هديل الدليمي.. في الميزان النقدي
عمر مصلح
شاعرة عراقية تشتغل على النص الشعري العمودي، وقصيدة التفعيلة، لها صورها الخاصة، ونظامها الخاص بتراكيب خاصة أيضاً، وهذا طبعاً لايعني خروجها عن الوزن الخليلي.
أما في قصيدة النثر فلم أعثر لها على نص، ولا أدري موقفها منها. رغم أنها قادرة جداً على كتابتها، كوني متابع حرفها بدقة وبشكل مستمر، وهذا طبعاً ناتج عن إعجاب أولي بالأسلوب، وبدافع فضول النقد..
تمتلك لغة سليمة، وحساً شعرياً خاصاً، ومعنى خاص هنا أي أنها لم تتناول كل الأغراض الشعرية (على حسب علمي) وربما يكون ذلك لعدم اقتراب بعضها من دائرة علاقات عواطفها.
وقبل ولوجنا عوالم شاعرتنا علينا التذكير بمسلّمات كتابة النص الموزون بغية التذكير أولاً، واعتبار هذا مدخلاً لاشتغالاتها انياً. … فالنص كما هو معلوم، يبدا بفكرة ثم استدعاء المفردات، وهنا أقصد مسألتين، ألأولى مفردات النص كمثابات اشتغال، (بنيوياً) حيث تتحدد العلاقة بين الدال والمدلول اي الشكل والمعنى في التحليل البنيوي، بأنها تبدو نسقاً من الأدلة وتظهر كمجموعات مبنية من العناصر، للتأكيد على الوظائف الداخلية للأنساق، ويختلف مفهوم البنية نتيجة الإختلاف في نظام العلاقات ضمن النسق الكلي.
وبعد تنضيد الكلمات التي تنتهي بحرف روي، يتلوها تنظيم لتحقيق صورة، تحتوي على عمق دلالي محايثة مع متغيرات وتحولات تصب في نفس الطبق رغم تعددها، إلا ان زوايا التناول مختلفة من حيث التراكيب وابتكار لغة بديلة عن المألوف، رغم تطابق الكلمات إلا ان استدعاء المدخلات تصاغ بطريقة تُقرأ وتُفسر بسهولة كمخرجات طبيعية، ولكن جوانيات النص تشي بغير ذلك، وهذا بعض ما يميز الشاعر عن الناظم، وهذا هو الفرق بين هديل الدليمي وبين النظّام.
لذا تلجأ الى نظام اشتغال موزع جغرافياً بحرفنة، بعد استدعاء الإثارة والدهشة، من حيث الأفكار والصور المستحدثة وأنساق (ليس النسق النقدي) تعطي نموذجاً للتفكير الأدبي المنظم كأي مجرم محترف، بتأسيس نظام وصفي بعيد عن الغموض بشكله الظاهر، لكنه لا يمنحه الصورة المطلقة، إذ تموه الدقة بالتعبير عن القضايا الذاتية، بقوالب غير متفق عليها، وكل هذا لتبتعد عن الشخصنة، وهذا - حسب اعتقادي - خاضع لقًوانين تحكم الشاعرة، تبعاً لانحدار طبقي او بيئي او تقليد ونواميس.
وهنا اشتغال على منظومة مشاعر مختلطة بين الوعي والبناء النفسي، وعومل مجاورة كالموسيقا وفلسفة الخلاص، من النكوص الى تجارب وخبرات سابقة، أو العكس.
وانتخابها للنص العمودي الخليلي، المحكوم بصدر وعجز وتفعيلات بعملية رياضية صرفة، ولكن بحروف لا ارقام، تكون أزاء معضلة الحفاظ على النسق الجمالي، والنظم الذي لا يطرب المتلقي الفنان.
ووقع الكثير من الشعراء (النظّام) بهذا المطب، فابتعدوا عن الصورة، وفلت الإيقاع الجمالي، رغم محافظتهم على الإيقاع الوزني، فانتجوا مطولات لا تغني عن جوع.
وهذه طريقة سلبية بالأداء الفني الجمالي، ولذلك تأخروا عن ركب الشعراء الصوريين الملتزمين بنفس القًواعد.
وهذا طبعاً ناتج عن مدارك يحكمها الوعي، والمعرفة التجريبية، ومن هنا ينطلق الشاعر المنتج، (نوعاً وليس كماً) إلى سوح رغباته ودوافعه فيحيلها إلى تشكيلات جمالية بلغة درامية، متموسقة. ويطيب لي استعارة بيت لأبي نؤاس يقول فيه :
إسقني خمراً وقل لي هي الخمر… ولازتسقني سراً إن أمكن الجهر
هنا سأتوقف عند وقل لي هي الخمر، فهل أراد النواسي باستخدام هذه الجملة استواء البيت وزنياً، أم ماذا؟. والجواب الذي أعتقده انا شخصياً، أن النواسي غير محتاج للحشو، خصوصاً وهو أول مجدد للشعر العربي في العصر العباسي، وهو الذي حذف الحشو من البيت..
