولم ألق لرياح التغيير أي أهمية.
بعد اعتماد اوربة لعملة اليورو كعملة موحدة بين دولها، أذكر كيف هاجرت عائلة "مانويل" إلى النمسا على أمل الهجرة الدائمة إلى "أرض الميعاد" تلك الأرض التي اسمها "فلسطين" كما حفظنا إياها شعرنا العربي وكما ضمتها خارطة الوطن العربي، وأذكر كيف قضيت تلك الليلة حزينة أبكي بحرقة. كلماتذكرت طفولتي مع "مانويل" أشرد كثيراً وقد تلبستني حالات من الهلع والقلق القسري.
مرت الأيام، كبرنا ولم تتبدل ياجاري، كما أ نا لم أتبدل، أناقتك وملامحك الأرستقراطية، جلستك وأنت تتحدث معي، آه كم أشعر بأنني أمام رجل يبحث عن أمل يحيا به، عن شيء ما، عن وميضٍ يمنحه بارقة أمل بغد أفضل لكنه لن يأتي! الحياة لن تعود إلى تلك المساحات التي اغتالتها عصاباتهم، والزمان محال أن ينسى حناجر الغدر، تسأل العودة وعودتهم هي الأوّلى، هي القِبلة الأولى، وهي الحكاية التي على الأجيال القادمة خط آخر سطور فيها.
قطع تأملاتي الحزينة، يده وهي تمسح شعري، كنت مرهقة لكنني داريت عنه ذلك، إنني أشعر بأن الدم يغلي في عروقي جسمي واهن للغاية، لارغبة لي في الحراك أو التحدث إلى أي شخص، لكنني مجبرة بعد هذه الغيبة الطويلة أن اجلس وأنصت لمحدثي، ربما شمس الظهيرة هي السبب في ما أشعر به الآن؟
لم أشأ إزعاج ضيفي العزيز، تجلدت أمامه وشاركته شرب عصير التوت المنعش البارد، وبادلته نظرات الشوق والإعجاب وعبارات الإطراء بينما كانت تلازمني مسحات الخجل بكل وضوح، لم نتبدل صد وعجز عن مزج ثقافتين ورأيين وشخصيتين عايشتا أحداث وكوارث وماتزالا!
لم يتغير "مانويل"في عناده، وتطلعاته، وهفواته، ولم أتغير في حبي له، وفي رغبتي في تبديل آرائه، لم يتغير مظهري واهتمامي بمرآتي، ولم يتبدل وضعي آنسة إلى الأبد.
وينهض ضيفي ملوحاً بالذهاب، ليوقظ في قلبي مشاعر الخوف والقلق، سيبتعد وأعود لوحدتي، يالها من تعاسة، وقفت ممسكة بيده، لم أجرؤ على الاعتراف له بأني مللت الوحدة، وبأني معجبة به رغم تعارض أفكارنا، وبأنه الصديق المقرب مني مهما بالغ في تطرفه فإنني مبالغة في تصوفي.
اِنتصف ليل تموز الذي أوشك على الانقضاء، بدلت ملابسي ودخلت سريري متعبة ومجهدة، لقد نجحت في خداع صديقي بأنني بخير، لكنني أخطأت كان علي التوجه إلى المستوصف، لكنني ترددت كثيراً، بضعة قطرات من فيتامين سي ستجعلني أتماثل للشفاء غداً دون شك.
ما إن وضعت رأسي على الوسادة حتى تراءى لي صديقي، بدأت بإعادة سرد ماقاله أمامي، وبدأت الأفكار تعصف بي، تلج رأسي المثقل بدماء حارة، لم اقو على التفكير كثيراً حتى تسلل النوم إلى عيوني مداعباً أجفاني يدعوني للراحة والاستسلام للنوم حتى صبيحة اليوم التالي بكل سلام واطمئنان.





يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة












التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
قديم 04-06-2020, 02:38 PM   رقم المشاركة : 2
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: رفقة الأمس

