الإبجرام هو فن من فنون الشعر الذي أشار إليه الدكتور طه حسين في كتابه جنة الشوك الّذي يقول فيه :
[ شعر قصير يمتاز بالتأنق الشديد في اختيار الفاظه بحيث يرتفع عن الألفاظ المبتذلة ؛ دون أن تبلغ رصانة
اللفظ الّذي يقصد إليه الشعراء الفحول في القصائد الكبرى ]. كما أشار إليه الدكتور الشاعرعز الدين اسماعيل
في مقدمة ديوانه [ دمعة للأسى دمعة للفرح ]. أن كلمة أبيجراما نفسها كلمة مركبة في اللغة اليونانية من كلمتين هما :
Eposs graphin ومعناها الكتابة على شيء . وفي البداية كانت تعني النقش على الحجر في المقابر احياء لذكرى المتوفي
أو تحت تمثال لأحد الشخوص ،وإذا ما تأملنا جيدا هذا الفن من الشعر نجده عند شاعرين من شعراء العربية أحدهما في العصر
العباسي والثاني في العصر الحديث ؛ فالأول هو الشاعر جحظة البرمكي الّذي إذا تأملنا ديوانه نجده عبارة عن أبيات لا تتجاوز
المقطوعات ؛ لكنها تحمل رسائل اجتماعية هادفة لما تحتويه من حكمة أو هجاء ساخر تصل بسرعة إلى المتلقي فإذا أخذنا نموذجا
من ديوانه نجده يقول :-
سجدنا للقرود رجاء دنيا ** حوتها دوننا أيدي القرود
فلم ترجع أناملنا بشيء ** رجوناه سوى ذلّ السجود
ويقول في موضع آخر :-
غلط الدهر بما أعطاكم ** وفعال الدهر جهل وغلط
ويقول في موضع آخر:-
ولا عن رضا كان الحمار مطيتي ** ولكنّ من يمشي سيرضى بما ركب
هذه أمثلة عن شعر جحظة وفي شعر ه نماذج كثيرة من هذا القبيل ؛ أما الشاعر الثاني فهو الشاعر الثائر أحمد مطر الّذي نلمس
ما يشبه فن الإبجرام في شعره خاصة اللافتات ومن نماذج شعر أحمد مطر الصدى الذي يقول فيها:-
صرخة الصدى : لا
من شدة الألم
لكن صدى صوتي
خاف من الموت
فارتدّ لي : نعم
ويقول في الموجز:-
ليس في الناس أمان
ليس للناس أمان
نصفهم يعمل شرطيا لدى الحاكم
... والنصف مدان
وفي تهمة يقول :-
ولد الطفل سليما
ومعافى
طلبوا منه اعترافا.
ومهما يكن فإن فن الإبجرام كشعر يبقى له كتابه وتبقى له خصائصه ؛ وأن ما كتبناه هنا يبقى مجرد انطباع لا غير ومع هذا الإنطباع
يبقى السؤال معلقا. هل شعر هؤلاء الشعراء من فنون شعر الإبجرام.؟
----------------------
المراجع:- أشعار جحظة البرمكي
- أروع قصائد أحمد مطر/ محفوظ كحوال
- شعر الإبجرام تغريف ونماذج / للدكتورحسن عبيد. منتديات كل الطرق