إذاً هناك سبب آخر، وحسب اعتقادي أقول أنه كان شاعر خمري، وبما أن الخمرة ملموسة ومشمومة ومرئية ومذاقة، وغير مسموعة، لذا أراد إشراك كل الحواس بالخمرة.
ربما أكون مخطئاً، ولكني لم أجدد سبباً آخر.
وهديل الدليمي من هذا النوع، (وهنا لا أريد عقد مقارنة) لكنها تحاول الإبتعاد عن هذا، إلا إذا انقطعت بها السبل، وهذا ليس افتراضاً، بل ناتج عن قراءة وتشخيص، ولم أشأ الإستشهاد بأي نص، كي لا أبتعد عن القضية التي نتحدث عنها.
إذ أن الإبداع عملية عقلية ذكية تتصيد مكامن الاثارة والمتعة عنذ الاكثرية، طبعاً بمفاهيم اخلاقية وواقعية الصورة ومخيالبة التعبير.
وانطلاقاً من نظرة الجمال الافلاطونية نقول ان الجمال نوعان، نوع مرتبط بالمثل والحقائق، وهذا نجده في نصوص المديح والرثاء والفخر.
وننوع حسي نابع من الرغبات وكوامن العقل الباطن.
وقد اشتغلت هديل الدليمي على كليهما.
إذ تطلق العنان لمخيالها بإلهام لا أجده إلا شيطاني، كونه لايمت الى عالم الواقع بصلة من حيث التصوير، في الكثير من نصوصها ولا أقول الكل.. متجاوزة العالم الحسي للتوغل في عالم المشاعر العاطفية في النفس.
وتعريف النفس عند ابن سينا يندرج تحت منهج تحليلي للوظائف ثم يصنفها تصنيفا خاصاً به، ومنهج تركيبي فيرسل الوظائف الى الفطرة بترتيب متصاعد لبلوغ الكمال، وشاعرتنا تدرك هذا تماماً، والنصوص التي استعرناها كعينات لهذا المبحث شاهد على مانقول.
فقامت الشاعرة - لا شعوريا وهو الأرجح - بدمج هذين المنهجين لتصوغ جمله بطريقة مختلفة عن الصياغات النثرية أو العلمية أو الدينية. واجد هذا يقترب كثيراً من مذهب جون ديوي - رغم اعتباره الفن خبرة - ولكنه يؤكد على ان المبدع ينتزع صوره من الواقع ويوظفها تجريبياً.
وتحضرني هنا مقولة الشاعر (رامبو) اذ يقول ان الشاعر المهم هو من يوظف مفردة الشارع شعراً، وهذا ما وحدناه في بعض نصوص الشاعرة الدليمي، هذا أولاً، وثانياً من النادر استخدام المفردات المتروكة او التي تحتاج الى شرح قاموسي، وحسب تقديري ان اسوا الشعر هو الذي يلجئك الى البحث في القاموس.
وارى هذه الشارعرة براغماتية شعرياً أحياناً، ان صح التعبير اذ تؤمن بالتحول والتطور وترفض الجمود، ورب سائل يستغرب استخدام هذا المصطلح الفلسفي، لكنه مايلبث ان يتراجع كون البراغماتية تنزع كل نوازع الفانتازيا في تخيلاتها وانفعًالاتها الذاتية.
لذا نجد قصائدها واقعية الشكل مخيالية التعبير، إضافة إلى أنها لاتميل الى السهل الممتنع ولا توغل بالتوعير اللغوي.
إلا ان هذا لا يعني انها تعمل وفق نظام التسطير والقانون الانشائي للجملة، إذ نجدها في نصوص اخرى تدخل مداخل نموذجية باطر حضارية وتاريخية ولكني لم اقرا لها شيئا اسطورياً مثيولوجيا لحد الآن.
واحيانا نحلل بعض ابياتها، فنجدها تقدم الادراك ثم الفهم
وهذا حسب اعتقادي، (كوني لم اقرا تواريخ كتابة النصوص) مرتبط بمراحل مبكرة، قبل انطلاقها من عقال المحدد.
فعملية الكشف التحليلي ببيان الجزء من الكل مرتبطة بالبحر الذي. يحدد جموح الجملة، كما في الطًويل مثلاً.
أما ثريا نصوصها او العتبات، فغريبة بعض الشيء، حتى أخالها ليست من وضع الشاعرة، بتعبير آخر انهار- وفقاً لما قرأناه - لم تولي هذا الجانب اهتماماً كاهتمامها بالنص، وهذا أيضاً خاضع للذائقة، ومرهون بنوع القارئ ومرجعياته ومداخله التفسيرية.. فهناك من النقاد من يعترض او يتقاطع معي تماماً فيما ذهبت إليه بهذا الصدد.
ومسألة عدم الإستشهاد بنصوص، هذه مرتبطة بنوع القراءة ومحدودية التناول من الإطلاق، فإذا تناولت نصاً سأضطر إلى التقوقع والمكوث في حلقة واحدة، وأنا هنا أريد إبداء رأيي بشاعرية وليس بنص، وهنا أقصد الغالب لا الكل، حسب قراءاتي المحدودة.