2


وتبدأ شمس الصباح بالتسلل من خلف زجاج النوافذ باعثة الأمل في البشرية، تدعوهم للاستيقاظ ومعانقة الطبيعة في الحياة مايستحق العمل والجد والنشاط، استيقظت متأملة الغرفة حولي، كانت تبدو كأنها غارقة تحت ظلال الستائر بلون ذهبي باهت امتزج بألوانها، إنه يوم الأحد، ولامانع من البقاء في الفراش حتى ساعة متاخرة، نهضت لأبدأ نشاطي ببعض من التمارين الرياضية، التي تبعها حمام الصباح لمزيد من الرطوبة والانتعاش.
أجلس في البيت وحيدة لكنني سعيدة بذلك، أشعر برائحة الياسمين تملأ فناء حديقة العمارة، سارعت إلى المصعد بدون تفكير وتوجهت على عريشات بيضاء ضاحكة تُبشر بشيء ربما سيكون استثنائي في هذا الحر، قطفت ما استطعت من ياسمين العمارة وتوجهت مسرعة إلى المنزل، بعثرت البراعم المنتفضة في المزهرية بعد أن أغرقتها بالماء، وتوجهت لترتيب غرفة النوم، والصالة.
أنجزت أصعب مهامي، ترتيب يومياتي الروتينية، شعرت بحاجتي للقهوة، لكنني اخترت النسكافيه، بقرب مزهرية الياسمين، وأمام شاشات التلفزة الإخبارية، حرب تُشّنُ على بلد، وبركان يثور على أسد، وحدي مع الصحف الالكترونية
أُقلب في معاناة الشعوب، لأجد معاناتي هي الأصعب، أريد أن أطمئن على نفسي هل سأمضي يومي بين جدران أربعة أُجدد ذكرى زيارة "مانويل" لي يوم أمس، تغير الزمان، وتبدل مكان اللقاء، لكننا بقينا لانبالي برياح التغيير، كلانا مصرٌ على متابعة حياته كما يشاء لاكما شاء القدر أن نتابعها!
نشاط غير اعتيادي بدأت أشعر به، جعلني أُفكر بالتنزه والتسوق، وشرب القهوة في المقاهي ذات الإطلالة الخارجية على مشارف المدينة، استبدلت ملابسي بما يمنحني قدر كافٍ من النشاط والحيوية، وأغلقت ستائر غرفة النوم والصالة والتلفزيون، بدا المنزل ساكناً وبارداً، يغري بالجلوس والاستمتاع بسماع الموسيقى بتقنية D8،لكنني أُصر على التفكير بعيداً عن مساحاتي المنزلية.
استقليت سيارتي، وتوجهت نحو مركز المدينة، الازدحام كان قليلاً رغم أنه يوم أحد، ومن عادة الشباب التوجه إلى صالات السينما أو صالات الألعاب، كانت وجهتي إحدى المقاهي التي تشرف على المدينة التي ابتعدت عنها عشرة كيلومترات حيث أحد الأسواق التجارية ذات البحيرات الاصطناعية تم إنشاؤه من ستة شهور أريد زيارته ورشف القهوة فيه.
وصلت إلى موقف السيارات لأترجل عن سيارتي، وأدخل البهو الفسيح المُبرد الذي يتوسطه بحيرة يتكئ على جانبيها زوارق ملونة بألوان جذابة، أما المتاجر فقد توزعت بانتظام على الجانبين الممتدين لمساحة طويلة داخل المبنى الذي كان هادئاً نوعاً ما، صادفت استراحة على زاوية المبنى أمام البحيرة وبعيداً عن الزوارق، دخلت بهدوء واتخذت مكانا يشرف على الساحة الرئيسية بعيدا عن الضوضاء.
طلبت فنجان قهوة متوسطة السكر، ورحت أتأمل حداثة المكان وأناقته، وعصرية الطبقات التي تزوره، وصلني صهيل الهال، ووصلني فنجان القهوة، استمتعت برشف القهوة كثيراً، وأنا أُفكر كيف بحديث "مانويل" ربما يرغب في العودة إلى مدينتنا التي ابتعدنا عنها، ويرغب بمرافقتي إلى هناك، أعلم نفسية صديقي هو لايأتي لزيارتي سوى لأمر غاية في الأهمية. رغم ما نحتفظه من مشاعر حب متبادلة تجاه بعضنا، لكننا نفصل بين العقل والعاطفة التي لانُقحِمها في أمور الجد والعمل.
أنهيتُ طقوس رشف القهوة، وتوجهت للتبضع وزيارة المتاجر الجديدة، رغم انتشار المتاجر الالكترونية وإمكانية التسوق الرقمي، أجد للتسوق التقليدي طقوسه ونكهته، التي لاتضاهيها نكهة، وجوه جديدة، وأذواق متنوعة وعلامات تجارية تغري بالشراء واقتناء جديد ما، يُضفي التجديد على يومياتنا الروتينية.
وفِقت بشراء قميص قطني، وبنطال من الكتان الهادئ الألوان، يناسبان العمل كثيراً، وعدت أدراجي باتجاه المدينة وكلي أمل أن ألتقي جاري"مانويل" الذي أدخل على يومياتي مساحة تجعلني أُفكر به من آن لآخر، قطعت العشر كيلومترات بتأن وسلامة ودخلت المدينة لأجد الازدحام قد ازداد، والساحات ممتلئة، بدأ يوم الأحد صيفياً حاراً بامتياز، لايُغري على المشي في الشوراع او الساحات، لكن لابأس من المشي في الحدائق ليلاً بعد مغيب الشمس تماماً.
دخلت منزلي الذي كان بارداً وقد عبقت أرجاؤه بروائح الياسمين، شعرت بشيء من السرور لقد بدد التسوق مللي وقلقي بعض الشيء بهذه الملابس البسيطة التي بدلت من نزقي، سأكون على أحسن مايرام صباح الغد، هكذا شعرت بينما بدأ المساء يتسلل رويداً رويداً فوق المنعطفات والدروب التي بدأت تزحف إليها خطوات المارة المتوجهة إلى الحدائق أو الاستراحات، وبدأت تسري في روحي شيئا من بوادر التفاؤل، لقد بدل مزاجي كثيراً التسوق وشرب القهوة على ضفاف البحيرة الصناعية.
علي التواصل عبر الانترنت، وإنجاز بعض الأعمال الكتابية المتعلقة بالعمل، المحاسبة مهنة جيدة لآنسة تفضل العيش بمفردها، عالم الأرقام مليء بالفوضى التي تحتاج إلى ترتيبات من خلال الجمع والطرح والقسمة والضرب، ومن خلال تنظيم جداول المبيعات والمشتريات، وعمل ميزانية توضح أين تذهب نثريات المصاريف التي ترهق الجيب كثيراً!هي مهمة ليست صعبة لكنها تحتاج إلى الصبر والتأني حتى لانقع في خطأ فادح يعرضنا لعقوبة تستهدف مرتبات عام بأكمله كثيراً ما أبتعد عن زميلات العمل لأنفرد بوضع ميزانية متوازنة تماماً، الدائن والمدين ونفسيتي يجب أن أُحدث توازناً ثلاثي الأبعاد حتى لا أقع بالخطأ الذي يعيدني لأولى أبجديات المحاسبة.
كثيرة هي الأرقام التي تمر علي، وكثيرة هي الأسماء التي يحمل أصحابها حسابات ضخمة العدد، تذكرت "مانويل" أظن بأن له اسماً بين أوراقي المحاسبية إنه يمتلك شركة للعطور، يدير حساباتها المكتب الملاصق لمكتبي، كنا ندقق في حسابات بعض التجار والمستثمرين، ووقع اسم "مانويل" أمامنا، إنه لا يتقن فن التلاعب بالأرقام أو الأسعار تماماً مثلنا مانويل شخصية جيدة، ينحدر من أسرة مالياتها أكثر من جيدة، لن يقع بالخطأ أبداً، إنه عهدي به.
وهكذا قضيت أكثر من ساعة أمام حاسوبي لإنجاز بعض من مهامي المحاسبية، ووسط روائح الياسمين التي ملأت الساحات والمباني، وعلى وقع الخطوات التي بدأت تخف شيئاً فشيئاً لتتوجه إلى تناول أو شرب المرطبات توجهت بدوري فور ابتعادي عن الحاسوب لشرب شيء من شراب التوت البارد الذي أحتفظ به في ثلاجة المنزل.

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــع












التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
قديم 04-06-2020, 02:39 PM   رقم المشاركة : 3
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: رفقة الأمس

