العطاء سفينة نوح التي يركب فيها المخلصون لروعتهم ، ليفلتوا من طوفان الأنانية والتشوه الأخلاقي في زمن ٍ يرتدي غياب المعايير والقيم التي يصيح عليها خلاصنا البشريّ .
العطاء هو جوهر الوجود ، وروحه التي تلمع في صميم مكوناته ، فإذا نظرنا للسماء نجدها تمطر ، ولا تطلب أجراً ، والأرض تنبت ،ولا تبغي ثمناً ، والشمس تشرق بألقها المعطاء ، ولا تطلب يوماً للراحة ، أو تعتذر يوماً عن عدم الشروق .
لأجل من يحدث كل هذا ؟ لأجل من يفجر الوجود طاقاته ؟؟ ويتبارى في عطاءاته ؟!
لا تحتاج الإجابة لبعيد نظر ، فكل تلك العطاءات التي يفيض بها الوجود هي من أجل الإنسان ، فهل يتعلم الإنسان العطاء مما حوله من مظاهر الطبيعة ؟؟ إن الإنسان الذي لا يعطي يصبح خارج منظومة الوجود ، وعنصرا شاذاً في مكوناته .
لا شك أن هناك بعض مظاهر العطاء التي ينجبها الإنسان ، تستحق أن ترسو عندها الإشادة ، وأن يتشبث بها السموق .
ها هي الأم تضحي براحتها ، بل قد تضحي بحياتها في سبيل راحة أبنائها ، ولا تبالي بما تلاقي من تعب وسهاد ، بل تستلذ بأن تعطي ، وكأنها خلقت لتدمن العطاء ، مما يدل على أن الإنسان يملك أن يعطي ، وأن يرتفع في مستوى عطاءاته إلى ذرى بعيدة .
وكم من أناس ضحوا في سبيل أفكار ومبادئ وعقائد منحوها اخضرار أرواحهم ، وظلوا على إصرارهم حتى تفتحت أحلامهم ، وعطرت جسد التاريخ ، وما زالت خطاهم قدوة للأجيال القادمة .
إن الإنسان الذي يبخل ، يقتل في نفسه خمائل وحدائق يمكن أن يستظل بها ضميره ، والبخل هنا ليس البخل المادي فقط ، فكما أن للعطاء دروباً كثيرة ، يمكن أن يمشي فيها الذين آمنوا به ـ منها ما هو حسي وما هو معنوي ـ فكذلك البخل له من يعشقون سبيله ، وما أتعسهم ، فلا يربح إلا من يعطي ، وقمة ما يمكن أن يربحه الإنسان هي الجنة ، والنبي صلي الله عليه وسلم يقول ( لا يدخل الجنة بخيل ) وهذا أمر طبيعي فمن لم يعط ِ كيف يطمع في عطاء الله ؟ !!!
وإذا أردنا أن ينتشر العطاء ، ينبغي أن نربي أبناءنا علي مبادئ العطاء والإيثار حتى يتحول العطاء إلى عادة لديهم ، فكما نربي الأبدان ينبغي أن نربي فيهم الإحسان ، وأن نعلمهم أنهم عندما يحسنون إلى غيرهم فإنهم يحسنون إلى أنفسهم ، فالعطاء هو الحقل الذي يزرع فيه المرء نقاءه الإنسانيّ ، فيقطف البهجة والحب ، ويرتقى المجتمع في ذوقه وأخلاقه .
وإذا نظرنا لما نتمتع به من تقدم وازدهار في عصرنا الحالي ، نجد أنه ثمار وعطاءات أجيال سابقة وعصور ماضية ، فإذا كان العطاء الإنساني هرماً فنحن اليوم نقف على قمة هذا الهرم ، ومن يأتون بعدنا سوف يقفون مكاننا ، ويتمتعون بثمار اختراعنا ومنجزاتنا ، كما قد تمتعنا بما أنجزه أسلافنا .
وإذا كان فيلسوف الشك ديكارت يقول : أنا أشك إذن أنا موجود ، فإنني في بردة اليقين أقول : أنا أعطي إذن أنا موجود ، فالعطاء هو حياة الحياة .
بقلم : ياسر الششتاوي
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 08-14-2010 في 12:41 AM.
مقالك هذا
أعاد الى ذهني نص كتبته يوماً سأضعه هنا ليكون مشاركتي في الموضوع
العطاء
\
فيض من الحنان
من الحب
من الرحمة
\
العطاء ما تمنحة للأخر
ويمنحة الأخر لك
هو
شجرة مثمرة
نهر دافق
بحر عميق
فضاء منير
قلب كبير
العطاء بدون مقابل
يعطى من
أب
أُم
أخ
زوج
صديق
حبيب
معلم
جار
ومن غريب أحيانا
\
العطاء الصادق
لا يعرف النقاق
لا يعرف الغش
لا يعرف التلون
لا يعرف الكذب
\
مفعم
بالمحبة
والصدق
والتفاني
والأخلاص
\
قد يكون
موقف
كلمة
إبتسامة
لمسة
أهتمام
مساعدة
همسة
هدية
يد حنون
مشاعر صادقة
من القلب
\
تنعش الروح
تريح النفس
تلملم الاشلاء
تمد القوة
تنير الأمل
تجبر الخاطر
ُتعمر السعادة
ُتمتن الروابط
تنقذ المحتاج
تُبعد الحزن
تزيل الهموم
تطفأ النيران
تقوي الأيمان
أزرعه
في
طريق الحياة
لمن تراه بحاجتك
ليزرعه
الآخرين لك
\
عواطف عبد اللطيف
8\2\2008.
سمحت لنفسي بتكبير حروف المقال
التوقيع
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 08-14-2010 في 12:43 AM.