ويؤيدني بذلك رأي الشاعر العراب فائز الحداد، حيث يقول هناك نص كبير، ولا وجود لشاعر كبير.
قد يعترض أحدهم على جرأة ما أيدناه، وقبل أن يتناولنا برأي قد يكون غير محسوم ثقافياً ولا معرفياً أقول، آن الناقد عبدالقاهر الجرجاني، الناقد العربي الأول في حينه تناول أهم ثلاثة شعراء، وهم المتنبي ومسلم والأعشى، بثلاثة نصوص مشهورة وأطلق عليها الجناس الممجوج، والأبيات هي :
فقلقت بالهم الذي قلقل الحشا … قلاقل عبس كلهن قلاقل
سلت فسلت ثم سل سليلها … واتى سليل سليلها مسلولا
ولقد غدوت الى الحانوت يتبعني … شاو مشل شلول اشول شول
واما في الشعر الحديث فقد اخفق الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد (وهذا رأي شخصي) بقصيدته النثرية (لا تطرق الباب) التي أعتبرها أسوأ ماقاله هذا الشاعر الذي نسج أجمل قصائد القرن العشرين.
وسبقه الرصافي، بوصف كرة قدم، والزهاوي بالسفور وغيرهم.
وبالعودة إلى عناوين القصائد استذكرت الآن ما قاله الأستاذ الناقد عباس باني المالكي: (إن الاستناد على عنوان النص كركيزة في بؤرة الرؤيا التي تكون ثيمة النص تجعل الناصّ يتراوح بين الاقتراب من المعنى المقارب للدلالات الموحية للعنوان والابتعاد عنه).
وهذا الرأي يقترب إلى ماطرحناه إلى حدود.
إذ أن ثريا بعض النصوص تنير طرقات الاستكشاف، وعتبتة توجب التوقف عندها، كونها زاخرة بمفاتيح تمنحنا حق الدخول إلى عوالم النص.
ومن منطقة تناول أخرى أقول إن الاخذ بالنظر للاستجابات النفسية والانفعالات الحاصلة على النمط السلوكي هي استجابات نفسية من خلال عملية تثوير قضية ما كما ورد في احد نصوص شاعرتنا عن سيدنا الحسين عليه السلام فتولد النص على ابعاد وجدانية متأثرة بمواقف عظيمة من خلال رثائه باسلوب مختلف تماما عن المرثيات الموروثة المعروفة، وهذا لم يات من فراغ حتماً اذ له اسبابه وغاياته المثلى لرسم القيم الجمالية الثورية، ولكن باسلوب حداثوي، بجعل قضية الحسين ثائراً.. قضية مدونة شعرياً، وهو الأبقى او الاهم من التدوين التاريخي الذي قد يغمط حق سيدنا الثائر، وكل حسب دوافعه، كما فعل المستشرق الفرنسي نيكيتا ايليسف في كتاب "الاسلام في العصر الوسيط" اذ جرد سيدنا الامام علي (ع) وسيد الشهداء من أية قيمة ثورية، بل واتهمهما بعدم الكفاءة، وهذا ليس غريباً عن التشويه الذي نشطت به بعض المؤسسات ذات المصالح البعيدة الغايات، ومنها مؤسسات عربية، لا اريد التوقف عندها كي لا نخرج عن دراستنا هذه.
لكني أشير إلى من يقرأ النقود الإنتباه إلى دور النشر، والبحث عن سياساتها، ونهجها التعبوي، وسنتأكد من حجم التشويه.
عيِّنات بحثي البسيط هذا هي النصوص التالية :
(كن لها، اطلالة من شرفة الوهم، برقية اجلة، ابعد من موت، في رحاب من الخشوع، متسع من الزلفى، رحلة في الايثار، ضمأ).
من جماليات النقد التي يتناولها النقد الكبير أ.عمر مصلح، هو ولوجه بعمق لاتجاهات مختلفة من النقد تجعلنا نتسارع في تحويل قبلة النصوص لمناحي تجمع البناء النقدي والفلسفة التي تعتبر ملح النقد في تأجيج الوعي الكامل لجمالياته دون أن يدرك أن المتلقي يتربص لهذا النقد من باب اصطياد الجمال وتحويل قبلة النصوص لمساحات تدعم حاجته في معرفة اتجاه الكاتب أو الشاعر وهو يتناول العمق بين السطور لإخراج النص بما يفي فكره ووعيه بغض النظر عن وعيه في ترتيب الحروف بنائيًا، لذلك بين أروقة هذه اللوحة النقدية استطعنا التوغل في عقلية الناقد وهو يشير بمهاراته نحو تفكيك قيود النص تحت مجهر نقدي بارع، ومعرفة اتجاهات أبعاده التي يريد حياكة جمالية لصاحب النص، وهو يشير بإتقان علمي مدروس مُشبع بأدواته الإبداعية التي تحيلنا لمعرفة ما تحت السطور وربطها بالمدارس النقدية والفلاسفة الكبار كمنهج نقدي بارع..