3


صباح اليوم التالي، توجهت كما كل يوم إلى عملي، نشيطة مرتدية ملابسي التي ابتعتها يوم أمس، دخلت المكتب بنشاط وحيوية لمحها زملائي، سرعان ما تبدد تفاؤلي بشمس تموز، رؤية "مانويل" وهو يخرج من مكتب أحد زملائي وعلامات الغضب بادية عليه، إنني لم أره سابقاً كما رايته هذا اليوم، قرأت في ملامحه عبارات تمرد وتعصب، حتى أنه لم يلق علي تحية الصباح، ولم يعرن أي اهتمام.
حاولت التقصي ومعرفة ما الذي أثار غضب جار الطفولة، بالرجوع إلى أوراقه لم يكن هناك أي شيء جديد، لم يستجد أي أمر لِم الغضب ياترى، وسرعان ما أفهمني زميلي برغبة"مانويل" تصفية أعماله وسحب أوراقه من المكتب، قلقت من سرد زميلي، هل سيحقق مبتغاه بالهجرة إلى هناك؟!
لم أُطلع أحداً على مااستجد معي يوم أمس إثر زيارة"مانويل" لي في منزلي، انتظرت إلى أن انتهى الدوام، وغادرت المكتب مسرعة إلى المنزل، وكلي أمل بأن يعاود تواصله معي، لكنه لم يفعل وتغيب وسط زحمة الشوارع، بعيداً وراء السحب المسافرة كما وسائد قطنية توحي بالمطر في فصول فوضوية الترتيب، تروي عطش الأرض، إن عاد سيكون كل شيء على مايرام، وإن بالغ في صده فهو في غياهب"الأرض المفقودة" التي يفتش عنها وأبداً لن يتحول السراب إلى واقع يتمناه!
كانت نشرات الأخبار توالي اهتمامها بأحداث الشرق الفوضوية، وكانت حكايات التشرد واللجوء بتزايد، تعصف بقوارب المسافرين عبثاً فوق مياه البحار والمحيطات، وبين الدروب الصيفية المقفهرة، وعلى جوانب التلال الشتوية عواصف تجتاح مخيمات اللجوء، ورياح تقتلع الجذور، جميع حكايات الوطن دامية، لابقعة ضوء وردية في أفق المساءات الداكنة، لا منقذ يمنح البشرية جواز عبور للسلام.
تأهبات وحشود، أرتال ومجنزرات، وكسل مختل التوازن بين حركات الجيوش وعدسات التصوير الإعلامية، التي وعدت بنقل الحدث كما هو، لاكما يجب أن يكون.
فاجأني تواصل زميل لي في العمل بعد عصر اليوم العاصف أحداثاً ليطلعني على رغبة "مانويل" في تأسيس شركة للإنتاج والتصوير الإعلامي، وقد بدأ المكتب المجاور فعلاً في إعداد دراسة جدوى، وعن نيته في فتح فروعٍ لها، هي محاولة عبثية من جاري، لاشك وأن في نيته فتح فرع له في تلك الديار المفقودة، قطعت الاتصال وأنا أسترجع ذكرياتي في حينا وأجواء حياة جارنا المعيشية، لم يكن في نيتي إثارة الماضي بعد مضي عقدين من الزمن لكنني وجدت نفسي صريعة ماض علي العودة إليه من آن لآخر.
تفقدت نفسي أمام المرآة، وجدت انعكاساً لرسمه يذكرني بهدمهم الأرصفة القديمة في أعلى الشارع الممتد حتى مركز مدينتنا، وكيف سرقوا روائح الياسمين وضحكات الدوالي، وأصوات الأطفال، وألوان الفجر ووشوات النهر، المعايشة فن من التواصل مع فئة تحب لنفسها ما تكره لغيرها، لا أن تحب لنفسها ما تحبه للغير، وفق هذا الطراز كانت حياتنا ومضت حتى غادرت مدينتي منذ أكثر من أحد عشر عاماً.
أخذتني دفاتر المحاسبة وانشغلت بعملي، تصاعدت وتيرة العنف في وطني، ومعها تصاعدت وتيرة القلق بداخلي، مرثية
العودة توقد في البال عشرات التساؤلات، كلانا لديه رغبة في العودة إلى حيث يريد، وكلاالعودتين مقلق للغاية.
امتدت موجة الحر حتى أوائل شهر أيلول، وامتدت معها أمنياتنا بالسفر لكسر رتابة الوقت، لكن الأمور لاتتحمل العطلة والسفر وارتداء ملابس السباحة والاصطياف، علينا إنهاء أعمالنا المحاسبية في المكتب، ياإلهي كم تذكرني الأعمال هذه بالواجبات المدرسية التي علنيا إنهاؤها قبل أن ننام، وإلا تعرضنا للعقوبة والتوبيخ وهذا حق على المعلم أن يرى ثمرة تعبه لأجل تلامذته.
أنهيت ما طُلب مني بكل تفاني وأمانة، وقررت التوجه شمالاً لقضاء عدة أيام بين أحضان الطبيعة التي استقبلت فصل الخريف، تم حجز غرفة لي في أحد المنتجعات الريفية ذات الطراز الخشبي العالي الجودة، وحزمت حقائبي واستقليت سيارتي باتجاه الشمال، بمحاذاة الأنهار وبين المنعطفات والدروب التي كانت تعربد فيها أوراق الحور والصفصاف بكل حرية، كانت الطريق مفروشة أوراقاً ملونة خضراء وصفراء وقرمزية.
يهطل المطر حيناً ليغسل الطرقات، ثم يتوقف لتهب عاصفة تثير سكون الورق المسافر فيعرقل تأملاتي واسترسالي كانت الاستراحات تكتظ بمحبي العطل في فصل الخريف، صادفت العديد منها كانت مزدحمة، أثار انتباهي استراحة نائية على أطراف واد يضج بأوراق الشجر المتساقط، توقفت لشرب الشاي الساخن، كانت الطبيعة ساحرة جداً التلال بدأت تغطيها الثلوج، والمنحدرات تهدر بها أصوات الشلالات والينابيع الحارة، الطقس يميل إلى البرودة.
تناولت معطفي الصوفي، كان قرمزي اللون مخملي الملمس فاجأتني يد تساعدني على ارتدائه التفت إليه إنه "مانويل" نظراتك تغضبني ياجاري العزيز! صافحني ودعاني لنجلس عند حافة النهر إلى أن يأتوا لنا بالعشاء، ابتسمت بحذر وتوجهت برفقته إلى طاولة أنيقة تم وضع غطاء من الساتان فوقها بلباقة، مع وردتين باسمتين وعلبة مناديل، مع بضعة أوراق نسيتها الريح غير عابئة فوق طاولتنا التي جمعتنا من جديد في أواخر أيلول.
جلسنا متقابلين، سرى بين أوصالي شيئاً من الدفء، وسرت في عينيه حكايات الماضي، التي عليه تذكرها ليعدل عن كل مافكر به، بادر بالحديث بصوت خافت لتبدأ نبراته تعلو تدريجياً وتبدأ معها أوجاع الأمس الحزين، ما إن انتهى من سرد مايريد حول مشاريعه حتى وصل العشاء، كان وجبة من السمك الطازج الذي أعشقه ومقبلات وبعض من الخبز ومشروبات غازية دعاني لتناول الطعام قبل أن يبرد وهكذا بدأنا سوية بتشريح السمك وتناول السلطات مستمتعين بالأجواء الخريفية.
مر المساء منعشاً ذاكرتنا، موقظاً في البال أُمسياتنا الجبلية، وحفلات السمر قطعت تأملاتي، سائلة إياه، كيف عرفت بنيتي في التوجه إلى الشمال، أجابني على الفور سيارتك، وإجازتك التي تقدمت بطلبها نهار يوم أمس، إذاً أنت تراقبني يامانويل؟
ـ أبداً عزيزتي، أنا مهتم بك، وأعلم بأنك تحبين الطبيعة ودائماً لك اكتشافاتك، إنني سعيد بلقائك وتسرني جداً مرافقتك إلى أحضان الطبيعة.
ـ تأملت عينيه اللتين لمعتا لمعة حزن، أشعر بأنك تعاني مثلي ياصديقي، أشعر بأن الأيام أتعبتك!
لزم كلانا الصمت، أنهينا شرب الشاي، وتوجه كل منا إلى سيارته يتبع كلانا الآخر في رحلة نستكشف فيها كنوز الطبيعة في الريف أقاصي الجبال التي بدأت درحات الحرارة تنخفض فيها، وصلنا إلى الفندق مع حلول الليل، كانت قوافل من السيارات تضج بالمكان من محبي العطل في فصل الخريف.
توجهت إلى الفندق، كانت الغرفة بانتظاري كل شيء على مايرام، يالفخامة المكان تفاجأت بحوض سباحة في أقصى الغرفة مياهه دافئة، أجواء تشجع على الاستلقاء في المياه وإعادة تجديد الحيوية وهذا ما حصل، ما إن أنهيت ترتيب ملابسي التي اصطحبتها حتى ألقيت بنفسي في حوض السباحة واستسلمت للنوم فيه بضع دقائق!سرني اختياري كثيراً لكنني متخوفة من تتبع جاري لي الذي يخفي العديد من النوايا وراء عودته لمساحات يومياتي مجدداً.
أنهيت حمامي الدافئ، واندسست في الفراش فوق الملاية والوسائد الناعمة، ونبرات مانويل في مسمعي أٌعيد ترتيبها وما بين شك ويقين تسلل النوم إلى جفوني فاستسلمت له تاركةً أفكاري وهواجسي تتبخر في فضاءات الغرفة التي غرقت بروائح اللافندر والصندل وزهر البابونج.

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــع












التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
قديم 04-06-2020, 06:25 PM   رقم المشاركة : 4
عضو هيئة الإشراف
 
الصورة الرمزية هديل الدليمي






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :هديل الدليمي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 لا تصالح
0 عجبي
0 أعنّي

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: رفقة الأمس

نتابع إذن هذه السلسلة الجميلة والمشوّقة
مودّة بيضاء












التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 04-08-2020, 12:57 PM   رقم المشاركة : 5
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: رفقة الأمس

