ولقد طمعت في صحبتك وأنت تؤدي العمرة / رسالة الى أخي
لقد صحبتك يا أخي إذا لا يكون ذلك جسديا فقد تم لي ذلك روحيا وأنت تقوم باداء مناسك العمرة وتجوب أطراف الحجاز وأنا أتخييل ادائك المناسك و وثوبك عليها والاضطلاع بأعبائها بكل شوق ولهفة وحمية.
وحاولت صباح مساء الدخول معك في حديث هاتفي عبر هاتفك النقال لكن دون طائل اذ أنك كنت تغلق هاتفك النقال عن عمد كيما لا تخلط أخلاط الحديث بالصريح منه والمرغوب فيه . ولذا أحكمت الطوق على هاتفك النقال فلم أسطع النفوذ من خلاله اليك . ومن خلال ذلك الطوق كرست لسانك ونفسك للدعاء والأبتهال الى صاحب البيت العتيق ورمت أن تكون حمامة من حمامات الحرم التي لم تلوث قدسية أنفاسها ,وعبر الحقب والأزمان , عدوى الزمن لا في سقوطه الخلقي ولا في تطوره التقني .
وهكذا لم تسنح لي السانح في الحديث معك عبر هاتفك النقال ربما خوفا منك من أن يهبط منسوب هواك المشحون بالروح والروحانية لكنني بالمقابل كنت أتمنى أن أكلمك ولو حرفا كيما أتحسس ولو نفحة قدسية أو عدوى القدسية ولو من وراء جدار أو من وراء فضاءات لا يكهرب قدسيتها سوى روح أو أرواح الكائن العلوي وهي لا تنكفء على ذاتها ولو هنيهة أو طرفة عين من الزمن . كنت أتمنى أن أتعرف على مكنون صدرك وأنت تعتمر . وأتمنى أن تفضي إلي لسان حالك وأنت تتمرغ في هواء الحجاز ونفحاته البيئية , المقدسة منها وغير المقدسة .
ونزولا عند رغبتك أجريت عدة مكالمات مع أبنائك عبر جوال العائلة أو رقم العائلة الجمعي أو الفانوس كما تدأبون على تسمية الرقم . فتكلمت مع عدد من أبنائك الصغير منهم والكبير دون أن أستفيض في الحديث . وحرصت أن يكون حديثي معهم مقتضبا . مزخرفا في أحرف . وأن أكون بليغا دون أن أميد ولو حرفا يمنة ويسرة. وكأنه كان يخطر لي وأنا أحدثهم مقولة عمرو بن العاص في البلاغة والقول البليغ . وكنت وبإقتضاب أفاضل الكبير منهم بالسن على ما يقاربه من السن . وأظهر لواحدهم خصيصة يختص بها دون الآخر وأحسست أن لحفيدك الكبير سلطانا مطلقا على إخوانه ولا أحد يحلم أو يحلو له منازعته في مقامه أو مقاله .
ولوادي العائلة ( وادي النمل الصغير ) دبيب وكأنها أصلا من أصول وادي النمل (وادي النمل الكبير ) ذلك الوادي الذي يزخر بالعطاء و يفيض على العائلة بخيراته عاما بعد عام .