ففي هذا الميزان النقدي البارع لنصوص الشاعرة الراقية أ.هديل الدليمي، استطاع الناقد وضع شخصية الشاعرة كأسلوب ممنهج للكشف عن اتجاهات كتاباتها، وتحويلها من خام إلى حركة متفاعلة تثير بنا فهم وعي الحرف لدى الشاعرة ، وملامسة فنونها في البناء التركيبي كوحدة جمالية متفردة قد أضاف توسعتها المشرط النقدي البارع..
فهنيئًا للشاعرة البارعة في فنون شعرها الأستاذة المبدعة هديل الدليمي، كونها كانت محور إبداعي لميزان نقدي مذهل متقن مغموس بنظرة نقدية شاملة، استطعنا من خلالها معرفة مناحي ووجهة علم الشاعرة..
بوركتما من ناقد ماهر أ.عمر مصلح ومن شاعرة استحقت ميزان ذهبي في كفة ناقدنا الراقي المتفرد بعلمه وأدواته النقدية المختلفة..
هنيئًا لنا بهذا العمل المتقن الذي أضاف على النقد جماليات مختلفة..
وفقكم الله ورعاكم
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
رائع وباذخ وفريد...
أين كنت يا رجل...؟ وكيف تغيب عن هذا المكان كل هذه المدة؟
بات من الواجب علينا تقييدكم هنا حفاوة بذائقتنا وتشريفا لأمزجتنا الأدبية
وحرصا منا على التثقف والقراءة الموجهة والمطالعة الهادفة
وغيرة على اللغة العربية وعليكم، أنكم تكتبون في هذا المكان
وترفدونه بكل أنيق وجميل وباذخ وفاره وهادف ومتألق.
الحقيقة أنني أغبطتني لانتمائي لهذا المكان والصرح الكبير الذي فيه أمثالكم والأستاذة جهاد
لأن هذا رقي بحد ذاته... ربما هو عشقي للغة العربية، وغيرتي عليها
ما تجعلني أنظركم كقديسين في ترسيخ رسالاتها القيّمة والجليلة...
على كل حال...
فيما يخص هذه القراءة والأديبة الشاعرة الأخت هديل الدليمي
فشهادتنا مجروحة في حقها، وفي حق أدبها الراقي والمتميز
وهذه القراءة -بأدواتكم الخبيرة- أبانت عن أثر شخصية الشاعر وتأثره بوسطه المحيط
وانطباع هذا على أدبه، إذ أنها شاعرة مطبوعة جدا، وهذا يضيف إلى صدقها صدقا.
شكرا لكم أديبنا الراقي والكبير
والشكر لجهدكم المتواصل والجميل، لما تتحفونا به من كل أنيق ومتألق ومفيد.
دمتم بخير وألق
محبتي والاحترام
ببراعة فنان وحذاقة ناقد سبرتم أغوار فكري واقتنصتم من أعماقه جمالا تفرشونه على بسط العرض في رؤية نقدية شاملة ومائزة لا تكون إلاّ بيراع أديب متمكّن يعرف كيف يسلّط أضواءه الكاشفة على زوايا كامنة معلنا ماهيّتها
فليس كلّ من يمرّ بأديب أو ناصّ يستطيع أن يرى أبعاده ويخرج جواهره ومراميه
سعيدة بهذه البادرة الطيبة التي حلّقت بي إلى ما شاء كرمكم وأبعد.
ما زلت أراني صغيرة في الشعر محاولة التحليق بأجنحة قصيرة ناعمة بالكاد تطير
أحترم قصيدة النثر وكُتّابها، وأؤمن بها كجنس لطيف متحرّر رغم التزامه، يترجم الأفكار بأسلوب سلس متأبّه ويفرض أهميته على الوسط الأدبي باقتدار
حاولت كتابة النثر رغم ميولي الأكبر للموزون وخرجت بنصّين متواضعين لكي لا أُتهم بمعاداته وأُعدّ من مناصريه.
نعم لم أقترب من جميع الأغراض الشعرية كما أشرتم وذلك لأني متقاعسة ربما ومنعزلة بطبعي وقد انعكس الطبع على النصوص ووضع جيناته على صفحات البوح.
أذهلتني استعاراتكم الذكيّة للأبيات وشرحكم وتحليلكم الدقيق الذي لا يصدر إلاّ عن مثقّف مطّلع، وأشعر أنّ ما لديّ في هذا الصدد هي فطرة شعريّة و علم ذاتي تخلقه الموهبة وتصقله التجربة، بغضّ النظر عن المهارات المكتسبة التي قد لاتؤتي أكلها دائما
وأقول عن تجربة أنّ ما ينبع من القلب ويخرج من الأعماق يصل لقلب المتلقّي مباشرة وبلا أدنى واسطة، بعكس من يتّبع أسلوب التكلّف والمبالغة والتقليد لمن يحسبهم أفضل منه وما أكثر هذه النماذج التي لا تدرك حجم خسارتها لسمعتها الأدبية وجمهورها المرجو
وبرأيي تألّق الشاعر وحجمه ببساطته وتواضعه المدروس الذي يحبّذه الناس ويستسيغه الشارع.