4


مرت ساعات الليل بسلام وهدوء واطمئنان، شعرت بتصالح مع داخلي نوعاً ما نهضت مع بزوغ الفجر، نشيطة وبداخلي رغبة كبيرة لاحتضان الطبيعة بمختلف مكنوناتها، استبدلت ملابسي ثم فتحت نافذة الغرفة ليتسلل نسيم جبلي ينعش الأنفاس إلى أركان الغرفة التي مازالت تعلق بها روائح الزيوت العطرية التي عبقت بحوض الاستحمام ليلة أمس، فتحت التلفاز منتظرة موعد الفطور.
أغلب الفضائيات تركز على التمارين الرياضية صباحاً، سيكون لدي متسع من الوقت لممارسة الرياضة والجري واحتضان الطبيعة خلال أيام إجازتي، لدي الكثير ما أفعله برحلتي التي أتمنى أن تسير كما خططت لها، نظرت إلى ساعة الجوال إنها الثامنة موعد وجبة الفطور علي التوجه إلى المطعم العلوي بدأت أولى ساعات الإجازة، وعلي استغلال كل لحظة فيها.
دخلت قاعة الطعام، التي بدأت باستقبال محبي فصل الخريف، من هواة تسلق الجبال ومن محبي الكتابة والشعر وموسيقيين، لمحت وجه "مانويل"بين الوجوه، يتقدم نحوي باسماً ملقياً تحية الصباح، وكأس من عصير البرتقال بين يديه، هي عادتنا الصباحية منذ زمن ماتزال الذاكرة تختزنه، ملتصق بنا كما الجذور لن نقو على الانسلاخ عنه.
تبادلنا تحية الصباح، وبعض من عبارات الإعجاب بالديكور الجذاب للفندق والأجواء بشكل عام، القليل من الزبدة والعسل وسلطة، لجانب الأومليت بالخضار، وفطائر محشوة باللحم البقري، حسناً هذا جيداً ليوم سيكون حافلاً بالنشاط والحيوية، كانت الطيور تستعد لهجر أوكارها، تشد انتباه نزلاء الفندق وكانت الشمس باهتة ترسل بعض من أشعتها بتوهج فاتر للغاية، سحبٌ داكٍنة، زخات متفرقة من المطر، وعيون صديقي ترقب نظراتي أينما نظرت يتابع ماتقع عليه عيني.
انتهينا من تناول الفطور، وبدأنا برنامج الرحلة غير المخطط، لقد أحبط مخططي بقضاء عطلتي بمفردي، توجهنا إلى حيث الجبال بالعربات الهوائية، كنا على ارتفاع 1500م عن سطح البحر، وسط ديمات مسافرة، وجبال شاهقة نزلنا عند تل تكسوه بعض الثلوج وتوجهنا لاستئجار مستلزمات التزلج لازمته مرغمة حتى لا أتعثر بكرات الثلج ورغبة مني في ممارسة رياضة التزلج.
ارتديت المعطف والقبعة الصوفيةوالقفازات الجلدية، ما إن لبست الزلاجات حتى تعثرت بزلاجات فتاة كانت على وشك أن تبدأ بالتزلج فوق الهضاب، رمقتني بنظرة حادة للغاية، تريد جاري لها وحدها، كان عليك يامانويل إخباري بوجود صديقة لك، يجب أن تفهمها بأنني جارة الطفولة وبأن مرافقتك لي كانت مصادفة، لمحتها عندما دخلت إلى متجر "أدوات التزلج" سرعان ما تحدثت معه كأنها تبحث عنه، ولو أنها لم تجده لما دخلت إلى المتجر.
كانت تتحدث باللهجة المصرية الشامية، وتحاول إخفاء جنسيتها! في قسماتها ملامح شرقية، شعرها داكن السواد تميل للتعامل بعنف، سحبها من يدها "مانويل" لأترك بدوري كل ما يتعلق بالتزلج وأُعيدها إلى المتجر ، تواريت عن أنظار مانويل، وتوجهت إلى استراحة ريفية، يتوسطها موقد خشبي، طلبت كأس شاي، وجلست إلى جانب الموقد لأُدفئ يدي قليلاً.
وصلني الشاي كان لذيذاً، أحسست بدفئه بين يدي، لمحت مانويل يدخل وحيداً إلى الاستراحة، داريت نفسي خلف الموقد، شعر بأنني لا أريد الحديث معه، اِقترب ليراني ثم اِبتعد تاركاً خلفه سحبا وعواصف خاطفة تثير في شجوني القلق والتأمل من المصادفة أو ربما اللقاء المُرتب مع صديقته التي أثارت غباراً ضبابياً ترمد له العيون!
شربت الشاي دامعة أتساءل عن سر مصادفة مانويل لي بعد تصفية شركته، واتجاهه إلى عمل آخر، هل يراقبني؟ومن تكون تيك الفتاة النحيلة، هل هي إسبانية أم عربية؟أنهيت الشاي لأُفاجأ بمانويل وقد سدد ثمنه!تسللت خلسة بين الحضور مُبتعدة عن مساحة التزلج لأعود في العربة الهوائية وحيدة بدون صديقي الذي انشغل بها صديقته التي على مايبدو جاء لأجلها.
كانت المسافة طويلة إلى الفندق، لم اكن أرى شيئاً في الآفاق، لقد غطى الضباب كافة المسافات حتى العربات الهوائية كانت تبدو وكأنها تسبح بين السحب المسافرة كما الناس المسافرون من قمة إلى وادي، ومن تلٍ إلى مرتفع، تأملت السائحين في العربة من جنسيات وميول مختلفة، يتأملون الغمام الشارد بابتسامة وإعجاب بالطبيعة الجميلة التي لايتبدل جمالها إلا لترتدي عباءة الحُسن أكثر.
توقفت العربة، دون أن نشعر بالوقت كيف مضى بين الغيوم والسحب، ترجلت إلى الفندق بشيء من النزق ودخلت إلى صالة للألعاب الرياضية، صعدت بهدوء فوق جهاز لمشي، ورويدا رويدا بدأت المشي لأُزيد من سرعته متخطية حواجز الوقت شاردة الذهن لا أعلم كيف مضت الثلاثون دقيقة، كانت الموسيقى تملأ الصالة، وكانت الفتيات يتسابقن بحماس لتسجيل أرقاماً جديدة، الخريف فصل مميز حقاً.
أنهيت تمارين الرياضة، وتوجهت إلى الغرفة منهكة، متناسية ماحل معي صباح اليوم الأول من تواجدي بالفندق صعدت إلى غرفتي التي نسيت إغلاق نافذتها التي فتحتها صباحاً كانت وقد امتلات روائح الزيزفون الجبلي معظم أرجاءها تبدو كما غادة وسط الطبعية، لكن كيف نسيت إغلاقها، ولِم لم تقوم بإغلاقها مشرفات النظافة!؟أغلقتها متعجبة وأغلقت الستائر لتبدو الأجواء رومانسية اكثر.
ألقيت بنفسي في حمام السباحة، وسبحت في عالم ممتع للغاية متناسية إساءة صديقة مانويل حيناً من الزمن مستغربة من أمر النافذة المفتوحة على الجبل، وغطست حتى القاع، ثم عُدت إلى السطح عائمة مسترخية..أمضيت استراحتي بكل هدوء، ومع حلول العصر وبداية تأهب الشمس للمغيب، نزلت إلى بهو الفندق لأبدأ نشاط جديد بكل هدوء.
فاجأني"مانويل"باقترابه مني، محاولاً الحديث معي، بادلته التحية بابتسامة واعتذرت عن الجلوس لأن لدي الكثير ما أفعله ما هي إلا لحظات حتى لمحت ثلاثة أشخاص يدخلون من باب الفندق ما إن وقعت عيني مانويل عليهم حتى استئذن مُبتعداً باتجاههم لتظهر فتاة الثلج التي صادفتها نهار اليوم بكامل أناقتها مُتجهة نحو مانويل والأشخاص الذين قدموا، ما إن هممت بالنهوض حتى اِقترب أحدهم باتجاهي وكأنه يريد التحدث معي، لكنين نهضت مسرعة متجاهلة اِقترابه وكأنني مرتبطة بموعد هام للغاية علي اللحاق به.
كانت الشمس قد غابت تماماً خلف قمم الجبال، ودرجات الحرارة بدأت تميل للانخفاض، شعرت بالبرودة ومعطفي
الصوفي في الغرفة التي أحكمت إغلاق نافذتها وبابها أيضاً، لا رغبة لي في التحدث مع الأغراب ورحت أُحدِثُ نفسي
ـ سأذهب إلى أقرب مركز تسوق عله يكون دافئاَ أتعرف على المنتجات والعلامات التجارية الرائجة، ريثما تمضي هذه الليلة على خير.
وهذا ماحدث، على بعد500متر صادفتُ مركزاً للتسوق، مغلقاً ودافئاً، يغص بمختلف العلامات التجارية المشهورة والعادية، سرعان ماابتعتُ معطفاً مخملياً أنيقاً للغاية، بألوان الكاجو والفستقي الفاتح منحني إطلالة مختلفة ودفئاً وثقة بنفسي،هيأت نفسيتي للقاء "فتاة الثلج" والتحدث معها بدون أي تردد.
وهكذا أمضيت أكثر من ساعة ونصف بين المحلات والاستراحات اتنقل مستمتعة بالدفء والحرية، كُنت كما فراشة تمردت على الفصول بمباهجها وقساوتها، أتنقل بحرية وخفة الحياة تستحق أن تُعاش وصديقة الثلج لاتاثير لها عليّ تذكرت بأن مانويل بصدد تمويل لمشروع جديد، نعم ربما هي إحدى أركانه!نعم أو ربما هي التي ستحقق حُلمه بالسفر إلى "أرض الميعاد".
كل شيء ممكن، عليّ أن اكون حذّرة كل الحذر، وعدم التسرع بإقامة أي علاقات قد تؤثر على عملي، وحياتي الخاصة انهيت جولتي وتوجهت إلى الباب الخارجي لمركز التسوق أريد العودة وقد إِدلهم المساء وشارف اليوم الأول لعطلتي على الاِنتهاء.