أما ما أشرتم إليه بخصوص عناوين النصوص أنا معكم في أنها تختزل المعنى العام للنص وفيها من التشويق ما يثير فضول القارئ للمتابعة إلاّ أنّ هذا لا ينطبق على كلّ الأجناس خصوصا الشعرية الموزونة كالعمودي والتفعيلة كونها لا تحتوي على قصّة أو لغز وتكثيف ورمزية كما في الــ ق ق ج والومضة والنثر والمقالات وغيرها.
ختاما أقول لقد تغلغلتم في تكويني النفسي والعاطفي من خلال نصوصي المتواضعة بدقّة متناهية عبر مجهر علومكم الفيّاضة لتمنحوا الجمال جمالا
وهذا ليس بغريب عليكم كأديب قدير يأبى أن يفارقه الإبداع كاتبا وفنانا ومتذوقا وناقدا
شكرا على متعة وجدتها في متابعة طريقتكم في النقد وأسلوبكم في تذوّق الكلمة والمعنى
شكرا لهذا الجهد الهائل والإبحار العميق الذي أبهرني وأدهش حرفي الفقير فحلّق طربا وتراقص بجناح من نشوة، وآخر من خيلاء
لا حرمنا الله فيوض غيثكم.
وللمبدعين الأنقياء أ. جهاد بدران وأ. ألبير ذبيان كلّ الشكر لاحتفائهما.. فكم أعتز برأييهما وأثمن تشجيعهما راجية أن أكون عند حسن ظنّ الجميع
انحناءة يكتنزها الود ويعطّرها الورد ويبللها الندى.
من جماليات النقد التي يتناولها النقد الكبير أ.عمر مصلح، هو ولوجه بعمق لاتجاهات مختلفة من النقد تجعلنا نتسارع في تحويل قبلة النصوص لمناحي تجمع البناء النقدي والفلسفة التي تعتبر ملح النقد في تأجيج الوعي الكامل لجمالياته دون أن يدرك أن المتلقي يتربص لهذا النقد من باب اصطياد الجمال وتحويل قبلة النصوص لمساحات تدعم حاجته في معرفة اتجاه الكاتب أو الشاعر وهو يتناول العمق بين السطور لإخراج النص بما يفي فكره ووعيه بغض النظر عن وعيه في ترتيب الحروف بنائيًا، لذلك بين أروقة هذه اللوحة النقدية استطعنا التوغل في عقلية الناقد وهو يشير بمهاراته نحو تفكيك قيود النص تحت مجهر نقدي بارع، ومعرفة اتجاهات أبعاده التي يريد حياكة جمالية لصاحب النص، وهو يشير بإتقان علمي مدروس مُشبع بأدواته الإبداعية التي تحيلنا لمعرفة ما تحت السطور وربطها بالمدارس النقدية والفلاسفة الكبار كمنهج نقدي بارع..
ففي هذا الميزان النقدي البارع لنصوص الشاعرة الراقية أ.هديل الدليمي، استطاع الناقد وضع شخصية الشاعرة كأسلوب ممنهج للكشف عن اتجاهات كتاباتها، وتحويلها من خام إلى حركة متفاعلة تثير بنا فهم وعي الحرف لدى الشاعرة ، وملامسة فنونها في البناء التركيبي كوحدة جمالية متفردة قد أضاف توسعتها المشرط النقدي البارع..
فهنيئًا للشاعرة البارعة في فنون شعرها الأستاذة المبدعة هديل الدليمي، كونها كانت محور إبداعي لميزان نقدي مذهل متقن مغموس بنظرة نقدية شاملة، استطعنا من خلالها معرفة مناحي ووجهة علم الشاعرة..
بوركتما من ناقد ماهر أ.عمر مصلح ومن شاعرة استحقت ميزان ذهبي في كفة ناقدنا الراقي المتفرد بعلمه وأدواته النقدية المختلفة..
هنيئًا لنا بهذا العمل المتقن الذي أضاف على النقد جماليات مختلفة..
وفقكم الله ورعاكم
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
ألأستاذة الناقدة جهاد بدران الرصينة.. تحايا وتقدير.
لا يخفى على وعيكم الكبير ودرايتكم المبنية على أسس علمية وأدبية وتجارب نقدية، أن النقد هو المختبر التحليلي للنصوص، المرتكز على نظريات أدبية وفلسفية وعلمية، إضافة إلى دراية تامة بمناهج واتجاهات ومداخل النقد.
فبعد قراءاتي لبعض نصوص الشاعرة هديل الدليمي شعرت باختلاف واضح عن كثير من الشعراء، وهنا لا أفصل بين الشواعر والشعراء، (إذ لا أؤمن بمصطلح الشعر النسوي والشعر الذكوري) مما جعلني اقتحم متصفحها، لقراءة نصوص كثيرة، استغرقت مني ساعات طوال، فانتخبت عيّنات منها متذبذبة المستوى التصويري وليس النظمي.
فخلصت لقراءتها نصياً، من حيث التقبل الذوقي والدراسة النفسية ومنتجاتها على الشخصية والاستشهاد بآراء وأقوال من أوردت ذكرهم في القراءة وبما مَنَّ الله عليَّ من معرفة بسيطة.
فأنتجت ماقراتموه، مراعياً المدخلات والمخرجات والانتقالات وجوانيات النص ومحفزات الكتابة.. إلخ.
وأستغل تعقيبي على مداخلة فخامتكم للإعلان عن مشروع كتابة قراءة تفكيكية عن اشتغالاتكم الشعرية والنقدية، لما تمتلكونه من أهمية في هذين المجالين، وأسأل الله التوفيق.
مرور طاقة بحجمكم المهم بمثابة شهادة كبيرة سيذكرها التأريخ النقدي ذات يوم.
كل الحب والإحترام لجنابكم سيدتي.
رائع وباذخ وفريد...
أين كنت يا رجل...؟ وكيف تغيب عن هذا المكان كل هذه المدة؟
بات من الواجب علينا تقييدكم هنا حفاوة بذائقتنا وتشريفا لأمزجتنا الأدبية
وحرصا منا على التثقف والقراءة الموجهة والمطالعة الهادفة
وغيرة على اللغة العربية وعليكم، أنكم تكتبون في هذا المكان
وترفدونه بكل أنيق وجميل وباذخ وفاره وهادف ومتألق.
الحقيقة أنني أغبطتني لانتمائي لهذا المكان والصرح الكبير الذي فيه أمثالكم والأستاذة جهاد
لأن هذا رقي بحد ذاته... ربما هو عشقي للغة العربية، وغيرتي عليها
ما تجعلني أنظركم كقديسين في ترسيخ رسالاتها القيّمة والجليلة...
على كل حال...
فيما يخص هذه القراءة والأديبة الشاعرة الأخت هديل الدليمي
فشهادتنا مجروحة في حقها، وفي حق أدبها الراقي والمتميز
وهذه القراءة -بأدواتكم الخبيرة- أبانت عن أثر شخصية الشاعر وتأثره بوسطه المحيط
وانطباع هذا على أدبه، إذ أنها شاعرة مطبوعة جدا، وهذا يضيف إلى صدقها صدقا.
شكرا لكم أديبنا الراقي والكبير
والشكر لجهدكم المتواصل والجميل، لما تتحفونا به من كل أنيق ومتألق ومفيد.
دمتم بخير وألق
محبتي والاحترام
ألأستاذ الشاعر ألبير ذبيان الموقر.. طابت أوقاتكم.
إبتعادي عن هذا المكان كان مرهوناً بموقف قد ترونه بسيطاً قياساً بالانتماء والوفاء للمكان، لكن حين يستعدى على شخصي تكون ردة فعلي محكومة بأمرين، فأما أن أستحضر تحضري، بالاستماع لصوت الحكمة، وأمتثل لمقولة الإمام المرتضى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيث قال "عظّموا أنفسكم بالتغاضي" ولما قاله المتنبي العظيم "وإذا أتتك مذمتي من ناقص…فهي الشاهدة لي بأني كامل" أو تطغى عليَّ بداوتي، فأستنفر كل شراستي.. فلجأت إلى المنزلة بين المنزلتين - رغم أني لست معتزلياً، ولست مذهبياً بالمرّة إذ أنا مؤمن والحمد لله، لكني لا أنتمي إلا لوعيي - وتصرفت وفقاً لذلك، وغادرت المكان.
أما عودتي فكانت لسببين، اولاً انتمائي للمكان الذي أشغله، وأولاً أيضاً نزولاً عند رغبة مَن لا أستطيع رد طلباتهم.
وتبقى كلمات ترحيبك واعتزازك بي وبما أكتبه دين عليَّ كبير. وكما يعرفه السابقون عني أنا لا أخون رجولتي بأي اتجاه، واشتراطات التواجد في المكان كثيرة، ومن أهمها احترام الآخر شخصاً واشتغالاً، لذا شرعت بكتابة مايمليه عليَّ الضمير والقوانين السماوية المقدسة والأمانة الأدبية، وكانت قراءتي عن الشاعرة الأستاذة هديل الدليمي ومَن سبقها ضرورة أدبية وأخلاقية ومهنية.. ولكي أكون واضحاً مع سيادتك أكثر أن كتابة (هديل الدليمي في الميزان النقدي) صادرت من وقتي القرابة ساعة أو أكثر في ظرف تموزي عراقي مع غياب الحضارة (الكهرباء)، بعد ساعات طويلة من قراءة نصوصها، وتأشير الهوامش، لرسم جغرافية النص.. إلا أن هذه القراءة منقوصة، وقد اجتزأتها قصداً كي لا أُجهد القارئ الكريم بنص أطول من أيام تموز الحارق.. ولي عودة عليها إن شاء المولى جل في علاه.