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـع















التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
قديم 04-08-2020, 01:11 PM   رقم المشاركة : 6
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: رفقة الأمس

متابعة معك في هذه الرفقة الجميلة













التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 04-08-2020, 03:46 PM   رقم المشاركة : 7
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: رفقة الأمس


5

عندما وصلت إلى الفندق، كانت الساعة شارفت على الثامنة والنصف موعد العشاء، دخلت بحذر لاأريد أن ألتقي بأحد ولاأريد لمسائي أن يتعكر، صعدت إلى غرفتي بحذر شديد، وسرعان ما جهزت نفسي لجلسة عشاء خاصة بي، بالغت بالظهور أنيقة، كما بالغت بوضع العطر فوق معصمي، حملت شالي المخملي، وتوجه إلى قاعة العشاء بعد أن تأكدت من أن النافذة مغلقة تماماً، وبان أحداً لم يفتحها.
دخلت البهو المؤدي إلى قاعة الطعام، كانت يصدح في الأجواء الخريفية صوت "انكلبرت همبردينك" بكل رومانسية وشاعرية (للأسرار التي تخفيها عينيك، للحنان الذي تظهره، للطريقة التي تفهمها، لاأعرف أبدا ماذا أنا بالنسبة لك للطريقة التي كسرت كبريائي) منحتني كلمات الاغنية الكثير من التفاؤل والثقة لأدخل قاعة الطعام بكبرياء أُنثى لاتعرف التنازل أو الإنكسار.
حجزت طاولة لي بإطلالة على حوض السباحة الخارجي، كانت أجواء خريفية بامتياز، تمتزج الموسيقى بحفيف أوراق الشجر، كلما اهتزت أغصان الأشجار تطايرت أوراقها يمنة ويسرةً، فوق صفحة الماء لتضفي المزيد من السحر والبانورامية على المكان، تناولت ماتيسر من مقبلات وبعض من وجبة المساء، مع عصير البرتقال وتوجهت لطاولتي التي يتوسطتها مزهرية وشمعة متوهجة.
لم أعر أي انتباه للقادمين او المغادرين ممن أنهوا وجبات العشاء، كنت مستمتعة جداً بالموسيقى والنسيم المسائي العليل الذي منح نفسيتي الراحة والاسترخاء لأعود إلى التفكير من جديد بموضوع "مانويل" وصحبته! بدأت صالة الطعام تمتلأ، وبدأ الليل يدلهم، لمحت طيفها يقترب تلك الشابة التي يرافقها جاري لكنني لم أر ضيوفه الثلاثة الذين زاروه عصر هذا اليوم!
كانت تبدو عليه علامات الراحة والإنشراح وهو يتحدث معها، وكانت تبدو مهتمة بأمر ما، تشرحه له أو ربما توجهه لأجل شيء ما، استغربت من حشريتي التي هي ليست من طبعي، ومن اهتمامي المتزايد بمانويل، صديق الرحلة الذي انشغل بأخرى عن عمد وليس مصادفةً.
أنهيت كافة طقوس المساء من أكل ومراقبة واحتفاء بالطبيعة، وتوجهت إلى قاعة الموسيقى لسماع شيء يريحني بعد عناء يوم طويل مليئ بالمفاجآت والمصادفات، في تمام الساعة الحادية عشر والنصف توجهت إلى غرفتي رغبة مني بالاسترخاء والاستسلام للنوم.
مرت ليلتي على أحسن مايرام، غالبني التعب وغفوت بعمق حتى الصباح، كان في المنتجع الكثير من المـتع ووسائل التسلية ما شغلني كثيراً عن متابعة مانويل وفتاة الثلج، التي عادت للظهور بعد يومين من تغيبها عن المشهد، قضيت خلالها أمتع اللحظات بين أحضان الطبيعة وعلى ضفاف البحيرات الطبيعة الينابيع الحارة، لم أشأ الاقتراب أو الحديث مع فتاة الثلج، كلما صادفتها أسرعت للابتعاد والجلوس بعيداً تبدو وكأنها أتت لمهمة ما وعليها إنجازها، هاهو يقترب مانويل لأنهض مبتعدة عن أي مساحة نتواجد فيها.
بدا مانويل مستاءً مني، خاصة مبالغتي بالابتعادعنه بعد أن رأيت وجوه الغرباء الثلاثة، كسر عنادي واقترب مني متسائلا لِم الابتعاد وكأنه يقترب لغاية ما في نفسه، كنت متوجهة في طريقي إلى الاسطبلات القريبة لأمتطي حصاناً أسابِق به الريح، لكنه أصر على التحدث معي وبشدة، كأنني قرأت ما يدور في ذهنه من تكهنات، وفهم أنني فهمت مايريد ولن أوافقه على أفكاره المجنونة التي لن أؤمن بها، تجلدت أمامه وتماسكت لأنها عليه بالرد دفعة واحدة:
ـ إذا أردت الرحيل مع السلامة، ومشاريعك أنت حرٌ فيها، لتؤسس ما شئت من منشآت ومشاريع ليس بإمكاني منعك لكنني لن أدير أي مشروع خاص بك ولن أقف وراء أي رغبة تلوح بالتعاقد معي أو مع آخرين، لهم الطموح الذي يلازمك منذ عقود!
دخلت الاسطبل الذي كان بارداً، فاجأني حصان ممدود العنق، امتطيته وأطلقت العنان له، ليسابق الريح ومعه اِبتعد ت عن مانويل وما يدور في ذهنه من أفكار شيطانية، ارتسمت أمامي وجو الشباب الذين يخوضون مواجهات يومية مع العدو هناك بعد الحواجز حكايات مؤلمة تتوالى، وحناجر تهتف ضد صفقة القرن وما أدراني ما هي بنودها مرارا حاولت حفظها لكن عبثاً!
ما أجمله من حصان جعلني أُصدق نفسي "ربان برتبة فارس"تهوى الخيل، ولاتخشى ركوب البحر، كان يراني مانويل فوق صهوة جوادي أيام الجمعة والأحد في مراحل الثانوية الأولى، كانت الوجوه مندهشة تتابعني بإعجاب وربما بمقت لم أعبئ به، كان صهيل خيلي يمنحني القوة ويشعرني بالفخر والاعتزاز، يرفع معنوياتي ويمنحني العزيمة والتفاؤل بغد أنا أصنعه، ومستقبل زاهر صفحاته ناصعة.
كثيراً ما كنت أحاول التملص من أسئلة "مانويل" حول الغد، وماسيؤول إليه كل منا، عاد بملامح متطورة، أكثر مرونة وبأحلام مجنونة حقاً!
عدت بالحصان إلى الاسطبل، لأعاود اكتشاف جمال الطبيعة في فصل الخريف ترجلت بعيداً عن الخيل مرغمة وتركت لأقدامي حرية اختيار الدرب ريثما أصل إلى الفندق الذي اخترته للنزول فيه، كانت المنحدارت الجبلية جميلة للغاية تنبعث من بطونها مياه هدارة، تمنح محبي التخييم شعوراً مختلفاً، كان هواة التصوير يتوازعون الأمكنة للتصوير والتقاط الصور الجذابة والجميلة، أما محبي القلم وهواة التأليف فقد ابتعدوا ليرسموا جمال الأمكنة بالكلمات.
على بعد عشرات الأمتار توازعت الأكواخ الخشبية ببصماتها التراثية حيث مناحل العسل، ومربي الخراف الذين ينشغلون في تحضير المنتجات الحيوانية لبيعها للسائحين، أو لبيعها لأصحاب الاستراحات وتقديمها كوجبات أو مقبلات للعائدين من رحلات الصيد، أو من الاسطبلات أو من رحلات التخييم، توقفت بعض الشيء لالتقاط بضع صور أحملها معي لأجد مانويل من جديد برفقة صديقته واولئك الثلاثة الذين صادفتهم في الفندق مساء أول أمس!
على مايبدو هناك أمر ما، ألمح وجوههم متجهمة، والنقاش يحتد فيما بينهم، أحدهم كان يتحدث ببرود واضح ليحطم معنويات الآخرين، نظرت إلى فتاة الثلج التي باتت على وشك الانهيار، فنظرة منه كانت كافية لجعلها تفقد الأعصاب خيل إلي أنها تستنجد بمانويل الذي بدا عليه التوتر واضحاً تماماً، فاستدار مبتعداً لتلحق به رفيقته، ويلتحق بهما باقي أفراد المجموعة.
هممت بالعودة أيضاً وقد بدأ يحِلُ المساء، كانت خطواتي متسارعة حتي أني تخطيت شجرة تفاح جلس تحتها الشبان الثلاثة بدون "مانويل وصديقته" لاحظت انشغالهم بالحديث ومتابعة المارة، لم أشأ العودة وإثارة الاهتمام بي، سارعت في المسير أكثر وأكثر حتى بدأت المشي مهرولةً باتجاه الفندق الذي اقترب رحيلي عنه لانتهاء إجازتي بعد يومين لاأكثر. كانت رائحةً اللبلاب تزحف بين الدروب تعطرها وترشد الضالين من المارة إلى أماكن إقامتهم بكل رومانسية، تختلط بها روائح الزيزفون الجبلي القادم من مرتفعات الجبال ندياً يتغلغل في الأنفاس يمنحها الراحة والانتعاش لتسري في النفس مشاعر مختلطة تعيد تكوين مرتادي هذه المناطق، وتمنحهم الأمل والتفاؤل في الحياة سطور قاتمة لكن شعاع الشمس قادر على أن يخفيها بأشعته القوية سرعان ما تتبخر هذه القتامة كما تبدد غيوم المِحن، والسُحب الدخانية.
أخيراً، وبعد فلسفتي هذه وصلت إلى بهو الفندق الذي يستعد لتقديم وجبة العشاء لنزلائه المحترمين بكل حفاوة وتقدير، بينما ذاكرتي مازالت تعبئ وتخزن مشاهد الإثارة والتشويق لترافق حقيبة عودتي إلى منزلي بعد أيام قليلة لاأكثر. الآن علي مفاجأة زميلات العمل بإرسال مجموعة صور طبيعية التقطتها خلال رحلتي عبر الفيس بوك .




يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـع












التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
قديم 04-08-2020, 06:03 PM   رقم المشاركة : 8
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: رفقة الأمس



6

هبطت ستائر الليل بمخملية بانورامية ترصد سحرها العدسات الذكية بعد حفل عشاء صاخب، شاركت فيه مختلف انواع الموسيقى، لم ألمح "مانويل"ولا صديقته، ربما سيطول مكوثها أما أنا فعلي حزم حقائب العودة، والسفر بعد 48 ساعة، تناولت كاس عصير من البرتقال من أمامي ونهضت لأستمتع ببرودة وصفاء سماء الخريف في هذا الليل الأيلولي.
ـ كم هو غجري ليل أيلول، التنزه فيه يثير المشاعر بفوضوية، يلقي بنسائمه الحيرة والدهشة، تتوسد أوراقه الصفراء صفحات الماء الرقيقة، فوق البحيرات والأنهار، تنجلي الأتربة عن الأسطح القرميدية، تغسلها زخات ماطرة تهيئها لغيم تشرين السارح الذي يرطب الخواطر الحزينة، يغسلها ينقي الوجدان من الحقد، والنفوس من الدنس، والصدور من الوسواس الخناس.
ـ في أيلول"ياصديقي" كُتب لنا أن نلتقي، ونزرع الدروب وروداً، ما أجمله من لقاء حار الدمع بوصفه، كلماتنا طفولية شفافة كما قلبينا، أتكئُ على يدك، وتتكئُ على كتفي، ويخضر الأمل في عيوننا، كبرنا ياألم القلب، وكم ادمتنا أشواك الأمس! كبرت ابنة الأربعة عشر ربيعاً، بعد صلوات طويلة بأن تكبر وطارحها زهر الخريف الغزل، وعتق شفافها بكرز الأمنيات.
ـ ألقت بعباءتها لأيلول، قبل أن يورق فيها حلم الطيران بدون أجنحة لعالم مهموم تريد أن تمسح الحزن عن مراياه الساطعة، وأهدت حبيبها باقة ورد لدى عناقها إياه وغادرت على غفلة من غفوته تاركةً له فوق وسائده روائح من عطرها تذكره بموعدها أواخر أيلول، وكبرنا يا صديقي..كبرنا لنستنجد بالشمس، ونور القمر، كبرنا وأُمنياتنا كبرت معنا ها نحن عُدنا التقنيا بعد فُراق، وما تبدلت الأحوال.
ـ وسط هذه المشاعر التي تمايل لها النسيم بارداً، تقدم نحوي شاب في مُقتبل العمر وألقى عليّ تحية المساء بكل أدب ـ بادلته التحية بدوري، وانشغلت عنه بمداعبة برعم من الجوري، نسيته الريح فلم تعصف بعبقه الذي يتسلل الذبول إلى قلبه رويدا رويدا، تمايل بين أناملي مستغيثاً لأستسلم لصخب الطبيعة وتبدل فصولها الماء لن يعيد له الحياة!
نظرت إلى الشاب فإذا به يدعوني لأجلس على طاولة في أحد اركان الحديقة المغلقة، حيث كان "مانويل"ينتظر لقائي قبل أن تنتهي إجازتي، توجهت إليه بهدوء متصنعة نسيان فتاة الثلج تلك التي أشعلت في قلب وعقل جاري حنين الحكايات التي كان يرويها لنا مسني الأحياء العتيقة عن "أرض الميعاد"، اِقتربت منه لأجلس على الكرسي الذي وقف وراؤه مفسحاً لي مساحة كافية لأجلس، ثم عاد ليجلس أمامي، بعد أن أشار للشاب بالابتعاد عن مساحتنا الدافئة خلف براعم الزنبق الأصفر، وعلى ضفاف الورود العطرية البيضاء والحمراء التي يكتنزها أيلول لمحبي الإبحار في أيامه المثيرة.
تبادلنا عبارات الإعجاب والإطراء، لم أشأ أن أبدأ الحديث بأي عبارات لوم، أو شكوى أو عتب، أردنا إنهاء لقاءنا في هذه الرحلة بشكل ودي للغاية وأخويّ، فلم يكن بيننا أي موعد سابق لنلتقي هنا في واحة أيلول التي احتضنت تناقضات الطبيعة، واختزلت مواسمها العطرية التي أهدتها لزوارها ندية رطبة، تمسح عن الجباه تعب المدينة الذي هربوا منه قاصدين الراحة والاستجمام بين أحضان الطبيعة الغناء.
هاهو مانويل يعود ليكمل مابدأ به بداية الرحلة من حديث، كان الأسى يعتصر قلبي حتى أوشك دمعي على أن ينسكب
لكنني داريت ذلك عنه، لقد نسق وحزم أمره وهو على بعد خطوات من تحقيق حلمه، هي جلسة وداع إذاً؟رمقني بنظرة تستدرجني للحديث معه، والإفصاح عنا يجول بخاطري، لكنني تمالكت نفسي وأسرفت بالنظر للبعيد متجاهلة عينيه الملتهبتين، ثم أردفت قائلة عليّ حزم حقيبتي استعداداً للعودة إلى منزلي، ومد يده بإشارة على الموافقة سرعان ما توقفت مبتعدة لأدخل صالة الفندق متوجهة إلى غرفتي أريد ترتيب حقيبتي والنوم.
دخلت الغرفة متعبة، صداع خفيف يحتاج لمسكن يريحني حتى الصباح، تناولته واستلقيت مسترخية فوق السرير حتى ساعات الصباح الأولى، شعرت بشيء من التحسن والنشاط الممزوج قلقاً من الساعات القادمة هذا القلق كان وراؤه مانويل إثر حديثه ليلة امس شعرت بالكآبة والتوتر.
جلست خلف النافذة المطلة على الجبل، في غرفتي الأنيقة التي كانت دافئة، بعثت في نفسي الرغبة في الاستلقاء في حوض الاستحمام، غير ان اقتراب موعد تناول وجبة الفطور جعلني أعيد النظر في كبح هذه الرغبة التي أجلتها للمساء. هيأت نفسي للتوجه إلى مطعم الفندق الذي كانت طاولاته تذخر بألذ الأطباق والمشروبات، غادرت الغرفة بعد أن تأكدت من إغلاق نافذتها، وحزمت حقيبة السفر استعداداً للعودة، بعدها توجهت إلى المطعم الذي اكتظ بنزلاء الفندق حجزت لي طاولة مطلة على نهر أودعته الأشجار وأحراج الطبيعة أسرارها فألقت بأوراقها بكل ماتحمله من وشوشات لتطوف بها صفحة مياهه الساكنة، تناولت كأساً من عصير البرتقال، ورحت أتامل هدأة الصباح البارد لمحت وجه مانويل وفتاة الثلج عبر اللوحات الزجاجية، عدت بهدوء إلى طاولتي ومعي كأس البرتقال، وضعته فوقها وتوجهت إلى البوفيه ليتبعني "مانويل وصديقته" بشكل عفوي وقفنا وراء بعض، وتناو لكل منا طبق واخترنا ما اخترناه لوجبة الصباح ثم عدنا إلى حيث اختار كل واحد أن يكون في هذا الصباح الخريفي.
على عجل تناولت وجبتي الصباحية، وتوجهت قبل أن يتبعني جاري إلى الصالة الرئيسية للفندق باتجاه الحديقة المائية المغطاة بألواح زجاجية تتساقط فوقها أوراق أيلول بشاعرية ممتعة، على أطراف حوض الماء توزعت كراسي للاسترخاء وتوسط الحوض دلافين راحت تتمايل على وقع الموسيقى، كم ممتع هذا الصباح وكل صباح يبدأ بالموسيقى لاأحد يعلم كيف ستكون الصباحات الأيلولية لو لم تكن الموسيقى وأوراق أيلول؟
استلقيت فوق كرسي طويل، ورحت أراقب حركة الدلافين لأفاجأ بفنجان من القهوة يصل من مانويل وصديقته، على مايبدو هو فنجان "مع السلامة" هكذا حدثت نفسي التي شغلتها بمتابعة رقص الدلافين الاستعراضي الذي يشبه رقص حوريات البحار التي قرأناعنها في القصص المصورة وشاهدناها عبر القنوات الفضائية.
ماهي سوى لحظات حتى دخل إلى الحديقة المائية الشبان الثلاثة وعلى الفور سارعت في الابتعاد بينما عيونهم بقيت تراقب خطواتي حتى وصلت إلى المصعد متوجهةً إلى غرفتي التي ما إن وصلتها، حتى استلقيت فوق السرير مطلقةً العنان لأفكاري وتوجساتي راسمة الإنطباع عن رحلتي، متأملةً سقف وجدران المكان الهادئ الجميل الذي سيلازم ذكرياتي فترةً من الزمن، هاهي الساعة تقترب من الحادية عشر تسلل نعاسٌ خفيف إلى عيني استسلمت له بإغماضة هادئة وغفوت حتى تمام الساعة الثانية عشر!
نهضت وأنا أشعر بنشاط ممتع، يشجعني على التجوال بين أشجار الغابة المجاورة، استبدلت ملابس الصباح، بملابس
رياضية وعدلت من تسريحة شعري، وتوجهت بهدوء إلى باب الغرفة الذي ما إن فتحته حتى فاجأني وجه "مانويل"وكأنه كان على وشك اقتحام الغرفة، وظهوري أمامه أحبط شيئاً ما، خرجت مسرعةً إلى البهو، تاركةً باب الغرفة مفتوحاً استدنيته باتجاهي بمحاولة مني لمنعه من دخول غرفتي وكأنه فهم قصدي، ابتعد مشيراً لي بإغلاق باب الغرفة والتوجه معه، وهذا ما حصل.
أغلقت باب الغرفة بسرعة، وتوجهت مع مانويل باتجاه إحدى صالات الفندق، حيث كا بانتظاره صديقته والشبان الثلاثة الذين حاولت الفرار من أمامهم عبثاً.