الشكر موصول لحضراتكم على حسن الإصغاء والتعاطف مع المادة.
عذراً عن الإسهاب، وجزاكم الله خير الجزاء.
ببراعة فنان وحذاقة ناقد سبرتم أغوار فكري واقتنصتم من أعماقه جمالا تفرشونه على بسط العرض في رؤية نقدية شاملة ومائزة لا تكون إلاّ بيراع أديب متمكّن يعرف كيف يسلّط أضواءه الكاشفة على زوايا كامنة معلنا ماهيّتها
فليس كلّ من يمرّ بأديب أو ناصّ يستطيع أن يرى أبعاده ويخرج جواهره ومراميه
سعيدة بهذه البادرة الطيبة التي حلّقت بي إلى ما شاء كرمكم وأبعد.
ما زلت أراني صغيرة في الشعر محاولة التحليق بأجنحة قصيرة ناعمة بالكاد تطير
أحترم قصيدة النثر وكُتّابها، وأؤمن بها كجنس لطيف متحرّر رغم التزامه، يترجم الأفكار بأسلوب سلس متأبّه ويفرض أهميته على الوسط الأدبي باقتدار
حاولت كتابة النثر رغم ميولي الأكبر للموزون وخرجت بنصّين متواضعين لكي لا أُتهم بمعاداته وأُعدّ من مناصريه.
نعم لم أقترب من جميع الأغراض الشعرية كما أشرتم وذلك لأني متقاعسة ربما ومنعزلة بطبعي وقد انعكس الطبع على النصوص ووضع جيناته على صفحات البوح.
أذهلتني استعاراتكم الذكيّة للأبيات وشرحكم وتحليلكم الدقيق الذي لا يصدر إلاّ عن مثقّف مطّلع، وأشعر أنّ ما لديّ في هذا الصدد هي فطرة شعريّة و علم ذاتي تخلقه الموهبة وتصقله التجربة، بغضّ النظر عن المهارات المكتسبة التي قد لاتؤتي أكلها دائما
وأقول عن تجربة أنّ ما ينبع من القلب ويخرج من الأعماق يصل لقلب المتلقّي مباشرة وبلا أدنى واسطة، بعكس من يتّبع أسلوب التكلّف والمبالغة والتقليد لمن يحسبهم أفضل منه وما أكثر هذه النماذج التي لا تدرك حجم خسارتها لسمعتها الأدبية وجمهورها المرجو
وبرأيي تألّق الشاعر وحجمه ببساطته وتواضعه المدروس الذي يحبّذه الناس ويستسيغه الشارع.
أما ما أشرتم إليه بخصوص عناوين النصوص أنا معكم في أنها تختزل المعنى العام للنص وفيها من التشويق ما يثير فضول القارئ للمتابعة إلاّ أنّ هذا لا ينطبق على كلّ الأجناس خصوصا الشعرية الموزونة كالعمودي والتفعيلة كونها لا تحتوي على قصّة أو لغز وتكثيف ورمزية كما في الــ ق ق ج والومضة والنثر والمقالات وغيرها.
ختاما أقول لقد تغلغلتم في تكويني النفسي والعاطفي من خلال نصوصي المتواضعة بدقّة متناهية عبر مجهر علومكم الفيّاضة لتمنحوا الجمال جمالا
وهذا ليس بغريب عليكم كأديب قدير يأبى أن يفارقه الإبداع كاتبا وفنانا ومتذوقا وناقدا
شكرا على متعة وجدتها في متابعة طريقتكم في النقد وأسلوبكم في تذوّق الكلمة والمعنى
شكرا لهذا الجهد الهائل والإبحار العميق الذي أبهرني وأدهش حرفي الفقير فحلّق طربا وتراقص بجناح من نشوة، وآخر من خيلاء
لا حرمنا الله فيوض غيثكم.
وللمبدعين الأنقياء أ. جهاد بدران وأ. ألبير ذبيان كلّ الشكر لاحتفائهما.. فكم أعتز برأييهما وأثمن تشجيعهما راجية أن أكون عند حسن ظنّ الجميع
انحناءة يكتنزها الود ويعطّرها الورد ويبللها الندى.
الشاعرة الآستاذة هديل الدليمي.. مد الله عطاءكم.
ذكرت في تعقيبي على مداخلة الشاعر الأستاذ ألبير ذبيان، أن هذه القراءة مجتزأة، ولي إليكِ عودة، كي نفي بعض حقك، كون حقك كاملاً غاية لا أستطيع بلوغها.
وددت تقديم شكري وامتناني لعطوفتكم عن توضيح ماجهلناه من اشتغالاتكم، وعن أسلوب الرد الذي ينم عن أرستقراطية عالية، حيث أن الأرستقراطية سلوك، فأمتعتني نعومة الكلمات وصدق التعبير ودماثة الخلق، بهدوء الليل وسكونه.