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــع












التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
قديم 04-08-2020, 06:05 PM   رقم المشاركة : 9
عضو هيئة النبع
 
الصورة الرمزية ناظم الصرخي






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ناظم الصرخي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 حنـــــــو
0 تاجُ اللغاتِ
0 نتاجي الجديد

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: رفقة الأمس

نتابع معكم بإذن الله
دمت والإبداع محلقة
أزكى التحايا













التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 04-09-2020, 10:16 PM   رقم المشاركة : 10
أديبة
 
الصورة الرمزية عروبة شنكان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عروبة شنكان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: رفقة الأمس

7


انقضى شهرأيلول ومعه انقضت أيام الإجازة، في اليوم الأخير من العطلة استيقظت على وقع حبات المطر وهي تنقر نافذة الغرفة بإيقاع متناغم، كان صباحاً ندياً حصد أوراق الشجر عن أغصانها الذابلة، وعن الأرصفة والمنعطفات الجبلية، الغيوم سابحاتٌ، تعتلي قمم الجبال التي انفردت باستقبال ندف الثلج والشمس غادرت لمستقرٍ لها، هي أبجدية الطبيعة منذ أن أراد الإله للخليقة الحياة!
سافر أيلول ومعه مسافرة أنا، فتحت باب الغرفة مغادرةً لأجد تبدلاً ملموساً في أجواء الفندق بدأ النزلاء بارتداء المعاطف الشتوية وحمل المظلات المطرية كأنها مهرجان تتنافس فيه الألوان والتصاميم ، شمسيات مخططة أومنقوشة بأشكال هندسية أو عليها رسوم حيوانات أليفة، مناظر تدعو للتسلية يتم مراقبتها من داخل الفندق، توقفت لتسليم مفايتح غرفتي بينما تم حمل حقيبتي إلى حيث العربة، استدرت مبتعدة نحو الباب الرئيسي، لأشعر ببرودة لاسعة درجات لقد بدأت درجات الحرارة تميل للانخفاض! فتحت باب السيارة لأبدأ مسير ة العودة إلى منزلي، سرعان ما أدرت المحرك ثم أشعلت التدفئة ما إن خرجت من فناء الفندق الخارجي حتى شعرت بالدفء يملأ السيارة نزعت معطفي، وانعطفت باتجاه المدينة بكل هدوء وروية.
كان طريق العودة رطباً، تغسل قطرات المطر زجاج سيارتي الأمامي بكل انسيابية، وفوقي السماء رمادية داكنة، غيمة ماطرة وأخرى سابحة، أشعر بغصة كبيرة وعلى وشك أن أبكي، لاأعلم لِم خلق في نفسي هذا الضباب الشعور بالقلق بعض الشيء، لدي رغبة كبيرة في البكاء وأكاد أختنق، انعطفت إلى اليسار لأتوقف وأستجمع قواي لمحت استراحة أنيقة الديكور ذات ألوان هادئة وجذابة، توقفت ونزلت من السيارة باتجاهها.
دخلت من الباب الرئيسي للاستراحة، كانت دافئة تزينها نباتات خضراء من كل جانب وزاوية، نظافتها طاغية، ذات أرضيات رخامية لم تكن لي رغبة بارتشاف قهوة أو شرب أي نوع من العصير، توجهت إلى دورات المياه غسلت وجهي وعدت أدراجي لمتابعة مسيرة العودة، لفت انتباهي "مانويل" بسيارته برفقة فتاة الثلج، تتبعه سيارة ذات لون أزرق يستقلها الشبان الثلاثة، استقليت سيارتي وأدرت المحرك متابعة مسيرتي إلى المدنية..
مازلت أصارع شعور الإحباط والقلق، أدرت المذياع لأستمع لآيات من القرآن الكريم، شعرت بسكينة نوعاً ما تنزلت على قلبي، استدرت بعيني دامعتين رهبة وخشوعاً على الناحية اليسرى لأتفاجأ بسيارة "مانويل" وهي تنحرف عن مسارها لتصطدم بجذع شجرة، انعطفت يميناً لأستطلع ما الأمر، على مايبدو فقد السيطرة على المكابح وانعطف يساراً ماهي سوى بضع لحظات حتى بدت السيارة وكأنها ترجع إلى الخلف باتجاه الوادي، وبداخلها مانويل وصديقته وقد ارتطم رأسيهما بالوسائد الهوائية.
تسمرت أوصالي من هول المشهد!لقد انحدرت السيارة بمانويل وصديقته نحو الوادي وقبل أن يسمع دوي انفجار ٍ كبير ابتعدت مسرعة سيارة الشبان الثلاثة وسط حشد السيارات الذي توقف مصدوماً من هول المشهد!كان صوت ارتطام السيارة بالوادي مدوياً رافقه رعد السماء قوياً منذراً بعواصف ماطرة، وشتاءٍ قاسٍ جداً.
هي تداعيات صفقة القرن، أو صفعة القدر، أن تعصف بمانويل وصديقته هذه الحادثة الأليمة، لقد غادرا الحياة على
عجل، مع بدايات تشرين وانسكاب المطر فوق خدود الورد الجوري، ومع عبور القلوب إلى الضفاف الأخرى من القلب باتجاه الشمس، ترجل من سيارتي مطبقة الشفاه، كانت مختلف الأشياء أمامي تتدحرج، الناس والسيارات وأوراق الشجر، تلاشى جسد جاري وصديقته، كما تلاشت أمامي عشرات الأسئلة التي صِغتها أثناء إقامتي في الفندق.
تشرين تبدل فيك كل شيئ، الشمس والقمر، الليل والنهار، الصباح والمساء، اليوم والأمس، الطاقة والنشاط، الحب والكراهية، الإخلاص والوفاء، المطر والغيوم، خطوات المارة، وحكايات المسير، هاهي جثثهم هامدة ملقاة أسفل الوادي بدون حِراك أو أنفاس!شهد نهار هذا اليوم حادث أليم غادرنا مانويل وصديقته إلى حيث يليق بهما من مقام كبير أو صغير، جميل أو قبيح، جحيم أو فردوس، الله أعلم!
مر الشبان الثلاث على عجل، منزلين العقاب على "مانويل وصديقته" واتجها كما الشهاب الماطر إلى أرضٍ ثانية، إلى عالم آخر يبحث عن الفضيلة والوفاء فوق أرصفة الوجود الإنساني، تغيبت خطواتهم خلف الأفق البعيد الذي ارتسم بابتسامة وردية حالمة تعد الأجيال القادمة بأرضهم التي سيعودون إليها يوماً ما.
أدرت محرك السيارة مبتعدة عن مكان الحادث، بدأت قطرات المطر بالهطول من جديد فوق المنحدرات والتلال والوديان الندية، المنعطفات كانت ساكنةً، والأشجار كانت عاريةً وقلبي كان قلقاً حزيناً تنخر بين ضلوعه وخزات مؤلمة كلما انعطفت مقتربة من المدينة، لقد حدثني قلبي بأمر مانويل، وحذرني من الاِقتراب منه كثيراً، كُنت على يقين بأنه يخطط لضرب هدفٍ ما، وبأنه لم يعد إلا لأمر غاية في الأهمية، لقد ابتعدت عن وجوه الشبان الثلاثة ليقيني بملامحهم العربية التي لها رسالتها ولأجلها نذروا أنفسهم.
بدأت زخات المطر بالتراجع شيئاً فشيئاً، الطريق إلى المدينة ماتزال بعيدة، ورغم تعبي لم أجرؤ على التوقف بأي استراحة، أشعر بشيء من الخوف والقلق عليّ التوقف لبضع دقائق، لكنني أخشى من "مانويل"جديد ومن أشياء أخرى تحول دون وصولي إلى المدينة قبل حلول الليلّ، تابعت طريقي مرغمة، تحت سماءٍ داكنة السُحب، ماطرة حيناً وعاصفةً حيناً آخر.
أتخيل جثامين "مانويل وصديقته"أتسائل كيف لعربات الحياة أن تُطوى فجأة بدون موعد، تسلب الروح ليهوي الجسد بلاحِراك؟ساعات قليلة ويوارى الجثمانين الثرى، لايسترهما سوى قطعة قماشٍ صغيرة، ثم يُذرف التراب فوقهما ذرات ذرات، يتأهب الموتى لاستقبالهما، انقطعت الصلة بالحياة وتمت كلمات ربك.
لم أدر كيف توقفت عن متابعة المسير، أشعر بأنني متعبة جداً نظرتً إلى جانبي الطريق وجدت مطعماً خشبياً أنيق الطلة توقفت على مقربةٍ منه، ونزلت من السيارة ما إن وصلت أمام الباب الرئيسي ألقيت نظرة إلى داخله كانت تتوسطه مدفأة خشبية اتقدت بداخلها أعواد الحطب، وعلى جانبيها اصطفت طاولات بترتيب ريفي، وفوق الأرضيات سجادات يدوية برسوم قوقازية وشيرازية، أما على النوافذ ستائرٌ من الكتان السادة، دخلت ببطء شديد إلى القاعة كانت تشع دِفئاً جلستُ على مقربة من النافذة، متلفتة يميناً ويساراً إنه مطعم أنيق بالغ مالكه بأناقته ليشد انتباه المارة إليه طلبتُ كأساً من الشاي سرعان ماحضر طلبي، كان ساخناً دافئاً استمتعت برشفه كثيراً.
دفعت الحساب، وخرجت إلى سيارتي مُسرِعةً خشيةً أن أتعثر بحدث يُعيق وصولي إلى المدينة قبل حلول الظلام، كان
المساء قد بدأ يسدل بستائره بارداً، كانت الدروب ساكنة، والسماء ملبدةً بالغيوم، الشوارع رطبة، والأشجار التي كانت تجعل من المنعطفات سياجاً أخضر فوضوي الصفوف، بدت عارية تئن برودة، والتلال غطت أفقها قلنسواتٌ بيضاء والمروج التي طربت خلال شهور الصيف بخطوات محبي الطبيعة قاحلةٌ جرداء، أما قلبي قلعة صامدة لا تقوى على كسرها مصائب الزمان.
ومرت ساعات الرحلة بهدوء، بعد عاصفة من أحداث عصفت بصباحها الأخير!ما إن لاحت من بعيد مشارف المدينة بمبانيها الشاهقة بدأت المطر بالهطول بشكل خفيف، تبعه صوت إقلاع طائرة كلما اقتربت سيارتي من الدخول المدينة كلما علا الصوت، ما إن دخلت المدينة حتى ظهرت الطائرة وهي تحلق عالياً كما صقر يعلو متحرراً من قيود الجاذبية متوجاً حارسِاً للسماء، حمل على متنه شبان العملية الصباحية عائدين إلى ديارهم مع تبدل المواسم التي معها تبدلت طقوس اللقاءات اليومية وتغيرت مباهج الحياة الدنيوية.


انتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى















التوقيع

سنلون أحلامنا بأسمائكم. فاستريحوا

  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شريط الأمس علي التميمي الشعر العمودي 16 09-27-2017 10:15 AM
أحلام الأمس علي التميمي الشعر العمودي 16 05-18-2017 04:01 PM
حمامة الأمس صلاح داود الشعر العمودي 11 11-10-2012 01:31 AM
بوح الأمس سوزانة خليل إنثيالات مشاعر ~ البوح والخاطرة 17 11-18-2011 12:30 PM
حبيب الأمس نبيل أحمد زيدان الشعر العمودي 11 10-23-2011 02:37 AM


الساعة الآن 09:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::