ولنا مصافحة ثانية إن شاء الله.
إحترامي.
هديل الدليمي
لوحة شعرية ناطقة
و أستاذنا القدير /عمر مصلح
فنان يملك ترف الألوان وبيده مقودها
..
دمتما للشعر يارائعي 🌹
نعم هي لوحة شعرية كما تفضلتم، فالرسم نص لوني، أو موسيقا صامة، كما أسماها جان بول سارتر، والكتابة لوحة حروفية، أو رقصة غرائبية كما أسماها طاغور.
وقد ورد في كتاب "الفلسفة اللغوية والالفاظ العربية" لجرجي زيدان قوله :
"النحت ناموس فاعل على الالفاظ وغاية ما يفعله فيها انما هو الاختصار في نطقها تسهيلا للفظها واقتصادا في الوقت بقدر الامكان"
وهذا ما لمسناه من اشتغال الشاعرة الأستاذة هديل الدليمي، وللتوضيح أقول أن الدليمي لم تشتغل على النحت المتعارف عليه بدمج كلمتين أو أكثر اختصاراً بكلمة، مثل البسملة والحوقلة والهرولة والدحرجة.. إلخ.
لكنها نحتت صوراً من مفردات يصعب توظيفها لهذه المعاني، وبأقل حروف ممكنة، وهذا ما سنكشف النقاب عنه في الجزء الثاني من قراءتنا.
شكراً لإطرائكم الذي قد لانستحق بعضه.
ألأستاذ الشاعر ألبير ذبيان الموقر.. طابت أوقاتكم.
إبتعادي عن هذا المكان كان مرهوناً بموقف قد ترونه بسيطاً قياساً بالانتماء والوفاء للمكان، لكن حين يستعدى على شخصي تكون ردة فعلي محكومة بأمرين، فأما أن أستحضر تحضري، بالاستماع لصوت الحكمة، وأمتثل لمقولة الإمام المرتضى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيث قال "عظّموا أنفسكم بالتغاضي" ولما قاله المتنبي العظيم "وإذا أتتك مذمتي من ناقص…فهي الشاهدة لي بأني كامل" أو تطغى عليَّ بداوتي، فأستنفر كل شراستي.. فلجأت إلى المنزلة بين المنزلتين - رغم أني لست معتزلياً، ولست مذهبياً بالمرّة إذ أنا مؤمن والحمد لله، لكني لا أنتمي إلا لوعيي - وتصرفت وفقاً لذلك، وغادرت المكان.
أما عودتي فكانت لسببين، اولاً انتمائي للمكان الذي أشغله، وأولاً أيضاً نزولاً عند رغبة مَن لا أستطيع رد طلباتهم.
وتبقى كلمات ترحيبك واعتزازك بي وبما أكتبه دين عليَّ كبير. وكما يعرفه السابقون عني أنا لا أخون رجولتي بأي اتجاه، واشتراطات التواجد في المكان كثيرة، ومن أهمها احترام الآخر شخصاً واشتغالاً، لذا شرعت بكتابة مايمليه عليَّ الضمير والقوانين السماوية المقدسة والأمانة الأدبية، وكانت قراءتي عن الشاعرة الأستاذة هديل الدليمي ومَن سبقها ضرورة أدبية وأخلاقية ومهنية.. ولكي أكون واضحاً مع سيادتك أكثر أن كتابة (هديل الدليمي في الميزان النقدي) صادرت من وقتي القرابة ساعة أو أكثر في ظرف تموزي عراقي مع غياب الحضارة (الكهرباء)، بعد ساعات طويلة من قراءة نصوصها، وتأشير الهوامش، لرسم جغرافية النص.. إلا أن هذه القراءة منقوصة، وقد اجتزأتها قصداً كي لا أُجهد القارئ الكريم بنص أطول من أيام تموز الحارق.. ولي عودة عليها إن شاء المولى جل في علاه.
الشكر موصول لحضراتكم على حسن الإصغاء والتعاطف مع المادة.
عذراً عن الإسهاب، وجزاكم الله خير الجزاء.
***************
**
*
إنما نحن ضيوف على صفحات النقاد الأكارم
نستلهم منها أسرار لغتنا العظيمة، ونتتبع عطرها الفواح بمداد أقلامهم النحريرة.
وإنه لتشريف لنا، أن نحضر هذه المآدب الزاخرة بالرقي والألق، نشحذ بها قرائحنا،
ونصقل مواهبنا، وننمي خاصية استقرائنا وفهمنا لأدبنا الراقي والجليل...
الناقد في عالم الأدب -سيدي الأديب- يشبه عالم الفقه، هذا ما أراه وأتلمسه،
وله علينا حق الأعلمية، احتراما واتباعا وحفاوة واحتراما وشكرا كبيرا على هداهُ لنا.
فأهلا بنا مجددا في ضيافتكم الكريمة.
دمتم بخير وعطاء وجمال، وعذرا عمن أخطأ في حقكم، أتحملها عنه، وأتمنى منكم القبول.
محبتي والاحترام